الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرور عشر سنوات على صدور مجموعتي القصصية الأولى -هواجس امرأة-

مصطفى لغتيري

2011 / 9 / 11
الادب والفن


مرور عشر سنوات على صدور مجموعتي القصصية الأولى "هواجس امرأة"

قبل سنتين فاجأني حدث نوعي و جميل ، يقوي إيمان المرء بجدوى الأدب و قدرته على ربط علاقات إنسانية عميقة ،و خلق لحظات فرح استثنائية ، فقد تلقيت رسالة إلكترونية مجهولة المصدر، مصحوبة بأغنية شعبية منتقاة .. كانت الرسالة مقتضبة جدا تخبرني بأن صاحب الرسالة يهدي لي الأغنية بمناسبة مرور ثماني سنوات عن صدور "هواجس امرأة". ، بالطبع أفرحتني هذه البادرة السادرة في فتنتها و جمالها و إنسانيتها ، فحاولت أن أعرف اسم المرسل ، كي أشكره ، لكنني لم أفلح في ذلك.
اليوم مرت عشر سنوات على صدورالمجموعة ، التي نشرتها وزارة الثقافة و قدم لها الكاتب العميد أحمد بوزفور بكلمة جاء في جزء منها " "هواجس امرأة " بحيرة قصصية تحتفي بالجدل...إذ يكاد يكون في كل قصة طرفان يتصرعان ، غير أنه جدل من نوع خاص ، جدل روحي إذا صح التعبير..توتر في العلاقة الانسانية لا ينتهي إلى مركب جديد يطور الجدل بقدر ما يدور حول نفسه ليحافظ على نار الجدل مشتعلة ، و ربما كان المركب الذي يبنيه هذا الجدل في كل قصة هو القصة نفسها"
بهذه المناسابة ، يسعدني أن أقدم للصديق أو الصديقة صاحب "ة" الرسالة و الهدية و من خلاله إلى كل الأصدقاء و الصديقات إحدى قصص المجموعة ،و التي تحمل عنوان "هواجس امرأة" ، الذي هو في نفس الوقت عنوان الأضمومة القصصية.
هواجس امرأة
- لم تخبرني برأيك في الموضوع؟ قالت و هي تنظر إلى الزاوية اليسرى ، حيث كانت عنكبوت تنسج بإتقان مصيدة في انتظار فريسة ما.
- عن أي موضوع تتحدثين ؟ سألها و عيناه تمسحان الشارع الخلفي للبيت ، و هو يتساءل في أعماقه عن سر هذا السكون الذي يدثر المكان من حوله .. و لا حركة واحدة.. الأمر مقرف للغاية.
- موضوع الفتاة، فأنا في أشد الحاجة إليها. أشعر برعب حقيقي عندما أفكر أن حياتي ستستمر دون أن أرزق ببنية، تؤنسني في وحدتي. أجابته و هي تتأمل بإعجاب هذه العنكبوت التي لاتكل، فرغم أنها تخرب بيتها يوميا تقريبا ، إلا أنها مصرة على الاستمرار في البناء ، بل و في نفس المكان تقريبا . و الغريب أنها كلما نظفت البيت ، كانت لا تعتر لها على أثر.
-قلت لك أكثر من مرة إن الأمر خارج إرادتنا ، و إن وافقت الرأي فمن يضمن لنا أن المولود سيكون بنتا . أجابها محاولا إقناعها ، بينما يلمح في الشارع من سيحدث أول ثقب في جدار لسكون السميك : رجلا يحمل كيسا على ظهره المقوس و هو ينادي في شبه رتابة:
- نخال ..خبز كارم.
شعر ببعض الارتخاء عندما لمح الرجل ،الذي واصل سيره غير مبال بما حوله ، و كأنه لا يتوقع أن يناديه أحد ، ليعطيه بعض الخبز اليابس.
- لماذا لا نجرب؟ لدي إحساس عميق بأن محاولتنا لن تذهب سدى . قالت بنبرة يخالطها أمل زئبقي ، كلما حاولت التمسك به ، بدا لها سرابا ، تفوح رائحته بين ترانيم صوتها المتكسر. و عيناها تعلقتا بذبابة تحلق في فضاء الغرفة ، تصدر طنينا ، و كلما أوشكت أن تحط في مكان ما ، خالجها التردد ، فتستمر في طيرانها، و كأن إحساسا بالذعر يحاصرها.
- أنت تفكرين بعاطفتك ، و أنا لا أرغب بأن أغامر في تجربة غير مضمونة النتائج . قال ذلك و هو يتطلع في فضول إلى كلب يتبع كلبة . ابتسم في أعماقه . الكلب يبصبص بذيله ، الذي لا يتوقف عن الحركة . و الكلبة أدخلة ذيلها بين قائمتيها الخلفيتين ، و هي تصدر صوتا أقرب إلى النحيب منه إلى النباح.
- هذه الأشياء لا دخل للعقل فيها ، فإحساس الأمومة أقوى من حسابات العقل . قالت ذلك و هي تحملق بتركيز في الذبابة، التي مازال طنينها يغتصب في لطف مساحات الصمت ، التي تفصل بين كلامها و كلام زوجها . استوت في جلستها ، و هي تراقب الذبابة التي تنتقل دون هدى . تنزلق نحو النافذة ، و كأنها تفر من خطر محدق بها .. تصطدم بالزجاج ، ثم تعود إلى تحلقيها و قد تضاعف طيرانها.
حولي التفكير في حلل آخر غير الحمل و الإنجاب. أنت تعرفين ما تحملناه من جهد و تعب في المرة السابقة ، فكان الطفل ذكرا كالعادة. لفظ الكلمات و هو يودع بعينييه الكلبين اللذين استمرا في طريقهما . حاول أن ينسج في مخيلته ما يمكن أن يحدث بينهما بعد زمن قصير ، إلا أنه تراجع عن ذلك و قد أفرج عن بسمة استلقت على شفتيه ، سرعان ما اختفت و هو يتلقف كلماته زوجته:
- و أي حل تقترح؟ لقد تعبت من التفكير دون أن أهتدي إلى حل . قالت و هي تحدق في تلك الذبابة التي زادها ارتطامها بالزجاج تشنجا ، فأضحت أكثر إصرارا على الطيران من ذي قبل ، و قد استبد بها ذعر حقيقي ، إنها تطير دون تركيز و عينا المرأة تطاردنانها بإصرا كبير .. تدنو الذبابة من بيت العنكبوت ، تمر محاذية .. العنكبوت لا تزال كامنة تنتظر بشغف فريستها.
- فكري في التبني . فهو حل مناسب لمثل حالتنا . يقول بلهجة المتيقن ، و هو يرمق سيارة تمرق في الشارع الخلفي. حاول التعرف على سائقها ، بيد أن ذلك بدا له صعبا ، فاكتفى بالنظر إلى لوحة أرقامها . لم يكن فيها شيء
مميز ، فالتفت نحو زوجته التي نادته:
- أحمد ، أحمد ، أراهن أن هذه الذبابة ستقع فريسة للعنكبوت.
- أي ذ ذبابة ؟ و أي عنكبوت ؟ قال مستفسرا.
أشارت إلى عش العنكبوت ، ثم إلى الذبابة المتوترة ، التي ازداد ارتباكها ، فتضاععفت قوة طيرانها.
ابتسم و هو يتجه نحو النافذة . فتحها، فإذا بالذبابة تنسل خارج الغرفة ، فيما رمقته زوجته بنظرة يمازجها عتاب لا يكاد يعلن عن نفسه ، ثم قالت:
- سأفكر جديا في الموضوع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في


.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد




.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض