الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة بلا هوية

مسعود جاسم أسماعيل

2011 / 9 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هل ننقلب على الديمقراطية بسبب ما نعيشه معها من صعوبات ونعلن فشلها ؟ أم أن مايحدث هو أنحراف عن الطريق ولايعني الفشل, بل يعني أن الديمقراطية لم تكتمل بعد وأن علينا دفعها للأمام بأستمرار , فكما نرى الديمقراطية جيدة جدا" في العالم المتقدم وكذلك في أماكن أخرى من العالم ...ولكن للأسف أنها سيئة في بغداد , فلا أحد يستطيع أن يقول ماهي المكاسب التي أتت بها هذه الديمقراطية مع كل هذا الموت المنتشر بلا توقف و مع كل هذا الفساد الكبير للطبقة الطفيلية التي التهمت المال العام و الفوضى العارمة وغموض المستقبل , ومع ذلك نقبل بصبر ونقول مهما حملت لنا هذه التي أطلقنا عليها كلمة ديمقراطية من مصاعب وفظاعات فهي لاتقترب بشئ من أستمرار طغيان الأستبداد للرجل المختال.
بلاشك أن الكثير منا يسأل هل مايحصل في العراق الآن هو الديمقراطية المقصودة في العالم المتقدم ؟ أم أنها من نوع آخر!.. ديمقراطية هدامة صنعت بلاد مريضة ليس يأمكانها الصمود متماسكة" و ستمزق نفسها بالحروب الأهلية ؟ ولاشك لاأحد يملك الجواب الآن فالمستقبل وحده سيحدد الأجابة وهذا لايعني أننا كعراقيين ليس لنا يد بما سننتهي اليه بل على العكس فماسنختاره من طريق في الآتي من الأيام هو ماسيعطي تلك الأجابة .
العدالة هي أقوى ضوء للشعوب في الليل الحالك , فلو سادت مجتمعنا المتنوع روح العدالة والمساواة سيكون بأمكاننا أن نتقدم في بناء الدولة الوطنية وأعادة التلاحم لنسيجنا الوطني ... فالمكونات العراقية ليس لأي منها سند سوى الآخر فهم مرتبطون مع بعض ليس فقط بالأرض ولكن بالتاريخ والهوية الوطنية ولامستقبل لأي منهم ألا سوية" ... وأن أعظم الخطط لن تفيد أذا لم يكن البلد موحدا" .
كل أنسان عراقي لديه تلك النظرة المتوجعة لشخص يبحث عن حل , ويقول الطائفية سيئة لروحنا وانظروا مالذي فعلته بنا , فالصراعات الطائفية والعرقية تؤدي الى التدمير المتبادل , حيث كانت هناك فترة من الزمن شعر فيها معظم العراقيين أنهم لو أستطاعوا مجرد البقاء أحياء لكان ذلك كافيا" وهم حاليا" يعيشون أوضاعا" مضطربة بسبب تراجع المفاهيم الوطنية في المجتمع , وهيمنة الحسابات الطائفية والعرقية على الجميع مما عرض المجتمع بأكمله الى مستويات من الألم والمصاعب لايمكن القبول بها ... وليكفي ماحصل لنا لنفهم أهمية السلام الأجتماعي وقيمته.
أن ما أقوله هنا هو على الجميع أن يقفوا على أرض الوطنية ويعملوا بعيدا" عن المصالح الذاتية , فالمجتمع العراقي يستحق أكثر مما يقدم له وحتى أكثر ممايقبل به .
ولنعلم أن هذه الطريقة بالديمقراطية ستكون نتيجتها دوما“ أقصاء أحد المكونات المهمة في الوطن , بسبب مشكلة العدد فالأغلبية أمتيازها الوحيد هو العدد وليس شئ آخر... وبما أننا في وطن متنوع فأن هذا العدد الأكبر للأغلبية سيكون بناء على تمثيل الهوية وليس على أساس رؤية معينة للمنفعة العامة ... مما سيخلق لنا حتما" حالة أقصاء موجع وغير عادل لمكون كامل كل جريرته هو العدد الأصغر.... وبناء ديمقراطية في بلد متنوع بناء على قوانين الرياضيات ودلالاتها الجامدة أكبر وأصغر هو اللامعقول بعينه ... فهذه الدلالات تنفع ولا تضر عند أستخدامها داخل علم الحساب ولكن عندما يتعلق أستخدامها لبناء وطن فيه مجتمع متنوع ستولد لنا هوية غالبة أكبر عددا" وهوية أو هويات مغلوبة أصغر عددا" ... ومايريده اي مواطن لاينتمي للأغلبية الفائزة لايقل قيمة أو أهمية عن أرادة المواطن الذي ينتمي للأغلبية ... وبأستمرار حظوة الهوية الأكبر ستطرح الأخرى على نفسها السؤال المحتم , ماهو جدوى الأستمرار بهذه الديمقراطية الخاسرة ؟؟؟...

في المجتمع المتنوع طا ئفيا" وعرقيا" تعطي السلطة مواقع أعتبارية غير مرئية فيها قوة رمزية خفية تولد محاكاة متباينة لمكونات المجتمع المستقبلة لمحاكاتها , فتبدو كأنها تقول للهوية الغالبة الأكبر عددا" أن السلطة ملكا" لكم فهوية السلطة هي هويتكم , بينما تقول للأطراف الأخرى أننا نمثلكم ونرعاكم أنكم الأقارب وليس الأهل, وسيتشارك الطرف الغالب مع الآخرين من موقع الحظوة لا من مستوى المساواة , وأعطاء السلطة لطرف ممثلا" بهوية أكثر بكثير من الطرف الآخر هو وصفة جاهزة لمزيد من التوتر والصراع , فبوجود تنظيمان سياسيان طائفيان أحدهما يمتلك صلاحيات اكثر من الآخر سيؤدي بنا دائما" الى الأصطدام لأن المرتية الثانية في العراق خيارا" غير مقبول وكأننا نعود لمواجع الماضي غير العادل في وجود طائفة متسيدة ولكن بتبادل الأدوار هذه المرة ... لذلك علينا أن نفهم ونؤمن جميعا" بأنه لحل مشكلات الوضع الراهن والمستقبل ايضا" يكمن في أيجاد طرق للتعايش حيث يستطيع أفراد المجتمع أن يعيشوا معا" ليس كأفراد متناحرين من مكونات مختلفة بل كمواطنين متساويين يتشاركون الوطن بتراض وراحة بال وقد ننتهي والى الأبد من مشكلة التنوع في مجتمعنا بتوزيع عادل للسلطة والثروة
لتحقيق هذه العدالة يجب تقسيم عادل للثروة والسلطة بين مكونات المجتمع العراقي , وبطبيعة الحال فأن تقسيم الثروة بشكل عادل أسهل من تقسيم السلطة... لأن الثروة ذات طبيعة مادية ممكن تقسيمها بشكل متساوي على عدد الأفراد في كل محافظة وننتهي مرتاحين ولكن السلطة مشكلتها انها ذات طبيعة أعتبارية لايمكن تقسيمها على العدد فهي كيان أعتباري لايقسم عدديا" وفي حالتنا وبطريقتنا بالديمقراطية هذه ستأخذ السلطة دائما" ملامح هوية أحد المكونات والتي ستبدو أنها تفضلهم و تمنحهم أمتيازات على حساب الآخرين ولو كانت أمتيازات أعتبارية وهي في الغالب قد تترجم الى مصالح أقتصادية أو غيرها , والأكيد أن نفسية المجتمع المتنوع لاتستحمل مثل هذا التمييز, ومن هنا تبدأ المشكلة الكبرى.
لذلك للبدء بمعالجة مشاكل ديمقراطيتنا الفتية وجعلها ملائمة لمجتمعنا بشكل كبير و للحفاظ بها على وحدتنا الوطنية علينا أن نشرعها لتقسم السلطة بشكل عادل من دون أمكانية أن تأخذ ملامح أي هوية غير الهوية الوطنية , لذلك يجب أن نصوغ بعناية أكثر وبعقلية أخرى مواد الدستور الخاصة بمنح الصلاحيات للسلطات التنفيذية وكيفية توزيعها بما يضمن الحفاظ على مضمون الديمقراطية وعدم خلق الشعور بالغضب لدى أي مكون رئيسي بأنه أصبح هدفا" لتراتبية طائفية أو عرقية ستحدد بها درجة المواطنة من خلال هذه الهويات فهذا الشعور لوحده كافي لأن يخلخل الأستقرار السياسي ويحطم الوحدة الوطنية

v








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم العقوبات الأميركية المفروضة على الشركة .. هواوي تطلق حاس


.. توظيف 5 كلاب في مطار إسطنبول تداعب وتعانق المسافرين لتخفيف ا




.. علاقة بين السجائر والانتخابات الأميركية .. ماذا فعل بايدن حي


.. أخبار الصباح | المقترح المصري في يد السنوار.. و بايدن يبدي ا




.. -أنافس طفلاً عمره 6 سنوات-.. جو بايدن يسخر من منافسه دونالد