الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملابسات مقتل هادي المهدي

كاظم اللامي

2011 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ما أكثر القوافل الدموية للعراقيين التي تغادرنا كل يوم محملة برصاصات الكواتم المستقرة برؤوس مختلفة الحجوم من الناحية الفكرية ومختلفة بالإشكال من الناحية الجمالية بعض هذه الرؤوس كانت تكمن فيها أحلام بسيطة متمثلة بالحصول على ادني مقومات الحياة وابسط رغبات العيش كنصف إنسان ليس أكثر.. تواضع حتى بالأحلام, وصاحب هذا الرأس عاش زمنا طويلا يمشي لصق الجدار واليد التي لا يستطيع أن يصارعها تراه يقبلها ويضعها على جبهته تيمنا واعترافا بضالته أمام جبروت صاحبها ولكن رغم هذه السلبية المفرطة والمخجلة ترى أصحاب الكواتم يجدون فيه بغيتهم لزرع رصاصاتهم الكاتمة كي تكبر وتنمو لدى وارثيه وبالذات أبناءه إذا لم يكونوا مشمولين بهذه الزيارات غير المرحب بها فتكبر هذه الرصاصات لتشكل ثقافة وحياة من نوع آخر تتمثل بالخوف والرعب الكبيرين في إن أباهم أو أخاهم أو ابنهم كان من ذوي الأفكار التي تجلب المشاكل والقلاقل ليتحولوا بعد ذلك للمشي بداخل الجدار لا كما كان فقيدهم يمشي لصق الجدار ونتيجة لهذه الوحشية والدموية في التعامل مع البسطاء من عامة الشعب هذه الوحشية التي امتهنها أناس بعينهم ولدت قناعة لدى الكثيرين بان الكاتم لا يميز بين صاحب الصوت العالي وبين الأخرس الذي الجم فمه بسحاب من النوع الفولاذي أو بين من جاوزت أفكاره عنان السماء وبين من اخلد للأرض وبات تفكيره لا يعدو معدته هنا أصبحت فلسفة الجميع بهذا الخصوص بأن الكاتم يتعقب الكل ولا استثناء لأحدهم فلم لا نقول قولتنا حتى يسجل التاريخ لنا موقفا يخلد إنسانيتنا برفض كل معوج وفاسد من أمور البلد لذلك تولد خط جديد يقض مضجع القتلة والمفسدين ومن باعوا ضمائرهم بأبخس الإثمان إلى دويلات اقل ما يقال عنها أنها عدوة للشعب العراقي أصحاب هذا الخط ممتلئين بحب العراق يتنفسون هواءً نقيا وطنيا هؤلاء هم مرآة المواطن الذي أدمن الخوف والرعب والذي لا يستطيع التعبير عن رفضه واستهجانه لكافة السلبيات التي ألقت بضلالها على العراق لذلك انبرى شباب هاجسهم كمال الإنسان والأوطان لا يرجون من عملهم هذا سوى الخير والسعادة لأبناء جلدتهم أي أنهم يعملون بـ (بلاش) لا كما يفعل غيرهم حينما تعميه أشعة الدولار فيتجنى على وطنه وشعبه مستخدما كاتم الصوت وكاتم الحق ومن اللذين كانت لهم سابقة مؤكدة ومؤشرة بأحرف من نور هو الشهيد هادي المهدي الذي وطن نفسه على التغيير وفضح المفسدين والمطالبة بحقوق المغيبين من أبناء الشعب التي ضيعها الساسة والمتنفذين في حكم ما بعد صدام هذا الشاب الفنان والفنان كما هو معروف عبارة عن نسمة هواء عليلة حينما يرى الأشياء في مكانها الصحيح وحينما يمر على الجمال فانه يزداد عذوبة ليعطي من عذوبته الشيء الكثير فتتزين الحياة به لكنه يصبح ريح عاتية حينما يتعلق الأمر بمسؤوليته كمرآة لهذا الشعب فهو نبض الشارع وبوصلة المواطن وبه تستقيم الأمور من خلال وضع اليد المحترفة على الجروح فكان الشهيد هادي المهدي المفعم بحب الوطن والمواطن والمتناغم مع كل ما يعدل من الانحدار الذي يلف الواقع الخدمي والإنساني للعراق ومن هنا ارتفع صوته عاليا وقال (لا) وكلما مر يوم يزداد صوته ارتفاعا حتى صم أذان الجبابرة وخفافيش الظلام ليقرروا بنفس طريقة ناظم كزار وبرزان التكريتي ومن سار على دربهم العثر مكافئته بالترجل سريعا من قافلة الحياة ومنحه رصاصتين استقرت في رأسه الجميل دون أن يعطوه الفرصة لتوديع أحبته أو أصدقائه أو يا حسرتي عليهم زوجته وأطفاله ولكن أقول لا عليكم أيها الأحبة والأصدقاء ما دمتم تحبون هادي المهدي ولا زلتم على عهدكم معه في نبذ الظلم والطائفية والمستورد من الطباع السيئة والأفكار الهجينة فان الرصاصات العديمة الصوت سوف تنقلكم سريعا جنب هادي المهدي إن كان في ارض السلام أو مقبرة الكرخ.
حقيقة إن قضية المهدي ليست جريمة مدنية كباقي الجرائم تحكمها خيوط انفرادية كخلاف مادي بينه المهدي وآخر أو خلاف عشائري أو باقي الخلافات ذات الأطر الضيقة إن قضية المهدي هي قضية شعب وقضية امة وقضية وطن القاتل هنا ليس شخصا عاديا بل سياسي خطير يلبس عباءة من نوع خاص يتخفى بها بشكل من الإشكال صاحب نفوذ بالاتجاه السلبي أم الايجابي وله من التبعية لإيديولوجيات وسياسات معينة الشيء الكثير فنحن لا نتهم احد بتصفية المهدي رغم المعطيات الأولية التي تسوغ لنا باتهام هذا الطرف أو ذاك فلو كان للحكومة يد خبيثة في استئصال قمرنا الذي أفل على عجل وهذا ما يرجحه الكثير كون الشهيد من دعاة التغيير ومن المطالبين بتحسين الخدمات ومن الذين عرضت القنوات الفضائية حديثه إبان اعتقاله من قبل الحكومة بوجود تجاوزات من قبل القوات الحكومية وقعت عليه شخصيا ولكن... وهذا تفسير شخصي أقوله بما إن لدى الحكومة الكثير من المناوئين في الداخل والخارج والذين يهمهم تشويه صورة الدولة والحكومة محليا وعالميا لغرض منافع ومكاسب معينة مكشوفة للجميع كما إن وجود التقاطعات الكثيرة مع بعض الدول التي أوغلت بدماء الشعب العراقي سابقا والآن فان من الأمور الحسنة بالنسبة لها إن تلصق هذه التهمة بالحكومة لما لها من زعزعة الثقة بين الشعب وحكومته وبالتالي توفر مكاسب سياسية ربما تطيح بالحكومة وربما تحصل تداعيات كثيرة يكون فيها العراق وشعبه هو من يدفع الثمن كما إننا لو ناقشنا الأمر بروية وعقلانية مفرطة لوجدنا الكثير من الجوانب التي ربما لو اغفلت لظلمنا هذا الطرف او ذاك ... الحكومة في تقاطع مع المهدي للأسباب التي ذكرت أنفا فإنها في تصفيتها للمهدي ستسيء لنفسها كثيرا وبالذات في هذا التوقيت الحرج والمصادف ليوم 9-9 ولا اعتقد إن هذا الأمر يخفى على السادة المسئولين في كون أصابع الاتهام لابد أن تلقى على الحكومة في بادي الأمر كما إن الدولة والحكومة بما أنها لديها من الاحتراف في التعامل مع هكذا أمور الشيء الكثير ونتيجة للخبرة المكتسبة بهذا الخصوص فلديها مليار طريقة وطريقة للتخلص من أعدائها وكما قال معاوية ابن أبي سفيان في طريقته المثلى لاغتيال مناوئيه إن لله جنود من عسل ولكن هذا التحليل لا يبرئ ساحة الحكومة التي لم تبذل جهدا في الحيلولة دون وقوع هكذا جرائم مما يعطي انطباعا إن الجميع في الزائد والجميع مهدد في ظل حكومة اقل ما يقال عنها أنها ضعيفة لا تحمي أبنائها وفي نفس الوقت تريد من أبنائها حمايتها فكيف إذن تستقيم المعادلة . نحن نعرف ويعرف الجميع إن القوات الأمنية الموجودة الآن في العراق يفوق عددها ما كان يملكه صدام حسين ومعززة بالقوات الأمريكية والشركات الأمنية فكيف يقتل هادي المهدي بهذه البساطة والأريحية وكذلك الجرائم المتعددة الأخرى وكي نكون منصفين لم يحرك مقتل هادي المهدي مشاعرنا بمعزل عن الضحايا من أبناء هذا الوطن والذين يتساقطون كل يوم كأوراق الخريف بل نحن ملئنا بالثقوب نتيجة للرصاصات الغادرة والمستقرة في جباه إخواننا العراقيين بمختلف شرائحهم واتجاهاتهم وأديانهم وطوائفهم حتى أصبحت قلوبنا كالغربال .
ومن خلال هذه الأسطر المتواضعة أقول لرئيس الوزراء وبالفم المليان أنت بعيد كل البعد عن أن تكون همجي كصدام في التعامل مع شعبك فهناك الكثير من الذين يسيئون بأحاديثهم ونقدهم اللاذع إليك إلا انك لا تتعامل معهم إلا كأب وراعي إلا انك لا تخرج من طائلة المسؤولية بسبب وجود الكثير من المسيئين في الأجهزة الأمنية فأنت القائد العام للقوات المسلحة والجميع من أبناء العراق ينظرون إليك وينتظرون انجازاتك في توفير الأمن لهم ومن وابسط سيئات القوات المسلحة نتيجة للقتل اليومي في العراق هو تهاونهم في تأدية واجباتهم بالمحافظة على أرواحنا ومن هذا الخرم دخل القتلة للمهدي زائرين معتمرين فلبى ندائهم وفتح لهم دماغهم على الرحب والسعة فطافت الرصاصات بكعبة حبه للعراق ليستحيل اسمه ترنيمة لكل الهائمين بحب بلاد ما بين النزيفين.
الكاتب المسرحي
كاظم اللامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي عزيزي كاظم
فؤاده ( 2011 / 9 / 14 - 11:56 )
من هذا الذي يتعامل مع شعبه كأب واين هذا الاب من جميع ما يحدث , عزيزي الحكومه لا تبالي بأي شيء يحصل اليوم وتعطي الاذن الطرشه ولا تبالي بأي شيء مما يحدث للشعب سوى كيف تكسب الوقت لتسرق اكثر ولا يهمها الباقي وما حدث ويحدث هي من تتحمل المسؤليه مسؤولية اهمالها والفوضى والجرائم التي ترتكب جميعها والا ما نفعها للشعب اما عن الخوف الذي يعيشه الشعب قهو ما غرزه صدام بنا والخوف يعرقل الحياة ويؤدي الى الموت فما علينا سوى ان ننبذه وكافي خوفا وحياة كالخرفان لانبالي سوى ماذا نأكل اليوم وغدا


2 - فؤاده
كاظم اللامي ( 2011 / 9 / 14 - 20:01 )
عزيزتي فؤاده مرورك ابهجني
بالحقيقة ان ما ذكرته بخصوص ابوة المالكي هو من خلال طبيعة مركزه ومنصبه لكونه الراعي الاول عن حياة ومصير الملايين من الشعب وبالتالي انا اخاطب فيه معنى منصبه لا حقيقة ما هو عليه وانا لم اجانب الحقيقة حينما قلت ان المالكي يتحمل المسؤولية كاملة في مقتل المهدي المسؤولية بشقيها ان كان محرضا على القتل او اهمل واجباته فتسرب الجناة من تحت عباءته ونفذوا جريمتهم وانا اول من كتب عن الخوف العراقي الذي اصبح ماركة مسجلة باسمه وانا من يدعوا اخوته وابناءه للتخلص من عبودية الخوف والانطلاق للمطالبة بالحقوق لكن ليس على حساب التعامل الحضاري والاخلاقي فنحن لدينا ثوابت نسير عليها بهذا الخصوص فسلاحنا هو الحجة والاية والبرهان اما المهاترات والسب والشتم واشاعة الفوضى واستخدام الاسلحة المميتة بالتظاهرات والمطالبة بالحقوق فهذا ليس ثوبنا واذا وصلت الحال لهذا المستوى البشع فنحن لا ولن نرضى بذلك ابدا يجب ان زرع ثقافة المحاججة بالبراهين والادلة والحجج الواضحة البينة وصدقوني سننتصر ولو بعد حين


3 - شكرا عزيزي كاظم
فؤاده ( 2011 / 9 / 14 - 20:43 )
أسفه عزيزي لسؤ الفهم وشكرا للتوضيح ولابد للخير ان ينتصر لكن بعد حين كما ذكرت فما فعله صدام بالعراقيين ليس بالهين

اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو