الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أنت فيلسوف أم رئيس الدولة ؟

احمد مصارع

2004 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


المفاهيم الدقيقة أو محاولات الاقتراب الصادق من الحقيقة..
الثقافوية العربية أو الشرق أوسطية, في العصر الحاضر ليسا مركزين فاعلين حتى يمكن لهما إنتاج المفردات والمفاهيم.
التخلف الذي هو سمة العالم الثالث ( المتوحش) لن يسمح لهما موضوعيا أمكان الإنتاج الإبداعي, وهو العمل المنسجم مع إيقاع العصر الحديث, لأنه على الأقل: لم يبذل جهودا معرفية كافية لإدراك وهضم فلسفة العلوم ليتمكن من التحديد الواعي لاتجاهاته العلمية, ولا في إعلانه العجز التام عن إدراك طبيعة المأزق الحداثوي المعاصر, فالتحديث ليس سوى نوع من الإصلاح, الذي يتجاوب سلبيا مع معطيات الإصلاح الدولي اللازم, وهو إنتاج خارج عن سياق الحاجة المحلية الهادفة. .
العالم المتحضر وفقا للحياة المعاصرة ومن ثمار السلة الغربية الأوروبية, يتعامل مع مفهومين مختلفين, وبطريقتين (بروتوكوليتين ) مختلفتين هما: رئيس ألدوله ورئيس الجمهورية.
رئيس الجمهورية, وهو الرئيس الذي يمثل إرادة شعبية دستوريه, وغالبا من خلال نظام ديمقراطي, ومثل هذه النتائج لن تكون على النحو الأمثل, ولكنها تجيء عادة كما لو كانت تحصيلا حاصلا, لتوازنات لعبة تم الإعداد لها وتحكيمها بصفة ناظمها العدالة النسبية,
رئيس الدولة وهو الرئيس القابض على السلطة كيفا كان, والمقبولة وصايته على دولته كأمر واقع من جهة, ولكنه واقع استثنائي وينبغي له أن يكون مؤقتا, لأنه سينظر الى سيادته بشكل منقوص.
كلاهما رئيس, ولكن رئيس الجمهورية مفهوم واضح, في الشروط المحيطة به, في حين أن مفهوم رئيس الدولة محاط بالغموض, وعدم الاستقرار.
رئيس الدولة في الشرق الأوسط, ولكي يكتسب شرعة شعبوية, يلغي أول ما يلغيه صفة الرئاسة كعمل محدد بدقة بالغة وكحكم عادل ليحدث التوازنات المختلة والتي كانت السبب الأصلي لوجوده على رأس الدولة, يقوم بعفوية غير مدروسة الى هجران سلطاته الدستورية والدخول في اللعبة الغوغائية والتي ستقوده فيما بعد الى طريق مسدود, لا يستفيد منه سوى الانتهازيين وقوارض المحاصيل والذخيرة.
هو الرئيس وهو الفيلسوف, وهو الأمين العام لكل الأحزاب والقوى والجماعات والأفراد وهو وزير الدفاع, وهو رئيس الوزراء الفعلي, وهو وزير الخارجية, وهو.. وهو .الخ, وهذا عمل انتحاري يفرح له كثيرا المستفيدون من لعبة اختلاط الأوراق وتداخل الصلاحيات, وهذا خير مناخ يسمح لهم في التهرب من مسؤولياتهم, وإلقائها على كاهل صاحب السيادة وهو عمل ينبغي الكشف عنه ليتحمل كل طرف مسؤوليته الحقيقية عن عوامل الخطأ والصواب التي تمارس في السلطة ونحو الجميع بدون استثناء.
السيناريو المفبرك حتى مع النوايا الحسنة, لا ينتج عنه سوى التعثر في الأداء, والهروب الجماعي من القيام بالواجبات بوعي ومسؤولية, والخاسر في طريقة تحميل كل الأعباء على كاهل شخص واحد, سيؤدي غالبا الى إضعاف إنسانيته, وحرمانه من كل مقومات الحياة الطبيعية وهو عمل لا انساني بحد ذاته.
إذا أردنا صياغة مفهوم لشقاء الإنسان, فأنني أدعي بأن جوهر الشقاء يكمن في تحميله مالا يطاق حمله, وهذا ضرب من ضروب الاماتتة البطيئة, غير العادلة.
مثل هذه المفاهيم المعبرة عن عقلانية الإنتاج السياسي تساهم الى حد كبير في صنع فضاء أرحب في ساحة العمل الوطني الشامل لأنها عملية استرشاد بالمعطيات (العلومية ) ولأن المفاهيم الواضحة تنويرية لذلك يخشاها أصحاب النوايا الأنانية والسيئة, والتي يصعب الكشف عنها مالم تعتمد روح المسؤولية.
تركيا هي الأقرب شكليا من صورة الشرق الأوسط الذي يتماشى مع اتجاه العصر, والذي مركزه ليس عربيا ولااسلاميا ولاشرق أوسطي, فالرقيب الدستوري العسكري في حالة طوارىء شبه دائمي, ولكي يحمي ثوابته الجمهورية والعلمانية, أوجد لنفسه مكانا منفصلا عن رئاسة الجمهورية وعن ميدان العمل السياسي المباشر
وأبقى على الصافرة التي تمكنه من إنهاء أي مباراة في الوقت الذي يشاء, أما
في الباكستان حاليا فالرئيس هو وزير الدفاع والخارجية وهو محور لا ديمقراطي لإرجاع الديمقراطية ؟! وهناك نماذج أكثر سوءا, انه ليس من واجب السياسي معرفة الأجزاء التفصيلية عن كل شيء, ولكن من أولى واجباته الإحساس الصادق باتجاه القرارات التي يستثمرها من آلاف الاستشارات التقنية الموضوعة تحت تصرفه, وعملا بالمبدأ القائل, انه ينبغي توفير ألف تقني لعمل سياسي واحد, وهذا يعني أن القرار السياسي مسنود بقوة تقنية وروح توافق سياسي أريحي يسمح بإحداث التوازن الوطني المطلوب.
الشعارات التي يقدمها الشرق الأوسط الكبير ويؤخرها مرة أخرى, ستظل غائمة ولا تحدث التنوير المطلوب مالم تشرح كثيرا وكثيرا لينتج عنها فهم قليل ولكنه سيكون, أكثر تركيزا, ما هو معنى القول:الدين لله والوطن للجميع وماهو معنى القول: السلطة المطلقة هي فساد مطلق, ومالله لله وما لقيصر لقيصر..الخ
اليوم خمر وغدا أمر,وسنبقى ندرس الحكمة الكسولة على النحو , لا تؤجل عمل اليوم الى الغد بينما نحن بحاجة الى عدم تأجيل عمل هذه الثانية على عمل الثانية القادمة ..
احمد مصارع
الرقه-2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #