الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اليتيمان قصة قصيره
محمد عبد الله دالي
2011 / 9 / 13الادب والفن
اليتيمان
التفتت في كل الجهات في غرفتها ، فلم تجد شيئاً .. سوى غطاء ومفرش واحد , لايمكن الاستغناء عنهما .. وبعض الحاجيات العائدة لزوجها , كانت كل يوم تبيع قسم من حاجيات بيتها . أملاً أن تتحسن أمورها أو تتغير الظروف , لكن أخذت الأمورتسؤ أكثر , خرجت من الدنيا , بطفل عمره ست أشهر ولا معين لها , فتحت صرت الملابس , وقع نظرها على أجمل ثوب لديها , إنه يحمل أجمل ذكرياتها .. غطت وجهها به وأجهشت بالبكاء , وهي تقول .. ــ ما هو ذنبي ؟ .. لم أفعل شيئاً ؟ ! استحق عليه هذا العقاب , أخذتم أجمل شيء في حياتي , زوجي . كان أمي وأبي ,وأخي .. واستمرت بالبكاء حتى أغمي عليها , كان الطفل يبكي لبكائها ., إنها الغريزة .. انتبهت من غيبوبتها وهي تشم رائحة الثوب .
استرجعت ذكرياتها الطفولية الجميلة , كيف تقدم لها قاسم ؟ وهي تعيش في دار الأيتام , ترعرعت منذ نعومة أظفارها وتربت على حب الخير , والعفة , وامتلكت جزء من التعليم المتوسط , كانت تقف يسترق السمع , عما يدور من حوار مع مديرة الدار , والأشخاص الذين صاحبوا قاسم .. وهي تفرض شروطها , عليهم , حيث قالت لهم بالحرف الواحد .
ــ هذه بنتي .. وأنا المسؤلة عنها , وأريد ضمان لمعيشتها , لأنها مقطوعة من شجرة ,وأريد رجل يحميها من نوائب الدهر .
ــ رد عليها أحد الرجال ... أختي هذا يتيم , فقد أبواه في قصف المدن أثناء الحرب ,وكذلك مقطوع من شجرة ,وتنالين الأجر والثواب , إذا جمعت أيتاما ليكوّنوا أسرة جديدة .. وبعد مداولات مع مديرة الدار , طلبت منهم أوراق ثبوتيه , كأنها عملية بيع وشراء من الدولة . كانت هدية الدار هذا الثوب الجميل , رنت في أذنيها .. زغاريد صديقاتها في الدار .وكيف ودعنها بالقبلات , كانت أجمل أيام في حياتها , وعندما جاءت إلى البيت حملها زوجها من الباب إلى غرفة النوم هذه .... كانت مجهزة بكل شيء ترغب فيه , كانت ملكة البيت , تنتظره عندما يعود من العمل محملاً بما لذَ وطاب , تقول له لم كل هذا , يقول لها , أنا اتعب لمن ... أنتِ أمي وحبي تشمُ رائحةَ التعبِ من جسدهِ , تمسحُ جبهتَه من عرقِ العملِ , تقلب يده وتسأل ..
ـــ قاسم ..لماذا يد العامل تختلف عن كل يد ؟
ــ كان يجيب .. ها .. من علمك هذا ؟ .. حَضّري الغداء .. وبعد ذلك أجيب عن سؤالك .. ماذا .... تقولين؟
ــ ما يصير خاطرك إلا طيب .!قطرات الدمع , تنزل من عينيها , بصمت , طوت الثوب ودسته بالكيس , اتجهت للسوق لبيعه .. وكالعادة , اتصلت بنفس بائعة الملابس ( الدلالة) . طرحت عليها فكرة قائلة :ــ يا حبيبتي ، يا عيني , لماذا تهدرين هذا الجمال ؟ ولماذا تعذبين هذا الطفل البريء؟ .. يا عيني الدنيا مفتوحة إمامك وألف من يتمناك . وبساعة واحدة تقدرين أن تحصلي على آلاف الدنانير , وتعيشين بعز !!. بعد أن دفعت لها مبلغا زهيداً , نظرت إلى يدها ماذا تشتري .. أكل لها أو حليب للطفل . لأن الجوع والعوز أفقدها الحليب . أو للإيجار . كاد ان يغمى عليها ، تمالكت نفسها وانسحبت إلى أقرب مكان لترتاح , تهالك جسمها من الألم , اشترت وهي في طريقها إلى البيت بعض الحاجيات للطفل ولسد رمقها و شعرت كل شيء فيها انتهى , وبعد جهد وصلت إلى البيت , وهو ليس بالبعيد عن السوق , دلفت إلى الدار بسرعة , وضعت الطفل وهو يبكي , واستلقت أرضا لتريح جسدها وهي في حالة يرثى لها من الألم والجوع , وهول ما سمعت من البائعة , غابت عن العالم لفترة من الزمن , تزاحمت في رأسها الأفكار , وأشتد صراع مرير بين الخير الذي تحمله في كيانها وبين الشر القادم من السوق ..! فتحت عينيها وهي مستلقية , سحبت طفلها وهو يبكي و ضمته إلى صدرها لترضعه من ثديها الجاف , أخذه بشغف تشبث به عسا هان يحظى بقطرة فلم يجد فاستشاط غضباً , حولته إلى الجانب الآخر , لعله يجد شيئاً ويسكت شاطرته البكاء , وهي تهدهدهُ , وتندب حظها وتصب جام غضبها على غراب البين , الذي اخذ منها النور والحب والأمل .. انتزع عيناها وكل مساحات الأرض الخضراء , قَطًعَ أوصالها قطعاً وأطعمها لكواسر الأرض , ومصاصي الدماء وللقطط السمان من البشر .. تكلم ابنها .. هل سمعت يا بني عن آكلي البشر , بل هم أبدعوا في أكل البشر دفنوهم , أحياء أمام وجه القمر وبكاء السماء .. ودموعها تنهمر ... أصيح وأظل أصيح مَنْ ينقذ الأرض من مخالب البشر , وا أسفي .. جاءت غربان أخرى تأكل البشر ويستمر البكاء من الاثنين .. تنهض بصعوبة بالغة , أعدت له الطعام من ثمن الثوب , حتى شبع واخلد للنوم . وأكلت ما تبقى من خبز وخضروات سدة رمقها وأكملت نومها .فإذا هي بحر من النجوم والأقمار , وأمطرت السماء ألوان من الورق أحدها يتوسطها حصان جمعت منها آلاف , كمية لا يستهان بها و طارت من الفرح , كأنها في الجنان , واشترت ما لذ وطاب وألبست ابنها أجمل الثياب , استيقظت من حلمها الجميل على صوت طرق الباب , رأت نفسها على التراب .. في غرفة رطبة بالثقوب .. قامت متثاقلة , اعتادت أن تنظر من ثقب صغير في الباب , فإذا هو صاحب الدار , غطت رأسها بعباءتها الخرقة وقالت :ــ نعم آمر .. ماذا تريد ؟
ــ أختي الإيجار .. الشهر انتهى
ــ أرجوك أمهلني أيام , حتى أتدبر لك المبلغ .
ــ ردّ عليها لا تنسي .. الإيجار أكثر الشهر القادم !. السوق أشتعل نار .. أمهلك إسبوع فقط , وليكن في علمك أن البيت بإمكاني أن استفاد منه أكثر .
أغلقت الباب وأسندت ظهرها عليه , اسودت الدنيا بعينيها , حاصرتها من كل جانب , ذهبت بعيداً في أُفقِ حياتها , حاولت جهد إمكانها أن تبعد شبح الألم الذي سيطر عليها , اندفعت إلى الداخل , أخلدت إلى الهدوء.. كان يوم شاقاً .. واجهت فيه ضغوط كثيرة . أعدت وجبة العشاء منكرة هذه الليلة .. لم يبق لديها شيء لفطور الصباح ..طافت بنظرها في أرجاء البيت لم تجد شيئاً للبيع . سلمت أمرها .. لما يأتي في اليوم الثاني .وفي نفس المساء . قامت ملبية نداء الطارق على الباب , أطلت كالعادة من ثقب الباب , وإذا بائعة الملابس , فتحت لها الباب :ـ
ــ مفاجأة .. أليس كذلك ؟
ــ نعم مفاجأة ! لم أتوقع مجيئك تفضلي , دلفت تتمايل إلى الداخل . قائلةً هو هذا بيت ؟ تسكنين به , إنهُ قبر أنت مدفونة بالحياة , يا أم رضا !! . ردت عليها ... أتدرين من أوصلنا لهذه الحال .. أم لا ! ؟
ــ لا هذا غير صحيح , نحن أناس غير جيدين , أحدنا يأكل الأخر , أنت أما سمعت المثل الشعبي .. ( أمشي بهدان , وتعيش لأمك زمان ) .
ــ حسناً أبو رضا ماذا فعل , أخذوه ,من الشارع وهذه سنون , ماذنبه ؟
ــ يا بنت الحلال , أنت مسكينة , لاتعرفين الرجال .. نصفهم مدفون تحت الأرض .. هل أنت راضيه على هذه الحال ؟
ــ طبعاً لا!
ــ أخرجي الى الحياة .. انظري لحالك وحال الطفل وخاصة .. ليس لديك من يعيلك .
ــ صحيح ما تقولينه .. لكن الله موجود .
ــ صحيح الله موجود , لكن يقول سبحانه وتعالى (أسعى يا عبدي وأنا معك ).أطرقت إلى الأرض , حاولت أن تجمع أفكارها المشتتة .. أسعى ياعبدي وأنا معك .. من أجمل الأقوال .. لكن السعي في أي اتجاه .. أين المادة ؟ التي اسعي بها .. تقطع سلسلة أفكارها وتقول بصوت مسموع ــ استغفر الله ونعم بالله ــ هل عندك حلول ؟
ــ عدة حلول .. وأنت اختاري الحل المناسب , خلي عقلك براسك تعرفي خلاصك .
ــ أزوركِ غداً . كوني مستعدة .. اعتن بمظهرك جيداً , وهذا مبلغ بسيط , لشراء بعض الحاجيات , وأنا متأكدة سوف تكونين , بأحسن حال وضحكاتها تملأ أجواء البيت .. وهي تعرض نفسها ..كعارضة أزياء .. خرجت وخلفت وراءها امرأة محطمة , مكسورة النفس .فتحت يدها لتعرف المبلغ .. خمسة آلاف دينار حدثت نفسها. هل مقدمة لعمل ما ؟
ذهبت بتفكيرها بعيداً , حاولت أن تجد تفسيراً لنوع العمل , ولبساطتها كانت تمني النفس على أن تجد لها عملاً تحفظ به كرامتها , جلست بعد أن أتعبها التفكير , وضعت ابنها على صدرها لإرضاعه , بذل جهداً , وهو يتمتم بكلمات غير مفهومه, كانت دليلاً على عدم وجود حليب كافٍ لإشباعه .. وكيف يحصل على حليب من صدر جاف , أنهكه التعب والألم والجوع .. قسمت المبلغ وهي ترضع طفلها .. قسم للإيجار , وجزء لشراء حليب والباقي لمصروف البيت , باتت , الليل على أمل لقاء ( الدلالة) , وهي على أتم استعداد .. وفي الصباح , اغتسلت أجرت على نفسها تغييراً بسيطاً ساعدها على ذلك جمالها الذي أفسده عسر الحال .. طُرِقَ الباب , ونداء من الخارج
ــ أم رضا أفتحي الباب ؟
فتحت الباب بعد إن تأكدت كالمعتاد .. رحبت بها .. ما إن وقع نظرها على أم رضا .. صاحت بها .. غير معقول , عيني ضعي قليل من الماكياج ! العمل يتطلب ذلك .
ــ يا أختي .. من أين لي ما تطلبين ؟
فتحت محفظتها المعلقة على كتفها .. أخرجت مجموعه من العلب الملونة , وضعتها أمامها .. قالت لها :ــ
ــ تعرفين , كيف تضعين الماكياج أو أقوم بذلك
ــ لا أنا سأقوم بذلك .. تناولت قطعة من مرآة مكسورة , أضافت لوجها مسحة من الجمال. ـــ استعجلي , الوقت يمضي بسرعة ؟
غيرت لطفلها وطوت النقود ووضعتها في صدرها , وإذا بصوت منبه السيارة في الباب , إصابتها الدهشة عندما رأت سيارة من احدث الموديلات وكان وراء المقود رجل في متوسط العمر , صعدت الدلالة في المقدمة وصعدت أم رضا في المقعد الخلفي ,رحب يهما صاحب السيارة , وكانت ابتسامة عريضة مرسومة على وجههِ .. قدمت بائعة الملابس أم رضا قائلةً:ــ
ــ أقدم لكَ زينت البنات .!
ــ أجاب مكانها بعيني .
أبو الوفا.. أم رضا آماته برقبتك ,ولا احتاج أن أوصيك بها .
انطلقت السيارة في شوارع المدينة لمسافة تبعد عدة كيلو مترات على الأقل, نزلت البائعة .. مودعة الاثنين ودعت لهما بالتوفيق , وطلبت منها الجلوس في المقعد الأمامي , لكنها رفضت , ضحكت وقالت لها .
ــ أم رضا خجلانة , غداً تتعودين ولا يهمك .. عيوني أنتِ , انطلقت السيارة وأم رضا لا تدري في اتجاه تسير , وأي عمل ينتظرها ... بادرها بالسؤال وهو يبتسم ..!
ــ أم رضا .. أين تحبين أن نذهب .. ؟ إلى الكورنيش أو إلى بيتنا أو بيتكم ؟
توقفت عن النظر ,حدقت في ارض السيارة .. أصابها الذهول ماذا يقول ؟ وأين العمل؟ وماذا نوع العمل ؟ . لم تجب على سؤاله .. كرر عليها السؤال
ــ امرضا .. نحن وحدنا ,لا تخافي ,ألم تخبرك صديقتك بالموضوع ؟
ــ أجابته .. قالت لي هناك عمل !! هل هذا العمل ؟
ــ نظرت إليه بغضب واشمئزاز ! وقالت العمل شرف , العمل مقدس العمل هو كرامة الإنسان ..لماذا تشوهون هذا الاسم المقدس ؟
ــ يا بنت الحلال , لاتصيرين مجنونه , وتضيعين فرصة العمر .. سأصنع منك ملكة , ولا ينقص منك شيء .
ضمت ابنها إلى صدرها ..وأجهشت بالبكاء .. وصرخت بوجهه مع الأسف على وجهك شوارب , ونزلت ودموعها تجري , واهتز كيانها ,أغلقت الباب بقوة , ارتبك وتلفت بخوف وانطلق مسرعا , بصقت خلفه اتكأت إلى اقرب حائط .. ولم تتمكن من الوقوف فجلست وواصلت البكاء , أجمعت قواها , وكأنها من مخلفات الحرب . رجعت إلى البيت والدموع لا تفارقها . .. وهي باسؤ حال .. باتت ليلتها وهي تغلي غضباً على البائعة .. وفي الساعات الأولى من النهار .. ذهبت إلى السوق , وبدون أي مقدمات ,رَمت النقود بوجه الدلالة وقالت :ــ مع الأسف .. الدنيا تجبرك على أن تمد يدك لعدوك و ولساقطة مثلك .!
ــ هذا جزائي .. وحاولت مساعدتك و لكن أنت لا تستحقين الخير
ــ الخير موجود , وأهل الرحم أكثر .
تركتها وتتحدث للنسوة الجالسات بالقرب منها .. وتبرر موقفها , عادت وكأنها استرجعت كيانها , بعد أن خلّصًتْ نفسها من كابوس كان يجثهم على صدرها , تنفست الصعداء , وهي مكسورة القلب .. وبعد فترة من الزمن , طُرِقَ الباب .. قامت متثاقلة بعد أن وضعت كلتي يديها على الأرض , أحست إنها كَبُرت عشرات السنين .. نظرت من ثقب الباب , من تكون ؟
ــ أختي أم رضا .. أنا صديق قاسم , واسمي ناصر .
ــ لكن لا أعرفك ولم أراك يوماً ؟
ــ أنا أعمل في السوق مع زوجك وقد رأيتك هذا اليوم إن موقفك المشرف يفرح القلب .فتحت قليلاً الباب وتأكدت منه .. أمر خدمه .. أنت تعرف إنا وحدي .
ــ أنا اعرف كل شيء , ومتابع لحالتك , وإعتبريني أخاك , وأريد أن أقدم جزء من دين أخي وصديقي أبو رضا عليّ .
ــ جزآك الله ألف خير وكَثّرَ من أمثالك ... مدً يده من فتحة الباب , ودفع بظرف إليها .. أخذته مجبرة وشيء من الخوف يسيطر عليها .. خشية أن يكون كسابقه .
ــ أختي أنا حاضر للمساعدة . واعمل بجوار محل زوجك القديم . وأنت رفعت راسي هذا اليوم لما شاهدته منك واعذريني لأني اختفيت فترة من الزمن وعدت للعمل , وان شاء الله يعود أبو رضا وتفرحين ... في آمان الله .
ــ أشكركَ وجزآك الله خيراً.
فتحت الظرف , بلهفة لحاجتها الماسة للمال , عَدتْ النقود . قبلتها و ورفعت رأسها للسماء .. حاشا لله إن يترك عبده .... لبست عباءتها وحملت طفلها , وخرجت مسرعة . اشترت ما تحتاجه من طعام .. ثم عرجت على صاحب البيت وأعطته الأيجار شيء من الهدوء والاستقرار النفسي سيطر عليها . عادت إلى البيت أعدت لطفلها الحليب أكلت بنهم كأنها لم تأكل منذ زمن , ناما الاثنان كأنهما فارقا الحياة .
فتحت عينيها صباحا بصعوبة تثاءبت, رفعت رأسها من الوسادة بتثاقل , واستعادت نشاطها , وأصبحت أكثر استعداداً على التفكير .. وهي تمل في المنزل .. طرحت على نفسها عدة أفكار .. عساها تتوصل لعمل يحفظ لها كرامتها .. ماذا تفعل بما تبقى لديها من النقود ؟ توصلت إلى مشروع بسيطاً قابل للتوسع . وضعت ابنها على يدها وتهيأت للخروج قررت شراء سكائر من أنواع عده وبيعها وقالت العافية بالتدريج .. اختارت مكان في زاوية من السوق وافترشت قطعة من الكارتون , كان أول يوم عملٍ لها في التاريخ . يوماً مميزاً وقد تفاعل معها الناس .. ولا ادري هل لكونها امرأة وأم لطفل , أو تقديراً لها لأنها تعمل ولا تمد يدها , إنه عمل شريف .. وعندما أنتصف النهار ابتاعت ما يسد حاجتها من السوق . وذهبت إلى البيت . كان يدرُ هذا العمل مبلغاً بسيطاً , من المال زادته بإضافة أنواع أخرى من السكائر . أضافت لها الأيام الخبرة والمال , وازدادت معارفها واستأجرت لها حانوت صغير ,كَبُرَتْ وكًبُر رضا واخذ يساعد أمه في العمل , وإن فرحتها به لا يعدلها شيء في الدنيا . وفي خلال هذه الأعوام التي مرت انتقلت من بيت إلى بيت وفي يوم قائظ طُرِقَ الباب , فتح الباب رضا , انتصب أمامه رجل كثُ الشعر , يرتدي ملابس بالية ويحمل بيده كيس يدل غنه متسول ,سأله رضا يا عم الله يعطيك ... !
ــ سأل الرجل رضا ما اسمك ؟
ــ لماذا تسأل عن اسمي ؟أنت رجل متسول !!
ـــ ردً عليه الرجل ..وهنا أمك ؟
ــ نعم امي في البيت .. هل أنت مختار أو احد المسؤلين ؟
ــ نادته أمه , مع من تتحدث؟
ــ ماما هذا رجل متسول يسأل عنا .
ــ أعطه مبلغ من النقود إكراماً .
ـــ مدً يده للرجل وأعطاه مبلغ من المال ..نادها انه يرفض المال !
ــ دقيقه انتظر سأوافيك .. خرجت إلى الباب , وقع نظرها على الرجل فزً قلبها ,
ــ نعم ماذا تريد ...هذا هو المقسوم
نا ناداها باسمها .. هديه .. شكلي تغير ,غيرته الأيام والعذاب ,لكن هل أنستك الأيام صوتي .. دفع لها هوته الشخصية . من قاسم ؟! . نعم قاسم .سحبته إلى الداخل .. وتعانقا وعناق العشاق ‘نقطع بينهما الكلام إلا صوت البكاء .. إلى أن جثيا على ركبتيهما واحدهما يحتضن الأخر وقف رضا والدهشة مرسومة عليه , وهو ينظر لهذا المشهد المؤلم .. رأى نفسه يبكي لبكائهما ,نادته أمه ماما هذا أبوك قاسم ! احتضنهما .وهو يصيح أمي أبي .. ضم ابنه إلى صدره وهو يسترجع ذكرياته الجميلة ويشمه .
نقا وعناق العشاق ‘ ذكرياته الجميلة ــ بابا أنا متأسف لم أعرفك ؟
ــ أبني تركتك وأنت صغير .. الله على الظالم , قامت من فورها بإعداد الحمام , وقدمت له الملابس التي كانت تحتفظ بها .. خرج من الحمام بشكل جديد ,
ــ سألها .. حدثيني عما جرى لك خلال هذه السنين .. لأنهم كانوا يوصلون لي أخبارا سيئة .. لا يقبل به العقل . عرفت بعد ذلك إنه جزء من التعذيب النفسي .. تبادلا الحديث . كانت قصتيهما قصص ألم ,فحمداً لله على كل شيء . قالا حسبنا ونعم الوكيل وفي صباح اليوم الثاني أخذته إلى حانوتها الصغير ,قالت له .. أبو رضا أستلم هذه الأمانة .. أريد أن أرتاح , وضعت المفتاح بيده .. ثم أردفت قائلةً ..لن أنسى موقف صديقك ناصر هذا الفضل يعود له ,, لكن ناصر انقطعت أخباره ... حولت رد الجميل , نظرة إلى قاسم تغيره أحواله , ثم نزلت دموعه عند ذكر صديقه ثم قال والكلام يتكسر في صدره . والعبرة تخنقه .
ـــ التقيت به في السجن , عاش معي سنتان , نأكل وننام سوية , وفي أحد الأيام الباردة .. أخذوا ناصر وفي هدأه من الليل سمعنا صوت رصاص , وصراخ كسر الصمت وأدمى قلوبنا , ولم يعد ناصر ... ألم أعتصر قلب أم رضا وعبرة . وعتاب مرير للزمن , قالتــ لم يسلم منهما أحد .. أيتموا الأطفال ورملوا النساء , وشردوا الأحرار . هدأت أبو رضا سادهم صمت واحدهما يواسي الأخر ،،،،ـــــ قالت له هذا طريق الحرية وصديقك باب من أبوابها......
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف
.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين
.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص
.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة
.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس