الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن سوريا , و مريض السكري... و الكل الذي يحترق

حمزة رستناوي

2011 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


من واقع مهنتي كطيب يواجهني تحدي طريقة إخبار مريض شُخِّصَ له للتو مرض خطير.

و تتراوح استجابة المريض تقبّل المرض, أو رفضه عبر موقفين :

الموقف الأول- الإنكار : فالمريض هنا ينكر حدوث المرض , و رغم تقديم قرائن كافية من قبل الطبيب لتأكيد وقوع المرض من تحاليل و أشعة و غيرها , يستمر المريض في إنكاره للمرض, فمثلا مريض شُخِّصَ له الداء السكري يدّعي أنه كان لديه سكري و اختفى ..أو أن السكر ارتفع لديه بسبب إفراطه في تناول الحلويات ..فقط و هو غير مصاب بالسكري, و حالة الإنكار هذه تُريْح المريض من الناحية النفسية لتبعد عنه هاجس المرض و الخطر , و لكنّه يضر نفسه من حيث يدري و لا يدري, و يفوّت على نفسه فرص العلاج.

فالإعلام السوري و بعد مرور ما يزيد عن ستة أشهر على بدء الانتفاضة الشعبية مازال ينكر وجود مظاهرات مناهضة تطالب بسقوط النظام و رحيل الرئيس الأسد؟

و في القليل عندما يذكرها تَرِدْ بصيغة عبارات مثل:" مظاهرات متفرقة عقب صلاة الجمعة شارك فيها العشرات" دون تصوير مرفق أو تحديد مطالب المتظاهرين؟!

فمثلاً عندما خرجت مظاهرة في حي الميدان الدمشقي في بداية الانتفاضة السلمية أنكرت الفضائية السورية الخبر بداية , ثمّ اختلقتْ تفسير طريف لتجمُّع المتظاهرين : فهم قد خرجوا لشكر ربّهم على نعمة المطر؟

http://www.youtube.com/watch?v=Cykr1ee44NA

إنّ عملية الإنكار للمرض تأخذ صيغة مختلطة لا شعورية غالبا يحاول المريض عبرها إراحة نفسه من الهواجس و المخاطر المحتملة للمرض, و هي تعكس عدم نضوج نفسي و اجتماعي , و لكن عندما ينكر الشخص الواعي العاقل و عن سابق إصرار مرض شخّص له بقرائن دامغة , رغم معرفته بأنّه مريض فلا يوجد لذلك إلا تفسيران :

- إما أنه يرغب بالموت و يصنّف ذلك كسلوك انتحاري

- و إما أنّه يعتقد أن هذا الجسد أو العضو المريض من هذا الجسد لا يخصّه, و ينتمي لأغراب لا تربطه بهم صلة انتماء , و هم غير جديرين بالمحبّة أو حتى التعاطف . و دمائهم ليست أكثر من عصير طماطم مسفوك على الأرض؟!

الموقف الثاني- الاتهام : المريض في هذه الحالة يتّهم الطبيب بنقص الكفاءة أو سوء النيّة, و بدلا من تعامل المريض بجدّية مع مرضه و تعاونه من الطبيب , يتّهم الطبيب و قد يقوم باستشارة أطباء آخرين. و قد يتّهم المريض شخص آخر غير الطبيب أو يعزو مرضه لموقف أو حدث آخر لا علاقة سببية بين مرضه و هذا الأخير, كأن يتّهم رئيسه في العمل, أو أحد زملاءه أو معارفه لكونهم أصابوه بالعين الحاسدة.

و في هذه الحالة لا يقتصر ضرر المريض على نفسه بل يتجاوزه إلى الآخرين.

فالإعلام السوري يتّهم الفضائيات باختلاق الأحداث في سوريا و دفع المال للمتظاهرين كي يخرجوا في مظاهرات " قد يموتوا أو ينكّل بهم فيها؟!" و كذلك يتّهمها بكونها تبث مشاهد صوّرت من خارج سوريا , و مثالها انكار حدوث واقعة اذلال أهالي قرية البيضة و تفعيسهم بالأرجل , و عزوها إلى فضائي صدّام أو للباشمركا في شمال العراق.

و آخره ما نسبته قناة الدنيا إلى أن قناة الجزيرة تقوم ببناء مجسّمات لأحياء و منازل و ساحات في مدينة الدوحه مشابهة بالشكل لبعض المدن السورية لتصوير مشاهد احتجاجات و انشقاقات لجنود من الجيش؟!!

راجع رابط الخبر:

http://zaman-alwsl.net/readNews.php?id=21439

و رابط مقطع الفيديو:

http://www.youtube.com/watch?v=rGZgZpL3gNI&feature=player_embedded

و الإعلام السوري كذلك يتّهم الانتفاضة السلمية بكونها مجرّد مؤامرة يشارك فيها كل أعدائه من: الولايات المتحدة و الاتحاد الأوربي و إسرائيل و السعوديّة و دولة قطر و تركيا و الإخوان المسلمون و عبد الحليم خدام و السعودية , مع استثناء "القائد رفعت أسد" ؟!.

كل ما سبق يؤكد على حقيقة واحدة أنّ الاعتراف بالمشكلة هو بداية الطريق لحلّها و دون ذلك الذي يحدث : أنه ليس "شيء ما يحترق"

و ليس فقط القلوب التي تحبّ سوريا , و الألسن التي لهجتْ بذكرها تحترق؟!

بل ربّما كل شيء سيحترق؟؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحريق قادم
سامر زياد ( 2011 / 9 / 11 - 14:46 )
القصة ليست قصة مريض يكابر.قرارتدمير سوريا اتخذ في عواصم احرى ولاأحد يستطيع ان يقف في وجه فالبلد محترق عاجلا ام اجلا سوا اعلن الاسد عن انتخابات رئاسية مع تغير المادة 8 ام لا.الهدف هو حرق كل شي

اخر الافلام

.. الجورجيون يتحدون موسكو.. مظاهرات حاشدة في تبليسي ضد -القانون


.. مسيرة في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تطالب بوقف الحرب على غز




.. مضايقات من إسرائيليين لمتضامنين مع غزة بجامعة جنيف السويسرية


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. ديوكوفيتش يتعرض لضربة بقارورة مياه على الرأس