الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العراق عظيم

واثق غازي

2011 / 9 / 13
الادب والفن


هل العراق عظيم ؟

كل يوم تقريباً ، أسأل نفسي : هل العراق عظيم ؟ هل بلدي عظيم ؟ ، أسمع هذه المقولة تتردد في مناسبة ومن دونها ، هل عليَّ أن أصدق هذه المقولة ؟ وأن أنقلها بشكل ما إلى أبنائي ، لتبقى في ثلاجتها الأبدية محافظةً على كل خصائصها الخارجية ، من العمق التاريخي ،إلى التكوين الجغرافي ، إلى القياس المتري لآباره النفطية التي لا قرار لها . طبعاً سيقذفون صورتي بالأحذية عندما يتأكدون من إنني كنت كاذبا وموهوماً بالتبعية ، كما هو حال الجميع اليوم !
متى كان العراق عظيماً ؟
إذا كان اعتبار ما وصل إلينا من (رُقم ٍ ) طينية هو الدليل على تحضر مَن قطنوا هذه الأرض قبلنا ، فأن في أرجاء الأرض كلها يتوزع ما يماثلها من حيث الغرض والنشأة ، والفارق بين (أطلالنا ) و ( أطلال ) الآخرين ليس بالمهم بالقياس على مدى الإفادة منه كعمق مؤسس لحاضر يمتلك ديمومة المستقبل ، ولم نكن يوما مشمولين بهذا الطرح أبداً .
وإذا رددنا بكل ما أوتينا من عنتريات (نحن العجلة الدوارة ، نحن المسلة ، نحن قنوات الرّي ، نحن الزراعة ) فلا بد أن يخفت الصوت ليأتي صداه سريعا ً :من أنتم ؟ إذا كان ماضيكم قد أفتقر الوسيلة ليؤسس لحاضركم ؟ . هنالك أمم كان لها: الحرفُ ، والخزفُ ،وأخرى لها المدن المشيّدة .. لقد تركوها عند أول حاجة إنسانية ,وانطلقوا بكل قوتهم نحو فضاء أرحب ، فضاء قابل للحياة . ليس معنى هذا أنه يجب إنشاء قطيعة مع الماضي ، ولا يعني تمجيد الروابط معه حد السذاجة والسخف الذي لا طائل من ورائه ، أن الشعوب الواعية تتعامل مع التأريخ باعتباره مُنتج : لك أن تبتاعهُ متى شئت وأن ترمي به في أول حاوية قمامة متى لم يوفر شروط التفاعل مع حالة البقاء .
هل من يدلّني على نقطة بيضاء واحدة في جبين حاكم (ممن حكموا العراق ) وبدون مزايدات على آلام الإنسان العراقي بالقول : (فلان زيّد فلس ، وعلان نص كيلو طحين ) ومن كان قبلهم أسوء حدّ التقيؤ .
لم ، ولن ، يمر حاكم عادل في العراق (العظيم) كما يصفهُ الحكّام الذين مرّوا على خزائنه وتركوه وأهلهُ جياع متخلفون عن المعرفة ومواكبة العالم قرون بكل ما تحمل هذه المفردة من معنى .
لم أنسى أو أتغافل عندما تحولت بالحديث من عصر الطين ، إلى العصر المُهين لكرامة الإنسان العراقي ، حيث أن ما يقع بين هذا وذاك لهو تاريخ ملؤه الدم والخراب وتأسيس الفرقة والبغضاء ، زمن من الانتكاسات التي لو أردنا جردها لما وسعتها أوسعُ ذاكرة رقمية ، لا شيء في هذه البقعة من الأرض يدل على عظمتها ! أن كل أمجادنا نحن العراقيين عبارة عن خرافة .
وليس للأمر علاقة برابطة المكان ، فالمكان يحمل معه أشياء تخص الفرد ، ولكي لا يختلط الأمر على المتلقي نقول : هناك من يجهل الفصل بين المكان والشعب الذي ينتسب لمكانٍ ما ، نحن قطعا ً نحب العراق المكان ونحزن لأمر العراق الشعب .
الشعب الذي لا مفخرة له نتباهى بها بالمعنى البسيط أمام الأمم ..
ماذا أنتجنا منذ مئة عام في شتى المعارف ؟
ماذا بنينا منذ مئة عام على المستوى العمراني ، قياساً بأصغر دولية مجاورة لنا ؟
ما هو رصيدنا أمام الإنسانية ؟
سوى تلك الحروب التي خضناها بإرادة قادتنا العظماء على الدوام ،وبمباركة مرجعياتنا الرشيدة على مدى الدهور ، منذ الإفتاء بحلية قتل الحسين أبن علي بدعوى أنه بغى على إمام زمانه ، إلى جواز القتل على الهوّية ،تقليصاً للنوع المضاد للطائفة المذعورة ..
العراق عظيم : مقولة بحاجة للفحص :
كيف يكون العراق عظيماً وثلاثة أرباع أراضيه بور ؟
وثلث سكانه تقريباً لا يملكون سكناً ، بدليل العشوائيات التي هي منجزنا العمراني الأحدث !
كيف يكون العراق عظيما ً ، وخيرة من أبنائه يملئون منافي العالم مطرودين أو فارين ؟
كيف يكون العراق عظيماً ، وفي داخله وزارة للمهجرين فيه ؟!
كيف يكون العراق عظيماً ، وفيه رجال دين ، بعد أكثر من مليون مسلوب الحياة منذ العام 2003 ولم ينتحر منهم أحدا احتجاجاً على أمر الله !
بماذا هو عظيم :
بخسارة طرفه الشمالي ، بعد أن سام حكامهُ قاطني الشّمال مُرَّ العذاب ، إلى الحدّ الذي جعلهم يغادرون انتماءهم لعظمتهِ بالفدرالية أو بالقادم من ويلاتها ، التي تلوح للطرف الجنوبي بالمصير ذاته ، لكن بمقاسات مختلفة هذه المرة ؟!
بماذا هو عظيم :
بإعادة انتخاب من لا هَمَّ لهم سوى نهب ثرواته ، وسينتخبهم مرةَ أخرى من باب الاحتياط
الوجوبي ، وأخرى دفعاً بالضرر الأصغر ضرراً أكبر ،وهكذا كلما نضج جلد الشعب بدلوا جلده ولن تأخذهم في تردّيهِ لومتَ لائم ..إنهم حكامهُ الذين كسروا قواعد تعامل المستعمر :
- منذ أن نشأ الاستعمار وفي كل ارض يدخلها يقدم من باب (كسر الخاطر ) بعض البنى التحتية ، بعض المساعدة في بناء الإنسان ، فتح مجالات للمعرفة محدودة . إلا في العراق : لقد علمَ حكامهُ مستعمريه كيف يكونوا آيات الله في اللصوصية .. -
ما الذي يلوح في الأفق يجعلنا نطمئن لمستقبل العراق ؟ ماذا تحقق بعد كل انكساراتنا عبر تأريخنا المعاصر على شتى الصُعد ، لكي نأمل أن يتحقق مثلهُ بعد هذه السنوات التي تمتعنا بها (بالموز ، والستلايت فاتح الشفرة ،والموبايل ،والديموقراطية على طريقة (طك وشرد) الأمريكية ، التي سمحت لكل( عشرة من فتاحي الفال ،ومثلهم ممن أسلموا بعد واقعة الجمل ، يوآزرهم بعثيٌّ وذميّ ، برعاية من دول الجوار، أن يشكلوا حزباَ لا منجاة من فوهات بنادقه )
عراق عمقه في التاريخ عمق الوجود ولا ينتج حاكما واحدا عادل .!
عراق ثرواته يسلح عليها الطير والوحش ، وأبناءه إلى اليوم من مقاعد الدرس إلى (العمّالة) ومن يتشطّر منهم ويحصّل الدال قبل أسمه ، إما أن يفر بجلده أو يتحول مصاص دماء حقيقي كامل الموصفات ، إلا من رحم ربي وهم ...
ما يدفعني للسؤال : هو عجز بلدي عن إنتاج أناس نوعيين يأخذون بزمام الأمور .
إذا كنا اليوم نمتلك ثلث احتياطي الأرض من النفط ، ونحن جياع عراة نتعامل بمنطق الغابة من رجل الشارع إلى رجل السياسة إلى رجل العلم إلى رجل الدّين ، من الطفل إلى الكهل ، متى يمكن أن نتحضر ؟ متى تعود علينا منفعة الثروة بتطوير ذواتنا ؟ أم نحن شعب متخلف إلى الحد الذي لا يستحق ما يمتلك ،ومتشدق بالشعارات التي جعلته في المرتبة ألأخيرة في كل شيء وعلى الدوام .؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ