الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات المصرية - السعودية والحقائق الغائبة!!

عبدالوهاب خضر

2011 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تحتوى اوراق الهيئة العامة للإستعلامات فى مصر على وثائق خطيرة ومتميزة يجب التطرق اليها فى هذه الايام كرد عملى على هؤلاء الذين يحاولون منذ إندلاع ثورة الشعب المصرى فى الخامس والعشرين من يناير الماضى تشويه العلاقة التاريخية بين الشعبيين السعودى والمصرى ،خاصة وان بلد مثل السعودية له ثقل فى المنطقة سواء من الناحية الاقتصادية والدينية وحتى السياسية والنفسية عند المصريين يستحق ان نرصد للرأى العام بعض الحقائق.
ولعل محاولة البعض خلق ازمة بين البلدين فى ظل مشاكل المعتمريين المصريين وتعرضهم لظروف اثناء العودة ، والسعى بإستمرار إلى خلق كراهية نظرا لغضب النظام السعودى واعلانه عن رفضه لمحاكمة الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك وترحيبها بعلاجه على اراضيها ، كل ذلك يجعل فتح ملف العلاقات التاريخية والمواقف التضامنية بين البلدين واجب وطنى .
فالسعودية ليست العدو لمصر فهى بلد شقيق ويتميز شعبه بالطيبة على خلاف دول عربية اخرى لم تقدم لمصر – وليس لشخص- ما قدمته المملكة خاصة فى اوقات الحرب والازمات الاقتصادية ،فالعلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية تعتبر علاقات متميزة نظرا للمكانة والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها البلدين على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية ، فعلى الصعيد العربي تؤكد الخبرة التاريخية أن القاهرة والرياض هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي .
كما أن التشابه في التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية يؤدى إلى التقارب إزاء العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية مثل الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية ، ومن هنا كان طبيعياً أن تتسم العلاقات السعودية المصرية بالقوة والاستمرارية.
ووبغض النظر عن موقفى المعادى لسياسات النظام السابق فى مصر والتى دفع ضريبتها الملايين من سكان المقابر والعاطليين وانتشار الفساد بشكل غير مسبوق فإن القارئ الجيد للسياسة الخارجية يكتشف ان تعامل النظام السعودى مع حكومة مصر ايا كانت كان دعما للموقف المصرى والمصالح المصرية العامة السياسية والاقتصادية والعسكرية وليس دعما لشخص او مجموعة و هناك مزيدا من الخصائص تتعلق بالعلاقات السعودية المصرية وتضفى عليها قدرا أكبر من الخصوصية وعلى رأسها العلاقات السياسية :
فلقد أدرك المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود بكل وضوح الأهمية الإستراتيجية للعلاقات المصرية السعودية وانتهى إلى مقولته الشهيرة " لا غنى للعرب عن مصر – ولا غنى لمصر عن العرب " فمنذ أن بدأ بناء الدولة السعودية الحديثة في عام 1902 حرص على إيجاد علاقة قوية مع مصر .
وعام 1355 هـ - 1926م عقدت معاهدة صداقة بين البلدين ، ثم وقعت اتفاقية التعمير بالرياض في عام 1308هـ / 1939م التي قامت مصر بموجبها بانجاز بعض المشروعات العمرانية في المملكة ، وكان لمصر والمملكة دور كبير في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، ثم كانت زيارة الملك عبد العزيز إلى مصر دفعة قوية للعلاقات بين البلدين .
وأيدت المملكة مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية ، وفى 27 أكتوبر عام 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين حيث رأس وفد المملكة في توقيعها بالقاهرة المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز .
وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية ، وقد قدمت المملكة لمصر في 27 أغسطس 1956 (100 مليون دولار) بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي وفى 30 أكتوبر أعلنت المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر .
وعقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام 1967، فقد توجه المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود ،واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973حيث ساهمت المملكة في الكثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب ، وقادت المملكة معركة البترول لخدمة حرب أكتوبر وجاءت هذه الحرب بنتائجها العسكرية السياسية لتثبت حقيقة إستراتيجية هامة هي أن لقاء مصر والمملكة على إستراتيجية واحدة ممثلة في التنسيق الشامل يمكن أن يحقق الكثير للأهداف والمصالح العربية العليا.
وتؤكد الزيارات المتبادلة بين القيادات المصرية والسعودية- ايا كانت مواقفنا الان من هذه القيادات المصرية فنحن نتحدث عن مبدأ- على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين،وقد شهدت العشرين عاما الماضية العديد من الزيارات المتبادلة بين البلدين على جميع المستويات ، فقد قام الرئيس السابق حسنى مبارك بأكثر من 30 زيارة للمملكة العربية السعودية خلال الفترة من عام 1981 إلى عام 2007 التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين لبحث واستعراض كافة القضايا العربية والدولية والمستجدات على الساحتين العربية والدولية فضلا عن العلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط البلدين .
اما عن العلاقات الاقتصادية فحدث ولا حرج فقد تناولت القمة الثنائية التي عقدت بين ‬الرئيس السابق حسني مبارك و خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ‮ بالرياض في 32 ديسمبر 2009 بحث التعاون الاقتصادي‏,‏ وفتح آفاق جديدة للتعاون التجاري بين مصر والسعودية والعمل علي تذليل العقبات أمام رجال الأعمال في البلدين لمواصلة استثماراتهم بما يحقق المصالح والأهداف المشتركة لكل من مصر والسعودية,في إطار أهمية تنسيق المواقف المصرية والسعودية في جميع القضايا التي تهم العالم العربي والإسلامي بما يخدم المصالح العربية المشتركة‏.‏
وفي إطار تدعيم وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات الاقتصادية ،والعلمية والصناعية ، شهد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء السابق والأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي ووزير الداخلية في 13/10/2009 التوقيع علي‏9 ‏ مذكرات تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والاستثمارية والصناعية‏.
وشملت مذكرات التفاهم التعاون في استخدام التقنية الحيوية في استخلاص العقاقير الطبية بين مدينة مبارك العلمية وجامعة الملك سعود بالرياض ومذكرتي تفاهم في مجال الكهرباء والتقنية الحيوية بين جامعة الإسكندرية وجامعة الملك سعود ومذكرتي تفاهم للتعاون العلمي والبحثي وتحضير البوليمرات وتطبيقاتها بين جامعتي القاهرة والملك سعود ومذكرتي تفاهم للتعاون العلمي والبحثي في مجال الكيمياء حول الدعامات السيراميكية الصلبة في مجال التشييد بين المركز القومي للبحوث وجامعة الملك سعود .
وتضاعفت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والسعودية عدة مرات خلال فترة الثمانينات والتسعينات والسنوات الأربع الأولى من القرن الحالي ، حيث شهدت نموا مضطردا خلال الأعوام الماضية فقد احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولي بين الدول العربية المستثمرة في مصر والمرتبة الثانية علي مستوي الاستثمارات العالمية،‮ ‬بقيمة تجاوزت أكثر من ‮٧١ ‬مليار جنيه،‮ وتحرص البلدين على الارتقاء بالمسار الاقتصادي ,حيث بلغ حجم ‬ التجارة البينية بين مصر والسعودية 7.4 ‬مليار دولار في عام ‮2008خاصة أن المناخ الاستثماري في مصر مهيأ لإقامة مشروعات سواء بصورة مستقلة أو مشتركة مع رجال أعمال مصريين في مختلف القطاعات‮.‬
وخلال الفترة من 30 مارس إلى 3 أبريل 2005 تم عقد الدورة الحادية عشر للجنة المصرية السعودية المشتركة بالقاهرة برئاسة وزيري خارجية الدولتين بعد توقف دام أكثر من أربع سنوات.
وفى مايو 2005 حدث اجتماع اللجنة الفنية المشتركة برئاسة وزيري التجارة الخارجية والصناعة بالقاهرة و الاتفاق على عقدها بصورة دورية كل ستة أشهر بالتبادل بين عاصمتي الدولتين .
فزيارة الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة للسعودية ثلاث مرات في شهور يناير و مايو وسبتمبر2005 خير دليل على اهمية العلاقات.
وخلال عام 2005 انعقد مجلس الأعمال المصري السعودي مرتين، الأولي بالقاهرة في شهر مارس و الثانية بالرياض في شهر مايو .
وفى أغسطس 2005 تم إقامة الدورة الخامسة عشر لمعرض المنتجات المصرية في مدينة جدة ، وهو المعرض الذي يقام سنوياً .
وبلغ ‬حجم التبادل الجاري بين البلدين ‮ خلال عام ‮2008 ‬نحو‮ ‬4‭.‬4‮ ‬مليار دولار،‮ ‬وتقدر الصادرات المصرية بنحو‮ ‬3.1 ‬مليار دولار تتمثل في الحديد والصلب،‮ ‬الأثاث،‮ ‬المنتجات الغذائية،‮ ‬المواد الخام،‮ ‬الحبوب والخضروات والفاكهة،‮ ‬المنتجات الطبية‮. ‬الأجهزة الكهربائية،‮ ‬في حين بلغت الواردات المصرية خلال عام‮ 2008‮ ‬نحو‮ ‬3‭.‬1‮ ‬مليار دولار وتمثلت في السولار،‮ ‬البوتاجاز،‮ ‬المنتجات البترولية،‮ ‬الوقود والزيوت المعدنية‮‬، البلاستيك والمطاط المواد الكيميائية،‮ ‬الآلات والمعدات‮.‬
ويبلغ‮ ‬إجمالي عدد الشركات الاستثمارية التي تم تأسيسها بمساهمات سعودية في مصر‮ ‬2355‮ ‬شركة بإجمالي مساهمات بلغت نحو‮ ‬1.20‮ ‬مليار جنيه مصري،‮ ‬وقد تأسس ما يقرب من‮ ‬50٪‮ ‬من تلك الشركات خلال السنوات الخمس الأخيرة وتحديدا منذ عام‮ ‬2004‭، ‬ كما يساهم رأسمال مصري في 302 شركة بالمملكة العربية السعودية بقيمة 221 مليون دولار. وفق احصائيات وبيانات صادرة عن هيئة الاستثمار السعودية عام ‮2007 ‬والتي تتحدث عن عدد من المشروعات المصرية التي يقيمها مصريون مقيمون في السعودية يبلغ‮ ‬عددها ‮1047 ‬شركة أغلب هذه المشروعات هي مشروعات صغيرة ومتوسطة توجد منها ما تعمل في الأنشطة الخدمية ‮٨٩٨، ‬و تضاعفت العمالة المصرية في المملكة إلى أكثر من 900 ألف .
وتتركز أهم الاستثمارات السعودية في القطاعات الخدمية والتي تضم خدمات النقل واللوجيستيات والصحة والتعليم والاستشارات‮ ،‮ ‬يليها الاستثمار الصناعي ثم قطاع الإنشاءات،‮ ‬الاستثمار الزراعي والصناعات الغذائية،‮ ‬الاستثمار السياحي حيث تأتي في المرتبة الثانية عربيا من حيث التدفق السياحي العربي، ويبلغ إجمالي الإنفاق السعودي في السياحة المصرية نحو 500 مليون دولار سنويا. والاستثمار في قطاع الاتصالات ثم الاستثمار في القطاع المالي .
وبالنسبة للعلاقات الثقافية والدينية فتجسيدا للعلاقات المتميزة بين مصر والسعودية في مختلف المجالات ومنها المجال الثقافي فقد شهـد عام 2005 على سبيل المثال أنشطة دينية وثقافية مصرية سعودية كان أبرزها ما يلي:
- توقيع وزيري الأوقاف في جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الأوقاف والشئون الإسلامية أثناء زيارة السيد وزير الأوقاف لجدة يومي 29 و 30 مارس 2005 .
- توقيع فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعـة مفتي الديار المصـرية ومعالي الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية اتفاقاً بين دار الإفتاء المصرية ووزارة الشئون الإسلامية حول نهج الفتوى واعتبار أن الاختلاف في وجهات النظر يعتبر اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد .
- توقيع وزيري التربية والتعليم في كل من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال التربية والتعليم للأعوام من 2005 حتى 2007 .
- مشاركة السيد الدكتور رئيس قطاع الشباب في المؤتمر الأول لوزراء الشباب والرياضة للدول المشاركة في دورة ألعاب التضامن الإسلامي الأولى والذي عقد في جدة يومي 3 و 4 إبريل 2005 .
وبعد هذه المعلومات الموثقة والشاهدة على عصر من العلاقات القوية بين دولتين عملاقتيين فى المنطقة يطمئننى أن كل محاولات الوقعية كغثاء السيل، فقوة العلاقات ماكثة فى الارض ،وأن القيادة السياسية فى مصر والتى جاءت بعد الثورة تعرف جيدا أهمية السعودية كدولة محورية وخير دليل على ذلك ما حدث يوم 25 ابريل 3011 حيث استقبل سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء المصرى والوفد المرافق له وتناولت المقابلة بحث وسائل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية، إضافة إلى بحث آخر تطورات الوضع فى المنطقة، خاصة الخليج والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأكد ولى العهد السعودى على خصوصية ومتانة العلاقات المصرية - السعودية وحرص السعودية على استمرار تقديم الدعم لمصر خلال المرحلة الانتقالية التى تمر بها فى أعقاب ثورة 25 يناير.
ومن جانبه، أكد الدكتور عصام شرف، أن العلاقات التى تربط بين مصر والمملكة علاقات تاريخية ومتميزة وأخوية، معرباَ عن أمله فى تعزيز تلك العلاقات خلال المرحلة القادمة بما يسهم فى دعم العلاقات بين البلدين.
المقابلة التى حضرها الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية والأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع للطيران للشئون العسكرية وعدد من الأمراء، كما حضرها أعضاء الوفد المرافق لرئيس الوزراء اعرب فيها" شرف " عن سعادته بزيارة المملكة التى يكن لها معزة، خاصة أنه عمل أستاذا بجامعة الملك سعود وله تلاميذ يفتخر بهم.
بقلم عبدالوهاب خضر*
*(صحفى فى جريدة العالم اليوم الاقتصادية وعضو نقابة الصحفيين المصريين ورئيس قسم التحقيقات فى جريدة الاهالى)...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً عن الشريك الجنسي مستقبلاً؟ |


.. أمن وسلامة قوات اليونيفيل بلبنان في خطر متزايد




.. إسرائيل: هل يفتح عرب 48 جبهة في الداخل؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. هل تفشل العملية الإسرائيلية البرية في الجنوب اللبناني؟




.. بوتين: العلاقات مع إيران -أولوية- بالنسبة لروسيا