الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نار القائد ورمضاء التحالف

الفيتوري بن يونس

2011 / 9 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


غريبة هي تصاريف القدر وعجيبة تقلبات الزمان فبالأمس القريب ضحكنا بكاء عندما تغني أهل الكويت بجورج بوش الأب بل وسمو بعض من ولد من أبناءهم في ذلك الوقت باسمه لأن جيوشه و حلفاءه حررتهم من جيش شقيقهم في العروبة وجارهم في الدار صدام حسين الذي كنا نحن الليبيين آنئذ نسمي أولادنا عليه .
وتجرعنا كأس المهانة وبكينا قهرا عندما فرض الحلفاء منطقة حذر جوي على شمال العراق وجنوبه ، و وصمنا المعارضة العراقية بالخيانة بل تطوع كثيرا منا للقتال نصرة لصدام عندما قرر بوش الابن تنحيته عن سدة الحكم تحكما .
و إذا بنا اليوم نرفع علم فرنسا ونهتف باسم رئيسها ساركوزي بل نطلقه على بعض محلاتنا وربما غدا على احد شوارعنا لأنها أول اعترف بمجلسنا الوطني الانتقالي ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الليبي .
و تزغرد نساءنا فرحا ويطلق فحولنا نيران أسلحتهم التي نحن في أمس الحاجة إليها ابتهاجا بصدور قرار مجلس الأمن رقم 1973 بفرض منطقة حذر جوي بلادنا واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين .
وعندما تأخر توجيه الضربات الجوية والصاروخية لما اصطلح على تسميته كتائب القذافي ودفاعاته أقمنا الدنيا دون رغبة في إقعادها بل واتهم البعض منا وأنا منهم الغرب بالتواطؤ ضدنا .
فمن وما الذي تغير بالضبط لتتحول أمريكا و أحلافها والدائرين في فلكها من غزاة هدفهم فرض هيمنتهم علينا استعمارا سياسيا واحتلالا عسكريا يرهن القرار السياسي ويستنزف الموارد الاقتصادية إلى أصدقاء تستنجد بهم من ضيق حكامنا وحلفاء نرتكن إليهم حماية لنا من رصاص زبانيتهم الموجه إلى صدورنا.
فهل الغرب و أمريكاه هو من سلخ جلد الاستعمار الذي لا يرى إلا مصالحه و لا يهدف إلا لتحقيق أطماعه أم إننا نحن الذي تغيرنا أو إن موقفنا منهم لم يكن مبني أصلا على أسس و أسباب عقلانية بل مجرد عاطفة عمياء تغذيها ثقافة " لا يأتي من الغرب ما يسر القلب " أو توسطا شيء من هذا وذاك أو هي الظروف هي التي تغيرت ؟ و الف علامة استفهام بلهاء وعلامة لا ازعم أنني املك جوابا على أي منها ولكن اليقين هو أن الغرب هو الغرب لم يتغير وهدف تدخله في بلادنا هو ذاته الذي جعله يحرر الكويت ويطيح بصدام سعيا وراء مصالحه وتحقيقا لغاياته التي تبدو أكثر وضوحا سواء لموقعنا الجغرافي أو تحت إلحاح الأزمة الاقتصادية الخانقة التي برزت ملامحها بوضوح مع مطلع هذه العشرية وهو ما عبر عنه كثير من المحللين الغربيين بل لم يخفه حتى الساسة و صناع القرار هناك .
وحسبما أرى أننا أيضا لم نتغير فمازلنا فكريا على الأقل منذ الف عام نراوح في مكاننا ومازلت ظروف تحرير الكويت و إسقاط صدام قائمة .
ونقطة للنهاية أقول أن شيئا مما ذكرت لم يتغير و إننا فقط نستجير رغم انف المثل العربي برمضاء الغرب من نار من يقول انه قائدنا مبررين لترحيبنا بذات المبررات التي بررنا بها رفضنا في الحالات الأخرى كويتا و عراقا وحتى أفغانستان مما يجعلنا مدينين لهم بالاعتذار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جراءتك وصراحتك عنصران ثمينان في كتاباتك
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2011 / 9 / 15 - 10:36 )
تحيه للاستاذ الفيتوري على طرحه امورا كبرى ببساطة وجراءة وصراحه -وهذا امر مطلوب فالاعلام ليس اكاديمية للعلوم النظرية التجريدية
ولكن الكاتب الكريم يثير موضوعات كالمقارنة مع الفاشية البعثية واسقاطها بالمساعدة النشيطة للمجتمع الدولي وبالمقدمة بلدان التطور الاعظم اميركا واوربا واشباههما والموقف من هذه المساعدة او الموقف منها الان بالنسبة لثورة شعب ليبيا واليمن وسوريا ونداء كل الخيرين ليعون العون للشعبين الاخيرين على مستوى ماحصل بالنسبة لليبيا وقبلها للعراق وعموما هنا وهذا اليوم اريد ان اقول جملتين مفيدتين
بودي لو ان الكاتب في المقالة المقبله تناول موضوعا قريبا لمقالاته الاخيره لانني اود ان اكتب مداخلة لتفسير اعمق لهذه الموجة الثورية التعييرية التي حدثت اولا في العراق وشملت شمال افريقيا وجانبا مهما من الشرق الاوسط والتي اخذنا نحن الاكاديميين بتسميتها بالموجة الثورية العالمية الثالثه-اشارة الى الموجة الاولى قبل 222 سنه بدء من الثورة الفرنسية الكبرى ثم تداعياتها والثانية التي بداءت قبل 22 سنه بدء بانتفاضة شعب بولنده في 89 وشملت اوربا الشرقية كلها وتوجت حتى توجهات الصين نهائيا لنلتقي بالقادمة

اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح