الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مفكرة ثورة 4 : اعلام القذافي رأسا على عقب

الفيتوري بن يونس

2011 / 9 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ربما لو كانت الظروف تختلف لكانت إطلالتي الأولى على صفحات الحقيقة نوع من الترحيب أو التقريض أو حتى ربطا للماضي بالحاضر بالحديث عن ذكريات طفولية مشوشة مع حقيقة الأيام الخوالي لم يبق مشعا منها في الذاكرة سوى سخرية النيهوم ومناكفاته وتمرد الفاخري وقلقه.
ولكن لأنها – الحقيقة - كانت في ولادتها من جديد إفرازا لثورة شعب قهر كل مستحيلات الواقع وكذب كل تنظيرات الساسة لينتفض كالعنقاء من رماد القهر ، كان علي أن أتجاوز كل كلمات الإطراء وعبارات المجاملة وادخل رأسا صلب موضوع أصابني بالقلق ونغص فرحتي المشوبة بالترقب وهو الخطاب الإعلامي للثورة مقروء ومسموعا إذ بدا وهو ليس بمعذور تحت أي مبرر نسخة كربونية من إعلام النظام بل أكثر سوء منه خطابا إما محتكر للحقيقة لا يقبل وجهة النظر الأخرى بل ينعت أصحابها بالخيانة مستخدما مصطلحات تنحط بكل أسف أحيانا إلى درك السوقية أو ديني تعبوي مغرق في الأخروية قافزا فوق حقائق الواقع في تناقض عجيب مع ذاته قبل أن يكون مع منطلقات الثورة التي انبثق عنها و أولها الحرية والتعددية الفكرية ومن التزيد القول بأن أول أبجديات الحرية الحوار وقبول الآخر مهما كان متناقضا معنا في الرؤية الفكرية والموقف السياسي بل مهما كان موقفه منا و إلا لما كنا مختلفين عن النظام في شيء ويكون إعلامنا هو إعلامه رأسا على عقب على رأى الصادق النيهوم رحمه الله على صفحات الحقيقة ذات يوم عندما كتب "الحاج الزروق رأسا على عقب ".
أقول هذا رغم أنني اعرف جيدا أن الإعلام احد أهم أسلحة المعركة أي معركة بدوره التعبوي وقد يكون إعلام الثورة يتمثل هذا الدور في خطابه وان كان يعتقد ذلك من باب حارب عدوك بسلاحه فأجزم انه مخطئ لسبب بسيط وهو أن هذه المقولة لا تمت إلى الحقيقة بصلة ، فالحقيقة هي أن تحارب بسلاحك أنت .
ولو فعلنا واتسق خطابنا مع أهداف ثورتنا وجسدها سلوكا فاعتقد انه سيكون أكثر نجاعة باعتبار أن كثيرا ممن مازالوا مرتبطين بالنظام خوفا منا سيطمئنون على حياتهم على الأقل إذ قرروا التخلي عنه وهم قل عددهم أو كثر يمثلون جزء لا يتجزأ من الشعب الليبي فعلوا ما فعلوا إما إيمانا و اقتناعا بالشعارات المرفوعة أو رغبة بشرية في الاستفادة سلطة أو ثروة أو ولاء قبليا أو حتى من اجل لقمة عيش وهو على كل حال حقهم المشروع.
بقي أن أعرج في خاتمة هذه الإطلالة على علو نبرة الخطاب الديني في إعلام الثورة على ما عداها خاصة مسموعا وهو أمر وان أمكن لي ولغيري تفهمه من الناحية التعبوية للدور الذي لعبه الدين في ما حققه العرب من انتصارات ارتكانا إلى إلهية مصدره وأبدية وعوده ، إلا أن ذلك في الوقت نفسه يسبب للآخر قلقا أو على الأقل نوعا من اللبس في هوية الدولة التي نريد وهو ما عبر لي عنه أكثر من صحفي أوروبي جاء بالإضافة إلى التغطية الإعلامية للثورة و أحداثها لتكوين انطباعات عن المستقبل سينقلها حتما للرأي العام وقبل ذلك لمراكز صنع القرار في بلده
ونقطة للنهاية أقول أن الدين لله والوطن للجميع وبالتالي فليبيا للجميع وبالجميع ومن اخطأ أو أجرم فهناك قانون نحيله بمقتضاه إلى منفذيه إن لم يسعه عفونا و إيانا ومصادرة الحريات تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الذي تجرعنا مرارته مرارا.



الفيتوري بن يونس
7 مارس 2011
ملاحظة : الحقيقة احدى ابرز الصحف الليبية في الستينات ومطلع السبعينات اغلقها القذافي بعد انقلابه بفترة وكان ابرز كتابها الصادق النيهوم وخليفة الفاخري وقد نشر هذا المقال في عددها رقم صفر بعد عودتها للصدور مع انبلاج ثورة فبراير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الحركه بركه-وفي الاختلاف السلمي تقدم وتطور
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2011 / 9 / 12 - 13:09 )
تحيه واعتزاز بالكاتب الجدي والشاعر بمسؤلية الكلمه والواعي لاهمية الاعتراف بالاخر وبالصراع السلمي من اجل اخراج ليبيا من وهدتها بعيدا عن الصراعات الدموية والمزايدات ولنعمق في نفوسنا اننا لسنا او من اخترع السياسة وبناء الدولة
الحديثه لذالك يبقى ضروريا ونافعا جدا التعلم من المجتمعات الناجحهفي اوربا واميركا وليس من بلدان التخلف والدكتاتوريات على انواعها الثلاثه القومية والدينية والطبقية
واهم جو يسمح بذالك الوحده والسلام والاعتراف بالاخر واعتبار انجازات البشرية
في المعرفة والعلم والثاقة انجازات لنا ايضا ولنستفد منها وشكرا

اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟