الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا العراق لا نصير له

أحمد النجار

2011 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يعلم الله اننا نكره ساسة البيت الابيض، والسياسة الامريكية، ونمقت الاحتلال الامريكي الجاثم على صدر الوطن الحبيب، ولا يطيب لنا عيش حتى نرى العراق وقد تحرر ترابه من ثقل خطوات العساكر القادمة من وراء البحار.
هذا اولا..
وثانيا: بالصدق ذاته لا نتمنى للعرب الا الرفعة والسمو، والخير والسؤدد، ونتشوف بشوق لليوم الذي نراهم فيه امة قوية عزيزة، تقف في مقدمة الامم الفاعلة في صناعة التاريخ ورفد شعاع الحضارة.. كما كان لهم سبق في ذلك..
هذه المقدمة الموجزة قبل الولوج في موضوع علاقة العرب بالعراق - تلك العلاقة المفتوحة على كثير من التاويل، والباعثة على الكثير من الشك في النوايا، خصوصا من تاريخ ما بعد 9 نيسان 2003 الى يومنا هذا - نضطر الى هكذا نوع من المقدامات حتى لا يتهمنا احد بنقص في الوطنية، او يُوصمنا بلوثة الخيانة، وهوى التبعية.
لا شك ان موضوع علاقة العرب بالعراق قد نال حظه الوافر من الطرح والمعالجة، واثيرت الكثير من الاسئلة حول تلك العلاقة التي تحتاج شجاعة لتفسيرها، سبق وان سُلط الضوء مرارا على تلك العلاقة من قبل كتّاب عراقيين كثر، ساءهم ما يجابه به وطنهم من جفاء ذوي القربى، فنزفوا مشاعرهم العاتبة تارة، والغاضبة تارة اخرى على صفحات الصحف، والمواقع الالكترونية، وحتى من على شاشات الفضائيات، علهم يذّكّروا، وعسى الذكرى تنفع..
لكن ما يغري بالكتابة في هذه الايام في مثل هكذا موضوع، هو ما نشاهده ونقراه من تغطية شاملة لما يحصل في ليبيا، ومن قبلها تونس ومصر، والدعم الرسمي والشعبي الكبيرين من قبل العرب، والتغطية المتواصلة لقتال الليبيين الذي يحضى باسناد فاعل من قبل قوات حلف شمال الاطلسي (الصليبي) لاجل اسقاط نظام معمر القذافي..
وهنا ايضا لسنا بحاجة للاعلان عن مشاعرنا ودعواتنا المتضامنة مع الشعوب العربية التي تسعى للخلاص من انظمه دكتاتورية متهرئة، ولا نحتاج لاستعراض آراءنا بشخص القذافي، فالرجل فيه من العيوب ما لا يحتاج المرء معها للسؤال عن رايه فيه. الا ان الغصة كامنة في اعماق النفس وذاكرة الوجدان محملة باثقال المواجع، ما ان تاتي مناسبة للتذكير بها حتى نجدها تطفح الى سطح البوح وتفرض علينا الاستحضار وحتمية المقارنة.
انتفض العراقيون بكل طوائفهم عام 1991 في محاولة بطولية منهم لتغيير واقعهم والخلاص من حكومة الفرد التعسفية المتمثلة بشخص صدام حسين، قدموا الاف الضحايا وتمكنوا وقتها من السيطرة على 14 محافظة من اصل 18 في ثورة غير مسبوقة في العالم العربي، وطنية شجاعة غير ابهة بطقوس التنكيل البعثية التي لا تقارن بها كل اساليب القمع العربي مجتمعة. صمت العرب وقتها وتركوا العراقيين لقسوة الموت الجماعي، بل اعانوا خصمهم الذي حطم في رؤوسهم حلم الامة العربية الواحدة ضد ثوار بلاد الرافدين، وشارك الغربُ المتحضر بخذلان العراقيين بصمته الغير مبرر على جرائم الابادة الجماعية التي شهدها العراق انذاك.
ومرت الاعوام، وشاءت ارادة امريكا ان تنهي حقبة الحكم البعثي في العراق وقدمت معززة بذرائع متعددة، احدها تحرير الشعب العراقي من الدكتاتورية، ونحن نعرف انها لم تاتي لسواد عيوننا، وان كنا نتفق معها باننا محكومون بنظام دكتاتوري، بل نعرف حق المعرفة انها قادمة لغايات بيّتتها الادارة الامريكية، كما تفعل اليوم بمساندتها للشعوب العربية الثائرة، لا قربة لله او للحرية، بل لغاية في نفس (الاخ الاكبر).
الحقت امريكا هزيمة نكراء بصدام، واسقطت نظامه الذي تجبر لعقود على العراقيين بثلاثة اسابيع، وعندما بدأ العراقيون يلملمون جراحهم ويعيدوا ترتيب اوراقهم حتى لا يتركوا ذريعة للمحتل باطالة البقاء في بيتهم، تسابق العرب بشجب التدخل الامريكي في العراق، بطريقة لا تخدم العراق ولا اهله، كفروا ثلاثة ارباع العراقيين، ودفعوا بجيوش التكفيريين لقتلنا قبل الغزاة، وتكفلوا بتدريب وتجهيز وتمويل المجاميع الارهابية ودفعها للتنكيل بالعراقيين الذين اصبحوا (خونة) بالتقييم العربي (العادل)، حتى حولوا شوارعنا الى انهُر من الدم، وخيمة لمآتم متصلة، بل اتجه الاعلام العربي الى تحريض ابناء العراق بعضهم على البعض الاخر باساليب اعلامية رخيصة، مجانبة للمهنية، ومخلة بميثاق الشرف الاعلامي، فكاد العراق ان يحترق باهله، وتاتي نار الفتنة على حاضره وماضيه، وتبقى تُقلقه في مستقبله، لولا ان العراقيين اكبر من ان يضللوا او يستغفلوا لا سامح الله، فاكتشفوا اللعبة وخذلوا اصحابها، ليسلم لهم الاهل والوطن.
اليوم عندما نسمع ونرى المواقف العربية المساندة قولا وفعلا للشعوب العربية الثائرة، يعتصرنا الم خيبة الامل، ويفزعنا تفاوت الموقف.
بعض الدول العربية اسست تحالفا لدعم الثوار الليبيين، ثم اصبحت المشاركة العربية ميدانية، اما الاعلام العربي فاخذ على عاتقه ادارة الحرب بالشكل الذي يتمكن معه الثوار من هزيمة رئيس البلاد، استنسخ الاعلام العربي تجربته في حملته المعادية للشعب العراقي، ليعكسها هذه المرة لتكون مساندة للشعوب العربية معادية للحكام الذين هم فعلا يستحقون التعرية والعدوان. سكنت كاميرات بعض الفضائيات ميدان التحرير في مصر ليلا نهارا لتغطي كل شارة وواردة خدمة للثوار حتى هزموا مبارك.. وبعده انتقلوا الى ليبيا، فلم يُبقوا للقذافي من نصير، واصبح الشعار الذي يرفعه الاعلام العربي هو نصرة الشعوب العربية، الثائرة ضد التسلط.
لا ادري هل الشعب العراقي، شعب مستورد من خارج المنطقة العربية، ام انه لا يستحق الدعم والمناصرة، لا بل يبدو انه – من وجهة نظر عربية صرفة – ليس له الحق في تقرر مصيره، وليس من حقه ان يقول كلمته دون تدخل عابث منهم.
العرب خذلوا العراقيين في كل الاطوار. خذلوهم عندما كان العرب على ود مع صدام، وخذلوهم عندما اختلفوا معه، وقتلوهم كما قتلوه. وتلك لعمري سياسة غريبة للتعاطي مع الشان العراقي، تفتح أسألة حائرة كجرح العراق.. قانية كنزفه، لا يدرك الاجابة عليها الا ابناء الرافدين، بما عهد عنهم من اخوة متاصلة وبُعد نظر مشهود، ليصنعوا مستقبلهم بايد عراقية خالصة، دون السماح لصوت قادم من وراء الحدود، مهما كانت دعواه ، فهذه شمس الحقيقة ناصعة الشروق في سماء التاريخ العراقي، يدلنا نهارها على من معنا ومن علينا، ويقيننا الراسخ اننا عند السبق نحن السابقون.

أحمد النجار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النجار ومرارة الحزن
عبدالستار العاني ( 2011 / 9 / 14 - 07:32 )
لقد اثارتني مقالتك ايها النبيل ، احسست بحزن مضاف وان الدموع تكاد تنسرب
من عيوني ليس ضعفا ولكن حسرة على هؤلاء الذين يدعون العروبة، العراق
لم يكن ضعيفا في يوم ما ، ولم يكن شعبه ضعيفا او يقبل الاذلال كما يتوهمون،
وسجله حافل بالثورات والانتفاضات، ورغم كل سنوات القهر والقتل والتشريد الا انه ظل عنيدا ، وتبقى اعماق العراقي تحتشد بالقيم الرائعة والعظيمة، العراقي شهامة وكرامة ووفاء وتلك حقيقة يعرفها اولائك الذين يدعون العروبة ، وانا
هنا لااريد ان ارسم صورة من الاستعلاء على اهلي وابناء عروبتي ، ولكني اعتب بمرارة واردد ما اورده الاستاذ احمد النجار هل الشعب العراقي مستورد
وانه لايستحق الدعم والمناصرة ....؟ ذلك يظل علامة استفهام ضخمة نحار
ولا نجد لها جواب ، رغم ان الشعب العراقي يتمتع بحس قومي واضح وهو جزء
لا يتجزأ من هذه الامة .

اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه