الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبناء مدينتي .. كيف يعملون؟ وكيف يحبون؟ وكيف يموتون؟

واثق غازي عبدالنبي

2011 / 9 / 12
كتابات ساخرة


في روايته (الطاعون) كتب البير كامو قائلاً: (لعل من أسهل الطرق التي يتعرف بها المرء على مدينة ما هي أن يبحث: كيف يعمل الناس فيها؟ وكيف يحبون؟ وكيف يموتون؟). ولقد حاولت أن أكتشف مدينتي وفقاً لهذه المقولة، لكني حقيقة أصبت بالذعر. فأبناء مدينتي لا يعملون إنهم يسخرون ويضحكون ويتحايلون. أبناء مدينتي لا يحبون لأنهم يخافون. أبناء مدينتي لا يموتون لأنهم موتى بالأساس. لست متشائماً، ولا أريد أن أبث فيكم اليأس، ولكن هذه هي صورة أبناء مدينتي. على الأقل هذه هي مدينتي في نظري.

أبناء مدينتي يستنكفون من العمل، ويرونه عيباً. هم لا يصرحون بذلك، ولكنهم به يشعرون. ويمكنك أنت أيضاً أن تشعر به إذا زرت مدينتي. إنهم يريدون أن يكسبوا المال دون أن يعملوا؟ فماذا يفعلون؟ ابتكروا حيلة بارعة وهي أن يتحايلوا، ولكن على من؟ على أنفسهم أولاً وعلى صاحب العمل ثانياً. أبناء مدينتي إذا عملوا فإنهم يعملون بما لا يفيد الآخرين، لأن منفعة الآخرين نوع من الجبن والتخاذل. ولكن أبناء مدينتي يتكلمون، إنهم يبحون الكلام. خصوصاً في التاريخ. أبناء مدينتي كلهم موظفون. وهم لا يزرعون، فطعامهم من عند أعدائهم كما يقولون. أبناء مدينتي يأكلون النفط. لا تتعجبوا فجميعهم يرفعون شعار (النفط مقابل الغذاء). أبناء مدينتي لا يصنعون لكنهم يستهلكون. أبناء مدينتي متدينون، وأغلبهم مسلمون، ويحبون القرآن، يختمونه على الأقل في كل شهر رمضان. أبناء مدينتي يحفظون أن (اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى)، لكنهم دائماً يمدون أيديهم ليأخذوا، لتكون أيديهم هي السفلى وأيدي الآخرين هي العليا. أبناء مدينتي جياع لولا النفط.

أبناء مدينتي لا يحبون. إنهم يحتقرون ويكرهون. المواطنون يكرهون الحكام. الحكام يحتقرون الشعوب. المثقفون يستهزئون بالبسطاء. الأغنياء يتحايلون على الفقراء. الرجال يضحكون على النساء. والنساء يعتقدن أنهن الضاحكات. عجيب أمر مدينتي في الحب. الحب في مدينتي أما خداع أو خداع.

أبناء مدينتي موتى فهم لا يموتون. أبناء مدينتي قبور تمشي على الأرض. أبناء مدينتي يعيشون في التاريخ. ويحلمون بمذابح التاريخ. ويموتون، رغم أنهم موتى، مع موتى الفتوحات في التاريخ. أبناء مدينتي يخاطبون موتاهم بالقول: (ياليتنا كنا معكم)، فهل تتصورون؟. لذلك، فابناء مدينتي موتى، لكنهم يتنفسون. أما ما نسمعه من قتل مئتي شخص في حادث تفجير بالعراق، أو غرق العشرات في عبارة مصرية في خليج العقبة، أو احتراق الناس في حفل زفاف في الخليج، أو غير ذلك الكثير، فهو يا سيدي، أمر طبيعي، في نظر المسؤولين على الأقل.

هذه هي اوضاع مدينتي. هكذا يعملون. هكذا يحبون. وهكذا يموتون. هل عرفت مدينتي الآن يامن كتبتَ رواية (الطاعون).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه هي القصة
نور الحرية ( 2011 / 9 / 13 - 09:25 )
احمد مطر


لا لن تموت
ا...لن تموت أمتي
مهما اكتوت بالنار و الحديد
لا...لن تموت أمتي
مهما ادعى المخدوع و البليد
لا...لن تموت أمتي
كيف تموت؟
من رأى من قبل هذا ميتا
يموت من جديد

اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري