الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات طفولية

كريم عامر

2004 / 12 / 4
العلاقات الجنسية والاسرية


لماذا نحمل الفتاة مسؤلية عبث الآخرين بها؟
منذ صغر سنى وأنا احاول أن أجد إجابة على هذا السؤال..... فخلال العقدين الذين قضيتهما فى حياتى كنت الاحظ ان تعامل المجتمع مع الفتاة يختلف اختلافا جذريا عن تعاملة مع نظيرها الذكر0



كنت أرى أن الاسر تفرق بين الابن والبنت فى طريقة معاملتهما .... وعندما أتسائل عن سبب هذة التفرقة فى المعاملة كانت الاجابة التى تتكرر على مسمعى هى .... البنت مش زى الولد ..... بلا توضيح او إفادة .... كانت هذة هى الاجابة التى أتلقاها عند طرحى لهذا السؤال0



كنت أحاول أن استوضح الامور أكثر من الذين يفترض انهم معنيون بالاجابة عن استفساراتى حول الاشياء التى احتار فى معرفتها .... فلا تزيد اجابتهم على تساؤلاتى الامور الا غموضا فوق الغموض الذى يدفعنى لطرح هذا السؤال0



كنت أرى ان هناك شيئا غامضا يخفية الناس عنى ولا يجرؤن على مصارحتى بة0



كنت أرى فى عيونهم محاولة ما من الهروب من تساؤلاتى أو الالتفاف حول اجابات هذة التساؤلات الطفولية بالاجابة عنها بطريقة ملتوية لا أتفهم منها شيئا سوى أن هناك شيئا غامضا يحيط بهذة التساؤلات ويذيدها غموضا وتعقيدا فوق الغموض والتعقيد التى احس بهما أصلا تجاهها0



عندما كبرت قليلا والتحقت بالدراسة الاعدادية فى المعاهد الازهرية وبدأت فى دراسة الفقة الاسلامى .... كنت أرى ان هناك تمييزا فى طريقة تعامل الدين مع المرأة فى أشياء كثيرة ..... أذكر منها الامر بصلاة النساء فى الصفوف الخلفية للمسجد بعيدا عن صفوف الرجال .... ومنها أن صلاة المرأة فى بيتها خير من صلاتها فى المسجد .... اذكر التمييز فى الواضح فى الزواج وعن هذا حدث ولا حرج " النكاح رق ... فلينظر أحدكم عند من تسترق كريمتة "...وغير ذالك كثير من الأمور التى صادفتها خلال دراستى الدينية بالازهر0



بدأت فى هذة السن أعى بعض الامور التى كانت خافية على وكان البعض يحاول الالتفاف حول اسئلتى حولها ..... فمن هذة الاسئلة التى كنت أطرحها دائما عندما كنت أبدأ بقرائة سورة النور " الزانى والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ..." كان هناك سؤال دائما ما كنت أطرحة وأجد العديد من الاجابات فى انتظارى حولة .... وهو مامعنى الزنى وماهو الزانى وماهى الزانية .... الخ0



كنت أعلم من واقع العقوبة التى فرضها القران على هذا الفعل أنها جريمة شنعاء لا تغتفر .... لكننى لم أكن أعرف ما هى نوعية هذة الجريمة ولذالك كنت اتسائل عن معنى هذا المصطلح الذى كان يطاردنى عندما كنت ابدأ بقراءة سورة النور كما كان يطاردنى عندما اتصفح فى طفولتى كتب الفقة التى كان والدى يقتنيها ضمن مجلدات مكتبتة .... وكانت الاجابات التى اتلقاها من الذين اسألهم تصحبها نبرة استهزاء وتعجب من هذا السؤال الذى يصدر من طفل فى مثل عمرى " عندما كنت صغيرا " وبالطبع كان هناك التفافا حول الاجابات فمرة كانت الاجابة بان الزنى هو القتل... ومرة تكون الاجابة بأنة سرقة مال الغير .... وثالثة بعدم اداء الواجب المدرسي .... ورابعة بلعب الكرة فى الشارع .... وخامسة باللهو مع الفتيات .... وسادسة بعدم الذهاب الى المدرسة دون عذر .... الى اخر هذة الاجابات التى كانت تصدر ممن يفترض أن من واجبهم تجاهى توضيح مثل هذة الأمور .


ولكن وفى احد الايام .... وفى درس من الدروس التى كانت تعقد فى الجامع المجاور لبيتنا .... تجرأت وكتبت هذا السؤال فى ورقة وبعثتها الى الشيخ الذى كان يلقى الدرس ضمن الاسئلة التى كانت ترسل الية فى ورق ويجيب عليها بعد انتهائة من الدرس ..... ولكنة لم يكن يتوقع ان يكون هذا السؤال قد صدر عن طفل يجهل معنى هذا الفعل .... فاعتبرة سؤالا من شخص يسأل عن معنى اخر .... فكانت الاجابة بأن النبى صلى اللة علية وسلم قال ... العين تزنى وزناها النظر ... والاذن تزنى وزناها السمع واليد تزنى وزناها اللمس .... والفرج يصدق ذالك او يكذبة 0



لم تشف هذة الاجابة غليلى ولم اعرف ما هو المعنى المقصود من هذا الفعل .... واحتجت لخمس سنوات بعد ذالك لكى افهم هذا المعنى0



هذا مثال بسيط لتعامل مجتمعنا مع التساؤلات التى يطرحها الاطفال ويعبث الاباء بها ويلفون ويدورون ويتهربون من اجابتهم عليها .... وانى اتسائل ... مالذى كان سيضرنى ان عرفت انا الاجابة على هذا السؤال فى هذة السن المبكرة....؟.... هل كان ذالك كفيل بتدمير اخلاقى ؟.... هل اطلاع الاطفال الصغار على الموضوعات الخاصة بالجنس يعد من المحرمات او الكبائر .... ام هذة امور تقتصر نعرفتها على الكبار دون ان يكون للصغار ادنى خلفية عنها 0



كثيرا ما يسأل الصغار اسالة شتى عن اشياء ما تحدث ويجيب والديهم على تساؤلاتهم بمنتهى السطحية والبعد عن الواقع .... فمثلا نجد ان اكثر الاطفال يسألون ابائهم عن كيفية مجيئهم الى هذة الدنيا .... بمعنى من اين جاءوا ؟.... وتخجل الام من مصارحتهم بالحقيقة وتقول لهم فى جنون واضح انها قد وجدتة على عتبة باب المسجد .... فيصدق الطفل هذة الحكايو ويتنكر لامة ويذهب للبحث عن نسبة عند باب المسجد0



واخرى تلقى فى روع طفلها اشياء تخالف الطبيعة البيولوجية .... فعندما يسألها طفلها عن كيفية ولادتها لة فتخجل المسكينة من شرح كيف حدثت عملية ولادة طفلها وتقول لة مثلا انها كانت تأكل ذات يوم حتى امتلأت بطنها وتقيأت ماأكلتة وكانت المفاجأة ان الطعام الذى اكلتة قد كونة ليخرج من فمها .... الى اخر هذة الاشياء التى تدفع بالابناء الى الجنون وتصور الواقع على غير ما هو علية وفى النهاية اتهام الوالدين بالكذب عليهما ومواربتهما للحقائق التى يجب عليهما توضيحها لطفلهما0

فمتى سنؤمن بأهمية التربية الجنسية لأطفالنا ومتى سنشفى من عقدة الجنس التى تسيطر علينا منذ نعومة أظفارنا وتجعلنا نتعامل بحذر عند مناقشة هذة القضايا أو حتى خوض تجارب من هذا النوع مع أى شريك مفترض ؟
ان استمرارنا على هذة الحالة من سطحية التفكير والاهتمام - السلبى - بهذة الأمور سوف يذيد الأمور تعقيدا على ماهى علية وسيجعلنا نتقهقر الف عام الى الوراء بعدما تقدم غيرنا وسبقنا بخطوات لا يتسنى لنا أن نحلم بأن نصل اليها الا إذا انتزعنا من عقولنا هذة الأفكار الرجعية التى تجعل الجنس رجسا من عمل الشيطان وتؤمن بة فى ذات الوقت وتعتبرة ضرورة لاستمرار الحياة !!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغنية قالوا سعيدة في حياتها


.. نساء فلسطين عندما تصبح الأرض هي القضية




.. مشاهد تدمير منطقة الزيتون وحي الصبرة بعد انسحاب القوات الإسر


.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض




.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف