الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا ما يجري في سوريا اليوم و تحللي له

محمد السينو

2011 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


إن تحوّل بعض الأطراف في المجتمع إلى جهات تعمل ضد الإصلاح وضد حريات المواطنين يعد ظاهرة خطيرة تهدد الأمن والسلم الأهلي، ويكشف محاولات البعض إحداث المزيد من الانقسام بين المواطنين في المجتمع الواحد.
هذه الممارسات خطيرة على المجتمع، وسيكون لها تداعياتها السلبية مستقبلاً إذا لم تتوقف الآن، خصوصاً على مستوى التنمية السياسية التي يتوقع أن تمر بمرحلة هامة خلال الفترة المقبلة بتنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني.
المشاركة السياسية حق كفله الدستور، ومن حق كافة المواطنين الذين انطبقت عليهم شروط ممارسة هذه الحق أن يتمتعوا به كحق طبيعي من حقوقهم الدستورية والقانونية. وأن ممارسات الإقصاء والتخوين تعكس وجود فكر سياسي يعمل ضد الإصلاح والحرية والديمقراطية، ويسعى لتكوين ثقافة سياسية تتحكم في تشكيلها واتجاهاتها بعض الأطراف.
و التاكيد على أهمية التركيز على تكوين الثقافة السياسية المفتوحة التي تقبل كافة الآراء وتحترمها في إطار من التعددية التي يتميّز بها المجتمع السوري، وهي ثقافة تقوم على احترام الاختلاف وتراعي آدابه بعيداً عن أية ممارسات إقصائية متطرفة لم يعرفها المجتمع المحلي من قبل.
التكيد على ضرورة قيام الجهات المعنية في الدولة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تصاعد هذه الممارسات المتطرفة مع قرب موعد الاستحقاق الانتخابي وتهيئة الأجواء الملائمة لضمان سير العملية الانتخابية بكل سهولة ويسر في أجواء شفافة وديمقراطية لافتاً إلى حرصه والتزامه بالبرنامج التوعوي الذي أعلن عنه استعداداً للانتخابات التكميلية المقبلة في إطار مساعيه لرفع الوعي السياسي ودعم التنمية السياسية في سوريا.
أصبح الإعلام الغربي و العربي يشكل خطرا على سوريا و السوريين ، فهو يعتمد على نشر سمومه من خلال الإعلام المكثف ، فشوه صورة السوريين عبر المرئي والمسموع والمقروء ، ولكن هل فهمنا ما مصطلح الإعلام الغربي و العربي بمعناه الصحيح هل أدركنا مدى خطورته ، هل كان للمسئولين دور في التصدي لهذا الإعلام ، وغيرها من الأمور.
خطورة هذا الاعلام تكمن في أنه يروج لثقافة واحدة يريد أن يفرضها على المجتمعات كلها ، وهي ثقافة علمانية في الفكرة والتطبيق ، تختلف تماما وتتعارض مع ثوابتنا الدينية والإجتماعية . وقد رأينا كيف أثرت هذه الرؤية التي تروج لها وسائل الإعلام الغربية على الوضع السوري وبخاصة شريحة الشباب منهم ومحاولة مسخ االسوريين وتغريبهم وتذويب هويتهم الدينية والثقافية . وهذا التأثير بحد ذاته خطير على حاضر الأمة االسورية ومستقبلها.
فالقنوات الفضائية العربية باتت تتنافس في تقديم الفجور والفساد الأخلاقي و السياسي و التخادل و روح الانهزامية و تصور ان اسرائيل هي الحمل الوديع و السوريين اشرار.
تشهد سوريا منذ مدة ليست قصيرة انتشار ظاهرة العنف السياسي وتسارع وتيرته إلى مستويات خطيرة باتت تهدد بحروب دامية وحالات استنزاف شديد لقوى المجتمع والدولة. وظاهرة العنف السياسي في هذه المنطقة، ظاهرة قديمة وليست طارئة، مارستها قوى سياسية واجتماعية مختلفة، من المعارضة الغير وطنية و بين القوى السياسية في المعارضة الغير وطنية, اي داخل بناءها واطاراتها التنظيمية. لجئت للقتل و التخريب في صفوف السوريين و تخريب الممتلكات العامة و الخاصة و نشر الرعب بين المواطنيين للوصول الى الكرسي.
هذه الادبيات السياسية والثقافية انشغلت منذ فترة بعنف جديد اسمه «العنف الاصولي» الذي لجأت إليه جماعات وقوى واحزاب اسلامية لمواجهة سلطة الدولة وارغامها على الاستجابة لمطالبها أو لاسقاطها وتأسيس بديل اسلامي عنها، وامتزج الموضوع بصعود القوى الإسلامية وتنامي قاعدتها الشعبية. وظهور ازمات امنية وسياسية واجتماعية جعلت الدولة القائمة تتجه إلى استخدام العنف بشكل واسع، فباتت الحياة السياسية في سوريا تعيش دورة من العنف لا تكاد تنتهي وسيطر هاجس العنف على الخطاب السياسي والثقافي اليوم في المجتمع.
وما يهمنا في هذه الاوراق هو متابعة اسباب العنف السياسي بين القوى الإسلامية والسلطات االسورية وكيف كانت فصول التجربة والى اين ستقود نتائجها؟
وفي واقع الامر ليس هناك ظاهرة اخطر من ظاهرة العنف السياسي وآثارها الاجتماعية،
فهي تهدد حياة الافراد وتربك المجتمع وتشل الدولة ناهيك عن سلسلة المآسي التي تبدأ بالخسائر البشرية والمادية والفوضى الاجتماعية والخراب الاقتصادي ولا تنتهي بنسف الامن الاجتماعي وضياع فرص التنيمة بل ربما قادت إلى الحرب الاهلية.
وقد انتج هذا الخطاب ادوات ومفاهيم واستعار غيرها من الغرب لتوصيف القوى الإسلامية، فاصبحت مصطلحات التطرف والعنف الديني، والعنف الاصولي، وجماعات الإسلام السياسي، وجماعات العنف الاسلامي تقترن بالقوى الإسلامية وصفة ملازمة لها،
اي ان العنف اصبح سمة ذاتية للقوى الإسلامية، فحتى القوى المعتدلة مرشحة لممارسة العنف في وقت من الاوقات ولا يشذ عن هذه القاعدة سوى جماعات الصوفية والتنسك التي تريد بناء الإنسان الكامل وليست لها اهتمامات اجتماعية أو سياسية، ولا معركة لها مع الدولة على قضايا الشرعية والعدالة وتأمين الكفاية والحاجات الاساسية للمواطن.
كان الخطاب الثقافي عديم الفاعلية والجدوى في ملامسة القضايا الاجتماعية والمشاكل السياسية والاقتصادية وايجاد الحلول لها، لانه ينتهي في الاغلب لصالح الدولة ضد المجتمع وعلى حسابه وكان يوفر لها الفرصة لكسب المعارك التي تخوضها ضد المجتمع، فأستمرت تسخر اجهزتها وقوانينها في هذه المعارك، وتم خنق الصوت الآخر أو اضعافه لدرجة انّه اصبح غير مسموع، وفي مثل هذه الاجواء التي تغلق فيها ابواب الامل والتغيير والخاضعة لعنف مباشر وغير مباشر يتوالد العنف المضاد وتكتمل دورة العنف السياسي لتسيطر على الحياة العامة، ولتأتي النتائج المدمرة على اكثر من صعيد، فمن هو المسؤول عن ذلك، هل القوى الإسلامية وفكرها المتطرف، ام الدولة التسلطية القمعية، ام كلاهما؟!
في عام 1948 اغتيل رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي وقيل ان جماعة الاخوان المسلمين كانت وراء الحادث رداً على قرار حظر نشاطات الجماعة. في 26 تشرين الاول عام 1954 وقعت حادثة المنشية في الاسكندرية وكان المستهدف منها جمال عبد الناصر وقيل ان منفذها كان من الاخوان المسلمين، وقد دشنت هذه الحادثة بداية عنف سلطوي رهيب ضد الاخوان وقضت على عدد من قيادات الحركة كان ابرزها المرحوم عبد القادر عودة، وتعرض فيها الاخوان المسلمين لضربة عنيفة اصبحت مثالاً نموذجياً للتعامل مع القوى الإسلامية في اغلب الاقطار العربية فيما بعد. اتهم الاخوان مجدداً في عام 1965 بمحاولة تدبير انقلاب عسكري والاستيلاء على السلطة بالقوة وجرى اعدام سيد قطب، وكان ملف الادانة متركزاً على كتابه «معالم في الطريق» الذي اعتبر محاولة تنظيرية وتأسيسية للعنف ضد الدولة والمجتمع. في عام 1974 وقعت حادثة الكلية الفنية العسكرية في الاسكندرية لقلب نظام انور السادات وقادها العقيد صالح سرية وعرفت قضيته باسم قضية شباب محمد أو حزب التحرير الاسلامي. سنة ١٩٧٨الاخوان المسلمين قتلوا و روعوا الشعب السوري و كان قتلهم جماعي للشعب السوري و تخريب المنشاة العامة و الخاصة. في عام 1983 جرت اغتيالات وحوادث عنف في الكويت اتهم فيها اسلاميون من الكويت والعراق ولبنان. في عام 1987 حصلت احداث عنف في تونس والقى نظام بورقبية مسؤولياتها على عاتق حركة الاتجاه الاسلامي واعتقل قادتها، ثم حدث انقلاب 7 تشرين الثاني (نوفمبر) لتعود دائرة العنف إلى تونس في عام 1989 بأشد ما تكون من جانب السلطة. وفي الجزائر باشرت مجموعة بويعلى مصطفى عملاً مسلحاً ضد السلطة انتهى بسقوط زعيم المجموعة وافرادها صرعى أو سجناء. وفي عام 1988 وقعت انتفاضة الجزائر ضد السلطة وكان للاسلاميين دور فيها.
اما خارج المنطقة العربية، فان تركيا وطاجيكستان تشهدان ما يسمى بالعنف الاصولي، حيث يجري في الاولى اغتيال بعض الرموز العلمانية المعادية للهوية الإسلامية والتدين في تركيا، بينما القى الشيوعيون وحكومات روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى مسؤولية العنف المسلح على عاتق الاسلاميين لانهم عارضوا استمرار السلطة الشيوعية، وتحول هذا العنف إلى صراع سياسي. ومن مجمل هذه الاحداث، يتبين ان الاسلاميين بشكل عام باتوا طرف صراع عنيف ومضني لم يعد يقتصر على الدائرة المحلية وحدها، اي داخل الدولة الواحدة، بل ان هذا الصراع تسرب إلى خارج الحدود الاقليمية والدولية، واصبح معركة قوى ايديولوجية وسياسية تنتمي إلى المرجعية الحضارية والثقافية الغربية، حيث تمثل سلطة الدولة واجهزتها واحزاب المثقفين ومؤسسات القمع وقوانين القضاء والقضاة، ومنابر الاعلام والثقافة وسائلها المعبئية لهذه المهمة، فيما ظهر في الطرف المقابل قوى تنتمي إلى الدائرة الإسلامية، حضارياً وثقافياً وتطالب بتعديل النموذج السياسي القائم وبناء سلطة الدولة على اسس جديدة وتأسيس الشرعية وفق موازين اكثر عدالة واقرب إلى ثقافة الشعب ووعيه وهويته وتلتقي مع ذاكرته وتنسجم مع طموحاته.
ليس هناك اتفاق في القانون الوضعي على جواز العنف وشرعيته أو عدم جوازه، فهناك من يذهب إلى انّه سلوك مخالف للقانون وانّه جريمة سياسية تستوجب المؤاخذة والتجريم والعقاب، وناك من يحدد شرعية العنف السياسي استناداً إلى طبيعة النظم السياسية، ففي دول التعددية السياسية يعد العنف الذي يمارسه المواطنون أو فئات معينة استخداماً غير مشروع للقوة، لأنّه يمثل خرقاً للقانون وتخطياً للمؤسسات التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
ولا تختلف الحركات الإسلامية جميعها مع هذا الفكر إلاّ ان بعضها لا يرى قضية التصدي باليد لتغيير النظام الحاكم ويلتزم بالشرط الذي وضعه فقهاء سابقون وهو عدم الدخول في الفتنة لان شرور الثورة وسلبياتها تطغى على سلبيات الظلم، وهذه النقطة تتضمن مجال اختلاف كبير بين الاسلاميين، ذلك لان احكام الفقهاء القدامى اخذت بنظر الاعتبار ظروف الواقع السابق وهو انتماء الحاكم إلى المرجعية الإسلامية حتى وان كان ظالماً أو فاسقاً، في حين ان الحكم في الدولة الحديثة لم يعد ينتمي إلى المرجعية الإسلامية فهو بالاضافة إلى ظلمه واستبداده، فانه يبدل احكام التشريع في السياسة والاقتصاد والاجتماع كما ان الظروف الزمانية والمكانية هي التي قادت الفقهاء السابقين إلى تسويغ اغتصاب السلطة وتبرير امارة التغلب والاستيلاء واعتبار الحكام ولاة امر مفترضي الطاعة وان قطعوا صلاتهم بالاسلام. وقد تم سحب هذه الاحكام على الواقع الحالي، فساهم الفقه السلطاني في سد آفاق التغيير امام المسلمين، فعندما يكون الحكم مطمئناً إلى ان «التشريع!» يقف إلى جانبه حتى لو ارتكب كبائر الذنوب وتخطى شريعة الله واحكامها، فانه لا يبالي في موقفه ويعتقد ان القانون الوضعي يدعمه والقانون الشرعي إلى جانبه، ويتظاهر في اداء الصلاة والشهادتين لكي لا ينطبق عليه الكفر البواح وتحل عليه الثورة. وفي واقع الحال، فان الفقه الاسلامي لا يعدم الكثير من النصوص التي تبيح الثورة وتغيير نظام الحكم ولكن غلبة الفقه السلطاني واهمال النصوص المغايرة هو الذي جعل عامة الناس وذوي المصلحة يعتبرون فكر التغيير متطرفاً وخارجاً عن المألوف العام للفقه السياسي. ان اشتراط كفر الحاكم وانكاره ضروريات الدين شرطاً للثورة، دفع اجهزة الإسلام الرسمي والتقليدي إلى تخطئة جماعات الإسلام الثوري في تكفيره للحاكم، وخطأ التصدي باليد في مباشرة فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولكن هذه المؤسسات لم توفر البديل المناسب لمنع الحاكم من الاستئثار بالسلطة وفصل الدين عن الدولة والمجاهرة بالعلمانية في كل شيء، ولم تدل الناس على كيفية وقف السلطة عند حدودها عندما تطبق سياسات ومناهج متناقضة مع الإسلام في السياسة والاقتصاد والثقافة والاعلام ومناهج التعليم والعلاقات الدولية، بل تركت ذلك للحكم على اساس تقدير المصلحة! وتعطى الشرعية للحاكم في سلوكه لانه مسلم وغير مرتد ولا كافر بل ينبغي نصحه وتسديده والدعاء له! محتجة باسلامية الدستور لانه يتضمن البند الذي يقول ان الإسلام هو مصدر التشريع، وان دين الدولة هو الإسلام.
وهذا الاسلوب لا يوفر الجواب المقنع للجماعات الإسلامية التي ترفض التفكير من خارج الإسلام وتبني وجودها على عامل العقيدة. فالفكر الاسلامي التقليدي الذي يضفي الشرعية على الحكم في كل زمان يعالج شرعية الحكم من خلال الدفاع عن عدم كفر الحاكم، ويسكت عن علمانية الدولة وعدم التزامها بالشريعة ويعتذر لها باباحتها لبناء المساجد وقراءة القرآن وبث الاذان والتقيد ببعض النصوص الإسلامية في الاحكام الشخصية.
ولو كانت هناك امكانية لتداول السلطة والاحكام لرأي الشعب والتسليم له لامكان الغاء دوافع اللجوء إلى العنف ولكن عندما يسود منطق احتكار السلطة وتحريمها على الآخرين، فان العنف يبرز كخيار وحيد لحيازة السلطة ويغدو حقاً لكل جماعة تطمح إلى الامساك بالسلطة لدوافع دينية أو مذهبية أو قومية أو قبلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2011 / 9 / 12 - 17:52 )
أخي الكاتب المحترم تحية لك ولجهدك . مع إحترامي لوجهة نظرك ، لكن إعذرني شخصياً لم أستطع فهم الموضوع تهت في الإنتقال من فكرة الى فكرة. ربما لخلل ما أو قصور في فهمي ودرجة إستيعابي . أو ربما لسبب أخر أنت أدرى به. مع التحية لك

اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال