الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتياط الاستراتيجي لممارسي التخلف السياسي

بودريس درهمان

2011 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



الاحتياط الاستراتيجي لممارسي التخلف السياسي باسم الآخرين سواء كان هؤلاء الآخرين من أفراد الشعب الموضوعين تحت الحجر الهوياتي، أو كانوا من الممارسين للحكم؛ الاحتياط الاستراتيجي لممارسي التخلف السياسي، و تحت غطاء الهوية سواء كانت هذه الهوية إيديولوجية، عقائدية، لغوية، إثنية أو غيرها كل هؤلاء الحماة للتخلف السياسي نضب احتياطهم و كل أشكال المناورة لم تعد مجدية، ليس لأن الشعب استيقظ من سباته العميق كما يعتقد الكثيرون، و لكن لأن كلفة التخلف السياسي باهظة الثمن و ليس هنالك حاليا، أخذا بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي الدولي الحالي الصعب جدا، دولة واحدة يستطيع اقتصادها تحمل كلفة التخلف السياسي لمدة تتجاوز ثلاثة أو أربع سنوات. الانهيار الحاصل حاليا لمجموعة من الدول هو انهيار سياسي بتجليات اقتصادية، بما فيها حتى ما حصل للولايات المتحدة الأمريكية قبل مجيء الرئيس أوباما، الانهيار الاقتصادي هو في الأساس وليد التخلف السياسي و ليس وليد العجز الاقتصادي أو قلة الموارد.
العقلاء من بين الذين يمارسون الحكم بداخل الدول التي تفيض فيها قيم التخلف السياسي عن اللازم استخلصوا النتائج لا محالة و اقتنعوا بأن التخلف السياسي كارثي و باهظ الثمن لهذا سيعملون جاهدين لإحالته على المتاحف السياسية حتى تتم مشاهدته عن قرب و حتى يتم بالخصوص الانتفاع من عائداته عبر مداخيل السياح و عائدات المنتجين الشغوفين و المهووسين بأخبار التاريخ القديم.
كل عواصم دول العالم المتقدم تعج بالمتاحف التي تذكر الناس بالعالم القديم و تدعوهم إلى الانفتاح أكثر، و التقدم أكثر و التضامن أكثر. المتاحف في عواصم العالم المتقدم تذر مداخيل مهمة لصناديق الجماعات المحلية، و يمكن لمن يريد أن يتأكد من هذه الحقيقة التاريخية و السياسية أن يطلع على عائدات متاحف دول الاتحاد الأوروبي أو دول أخرى مثل اليابان و الولايات المتحدة الأمريكية و غيرها.
المتخلفون سياسيا يعتقدون دائما بضرورة مزج الدين بالدولة لأنه في نظرهم الدين يصون تماسك الدولة، في حين الحقيقة الساطعة و هي أن الدولة هي التي بقوانينها و بجبروتها تصون الدين و الدولة.
المتخلف الحقيقي في المجال السياسي ليس هو من يمارس الحكم في ظل التخلف السياسي، بل المتخلف السياسي الحقيقي هو من يساهم في عملية الاستثمار في إعادة إنتاج التخلف السياسي، و الدليل على ذلك حتى حينما تتم إزاحة من تم الحكم عليهم بالتخلف السياسي يزداد هذا التخلف نموا.
التخلف السياسي و لمدة خمسون سنة خلق حالة صداع نصفي دائم و خلق للشعب حالة انفصام تتجلى في عدم تكافئ القدرة مع الإرادة، فقط لأن التخلف السياسي لا يساعد على الفهم. الصداع النصفي يخلق حالة العسر: عسر القراءة و عسر الفهم؛ التخلف السياسي يعطل حتى الدماغ العاطفي الضروري لحالات التضامن القصوى كما هو الشأن في حالات الكوارث و الحروب.
الاستثمار المبالغ فيه لإطالة أمد الانتفاع من الاحتياط الاستراتيجي للتخلف السياسي قد يدفع بمن تغريهم عائدات هذا التخلف إلى مقايضة كل شيء، كمقايضة أمن و صحة و تعليم المواطنين، مقابل الإبقاء على التخلف بل و هنالك من هو مستعد إلى الذهاب بعيدا و مقايضة الإبقاء على هذا التخلف أو التنازل حتى على الوحدة الترابية كما فعل مستثمرو التخلف في دولة السودان.
المستثمرون في إطالة أمد الانتفاع من الاحتياط الاستراتيجي للتخلف السياسي، لا محالة أنهم تلقوا ضربات موجعة جراء حزم الدولة في السير قدما نحو التحديث و عصرنة القطاعات و تجديد آليات التدبير و المراقبة؛ إلا أن كل هذه المجهودات جوبهت بمجهودات لا تقل عنها قوة بواسطة التثوير الغير محدد المقاصد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24