الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معتقلون من أجل الهرب

ساطع راجي

2011 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


هروب المعتقلين من سجن التسفيرات في الموصل ليس الا صفحة عابرة في كتاب الهروب الضخم الذي لا يعرف احد عدد صفحاته، ومع كل حادثة هروب تتصاعد التكهنات بحالات هروب أخرى وتؤشر جميعها وجود خلل عام في ادارة المعتقلات، ومع كل حادثة هروب تثار أزمة تصريحات بين وزارات العدل والداخلية والحكومات المحلية وربما مكتب رئيس الوزراء ويستنفر كل مسؤول عن احد هذه المواقع جميع النواب الذي ينتمون الى كتلته النيابية وجميع قواه الحزبية للدفاع عنه والمحافظة على موقعه، وتنتهي كل معركة من هذه المعارك بكثير من الغبار والغموض بدرجة تحمي جميع المسؤولين ولا تحمل المسؤولية لأحد وتسمح بالتالي بتكرار حالات هروب المعتقلين مرة بعد أخرى.
هناك كم هائل من التصورات المتناقضة التي تصنعها القوى السياسية عن اوضاع المعتقلين، فهناك صورة تتحدث عن معتقلين يتحكمون بالسجون والسجانين وان هؤلاء المعتقلين يديرون اعمالا اقتصادية مربحة ويديرون ايضا جماعاتهم الارهابية ويتحكمون بجميع الامور، وهناك ايضا صورة عن فرز طائفي وحزبي للمعتقلين وحالات تعذيب وانتهاك للحقوق، وصورة من وزارة العدل تقول ان السجون في افضل حالاتها وهناك من يتحدث عن تمتع المعتقلين بحياة رغيدة تنفق عليها الدولة كثيرا، بينما صورة لجنة حقوق الانسان النيابية تقول غير ذلك.
مع كل حالة هروب، نكتشف ان هناك كثيرا من التناقض والتضارب في ادارة السجون وتقاسم غريب لادارتها بين المؤسسات والوزارات المختلفة، كما نكتشف ان الروايات الرسمية عن تفاصيل حالات الهروب، هي روايات ضعيفة ومهلهلة ومتناقضة وهو ما يدعو دائما لتشكيل لجنة تحقيقية مهمتها اتلاف الحادثة نفسها وشطبها من ذاكرة العراقيين وحماية الجميع من اي محاسبة لذلك رغم ما يقال دائما عن تواطئ السجانين وادارات السجون في هروب المعتقلين فلا نجد تحديدا لاسم المتورط بتسهيل الهروب وان حدث ذلك فان العقوبة تكون أشبه بالمكافأة.
تكرار حالات هروب المعتقلين هي جزء من فساد وفوضى المنظومة السياسية، وليس صدفة ان جميع حالات الهروب قام بها متهمون بالتورط في العنف السياسي الدائر في البلاد منذ عدة سنوات وليست هناك حالات معروفة لهروب معتقلين او سجناء مدانين أو متهمين بقضايا جنائية عادية، ومثلما هناك ساسة مهمتهم الدفاع عن مسؤولي السجون التي يهرب منها المعتقلون هناك أيضا ساسة تفرغوا تقريبا للدفاع عن المعتقلين بطريقة تشير بوضوح الى ان هؤلاء الساسة لديهم روابط قوية بالمعتقلين وانهم لا ينطلقون في دفاعهم من احترام حقوق الانسان او تحقيق العدالة.
عمليات الاعتقال المنظمة والعشوائية تجري بشكل يومي وهناك ايضا حالة من الاستنفار لحسم أوضاع كثير من المعتقلين ومع تزايد حالات الافراج لعدم كفاية الادلة هناك ايضا مشروع لقانون عفو عام سيتم اقراره على الاغلب قريبا، ومن هذه الصورة تبدو الدولة العراقية في تعاملها مع الاعتقالات وكأنها ناعور يعيد المياه الى نفس النهر، فلماذا هذه الاعتقالات اليومية إذا كان مصير المعتقل إما العفو أو الهرب، علما أن المعتقل الذي يتمكن من الوصول الى أحد هذين المصيرين هو غالبا ما يكون متورط حقيقي في العنف واذا كان العفو سيشمل غير المتورطين بالعنف فأن ذلك لا يحدث الا لذر الرماد في العيون ولولا بعض ما تبقى من الخجل لما شمل العفو غير المتورطين فعلا بالعنف لان هؤلاء لديهم قادة في مفاصل الدولة يدافعون عنهم.
يجب أن تتوقف حالات الاعتقال لمجرد الاعتقال الذي يساق على إنه انجاز أمني في حسابات الاعلام والادارة، ونحتاج الى اعادة النظر في مفاصل ادارة السجون وان يكون ذلك جزءا من الجاهزية الامنية للانسحاب الامريكي فكيف يمكن تأمين وطن بينما نعجز عن تأمين سجن؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مغامرات وأسرار.. بيكي تكشف أبرز التحديات التي تواجه البنات ا


.. استطلاعات: الولايات الأميركية المتأرجحة تبدي تغيرًا لصالح با




.. ناريندرا مودي يتولى رئاسة وزراء الهند للمرة الثالثة


.. لأول مرة.. مقاتلة أوكرانية تقصف العمق الروسي وتدمير مقاتلة ا




.. قتلى وجرحى من جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مبنى سكنيًّا وسط