الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (26): السياسة المصرية وزيارة أخرى لليابان

عبير ياسين

2011 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


على مدار الأيام الأخيرة وخاصة خلال الساعات الأخيرة تصاعد الخطاب فى مصر حول استقالة رئيس الوزراء، وهى الاستقالة التى رأى البعض أن أسبابها متوفرة بالفعل فى ظل عدم تنفيذ إلتزامات حكومة الدكتور عصام شرف بما أعلنته، وفى ظل استمرار العديد من المشكلات وتفاقمها دون تقديم تصور واضح لمواجهتها. مضافا إليها التعامل مع أحداث السفارة الإسرائيلية سواء قبل أو أثناء أو بعد الأحداث.

وفى حين تتسم السياسة فى مصر عل مدار عقود بأنها تسير فى اتجاه واحد، وأن بابها يغلق بمجرد المرور منها بما يحفظ السياسى فى مكانه منسيا لعقود. فأن السياسة فى اليابان على العكس تماما، فهى سياسة الباب الدوار، فبمجرد دخول السياسى من جانب يكون الجانب الآخر فى انتظاره من أجل الخروج كما دخل.

تلك النقطة تحديدا تميز السياسة اليابانية بصورة قد لا تتواجد فى غيرها من النظم، ولعل مما يثير الاهتمام بها حقيقة الاستقرار السياسى القائم. فرغم التغير السريع فى المناصب، وقصر مدة البقاء فى السلطة، تبقى الصورة السياسية الكلية مستقرة ومستمرة فى ظل الدستور والقوانين والمؤسسات. دون إنكار ما يرتبط بها من قلق مشروع حول انعكاساتها على صورة السياسة اليابانية، وقدرة السياسى على تنفيذ ما يلتزم به من خطط وبرامج، إلى جانب المكانة الخارجية للسياسى اليابانى فى ظل تلك الأوضاع.

أما أسباب التغير فهى بدورها متعددة، ولعل أبرز ما يميزها بالنسبة لعالمنا العربى ومصرنا الغالية فكرة عدم الإنتظار. فقرار الانسحاب هو الأسرع والخيار المطروح وليس العكس. المسئول لا يبقى فى منصبه حتى يتم مطالبته بإلحاح بالرحيل، ولا يدخل فى خطابات طويلة حول أهميته واستمراره كإستجابة للضغوط الشعبية التى ترفض رحيله ولا تتخيل حال البلد من غيره.

المشكلة فى مصر هى البقاء الذى جعل المطالبة بالكراسى التيفال مشروعة خلال أحداث الثورة، فى حين أنها كراسى افتراضية لا تبقى ولا تحمل الجالس عليها كثيرا فى حالة اليابان. وفى حين يدور الحديث فى مصر حول الحكومة التى يفترض أن تستقيل، أو يقال أنها استقالت وتم رفض إستقالتها، أو لم تستقيل أساسا. تشهد اليابان استقالة وزير جديد من منصبه الذى لم يستمر فيه إلا لأسبوع واحد تقريبا.

فعقب استقالة رئيس الوزراء ناوتو كان وتولى رئيس الوزراء الجديد يوشيهوكو نودا، وجد يوشيرو هاشيرو وزير التجارة الجديد نفسه فى موقف لا يمكن أن يتعامل معه بعد الأعتذار بأقل من الاستقالة. والسبب مع أهميته وموضوعيته فى سياق يقدر المواطن ويعرف دوره، يبدو فى عالمنا أحد التمنيات التى لم نقترب منها بعد. فالوزير أخطا فى تصريحاته عند زيارته لمنطقة فوكوشيما المتضررة من المفاعل النووى المصاحب لحالة الزلزال والتسونامى التى شهدتها اليابان فى مارس 2011. فخلال زيارته للمفاعل النووى رقم واحد، أعتبر أن المنطقة المحيطة تفتقد الحياة وتعد "مدينة موتى". تعبير أعتبر، ويعد بالفعل، أهانة لسكان المنطقة الذين اضطروا إلى ترك منازلهم والبقاء فى مناطق أيواء عقب الكارثة النووية والمخاطر المرتبطة بالإشعاع النووى.

تصريح لم يراع مشاعر سكان تلك المناطق، وبالطبع لم يراع مشاعر قومية منهكة وحساسة تجاه الأزمة الممتدة منذ مارس. لم يراع حقيقة أن الكثير من المتضررين لازالوا يقيمون فى مناطق الإخلاء. وأن الكثير من العمال فى المفاعلات ظلوا داخلها لمتابعة محاولات مواجهة الأزمة والحيلولة دون تطورها لأزمة أكبر.

الوزير أعتذر واستقال، والحياة تسير.
المواطن أعترض وأخذ حقه، والمواطن يستمر فى حياته.

الحكومة الحالية، أو السابقة، أو القادمة كلها حكومات تتواجد وهى تعرف أنها مرتبطة برضاء المواطن. والمواطن الذى قد لا يهتم بالسياسة كثيرا لن يتجاهل مواقف تمسه أو تمس كرامته.

هناك عقد اجتماعى يمارس على الأرض، عقد لا يبحث أحد عن أفضل النصوص لكتابته لأن النص المكتوب بمفرده لا يمنح حقا ولا يحميه.

قد يتوقف المواطن اليابانى أمام ما يحدث فى عالمنا العربى متسائلا عن سبب الاقتتال على الكرسى ضد أرادة الشعب. ونتوقف نحن أمام ما يحدث فى اليابان متسائلين حول ما يبدو زهدا فى كراسى السلطة. وما بين هذه الصورة وتلك مساحة يحددها المواطن فى صراعه من أجل الكرامة والدور والمكانة.

صراع لازال طويلا فى مصر، صراع يديره المواطن لضمان الا تستمر السياسة بطريقة اخترناك، والا يعلو صوت على صوت الحقوق والكرامة والحريات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر