الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما غزا صدام الكويت في 2/8/ 1990-الرشقات الصاروخية / 7

نزار ياسر الحيدر

2011 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في 28/8/1989 نقلت بتأثير وشاية من بغداد الى لواء المشاة الثامن عشر الفرقة الثامنة عشرة المسماة قوات الحمزة والتي كان مقرها في البصرة وبالتحديد مملحة الفاو وبعد ان وصلت بمعية مأمور من الانضباط العسكري وبيده كتاب مختوم بالختم الاحمر صادر من مديرية الاستخبارات العسكرية يقضي بنقلي الى وحدتي الجديدة وجدنا ان الموجودين في مقر اللواء افراد من اداريات اللواء المتروكين في المقر فقط ، لان افواج اللواء الثلاثة ومعهم مغاوير اللواء قد خرجوا بواجب الى الناصرية وبالتحديد الى قاعدة علي بن ابي طالب الجوية فسلمني المأمور الى اداريات اللواء وانا منحت اجازة اربعة ايام لغرض الالتحاق بوحدتي في الناصرية وعدت مرة اخرى الى بغداد وبعد اربعة ايام سافرت الى الناصرية والتحقت بوحدتي المكلفة بواجب في قاعدة الامام علي بن ابي طالب وبعد ان ثبت التحاقي عند قلم اللواء لم اجد الا القليل من الجنود فسألتهم عن طبيعة الواجب في هذا المكان فقالوا لي جئنا نبحث عن صاروخ ( العباس ) الذي يزيد مداه عن الالف كيلومتر والذي اطلق تجريبيا من زاخو قبل اسبوع تقريبا ليصيب هدفه في الفاو لكنه انحرف وسقط في صحراء الناصرية الى الغرب من مدينة الناصرية وقد صدر امر بالبحث عن رأس الصاروخ الذي اخطأ هدفه بمئات الكيلومترات الى اقصى الجنوب الغربي والبحث جار عنه منذ ايام ولكنهم لم يجدوه واضطروا للاستعانة بلواء مشاة كامل ليبحث عن راس الصاروخ ويعيده الى التصنيع العسكري لمعرفة سبب الخطأ وكان الاختيار قد وقع على اللواء المشاة الثامن عشر وقد ذهب اللواء منذ خمسة ايام للبحث عنه ولحد ذلك اليوم لم يعد من مهمته وهناك اشاعة قد تناقلها الجنود ان اللواء تاه في الصحراء الكبيرة وقد ذهبت اليوم صباحا طائرات هليكوبتر تبحث عنهم والكل كان قلقا على اصدقائه فمر ذلك اليوم ثقيلا على اللواء ومن ترك في القاعدة تخوفا على الجنود المساكين وعند الغروب عادت طائرة من التي ذهبت للبحث محملة بجنود حالتهم الصحية سيئة للغاية ومصاب اغلبهم بضربة الشمس والجفاف والاعياء وكما يبدو انهم فعلا قد ضلوا الطريق في الصحراء ولم يجدوا رأس الصاروخ ، وفي اليوم التالي جاءت الاخبار المفرحة التي تؤكد ان الجنود قد وجدوا رأس الصاروخ بعد ان دلهم عليه احد الرعات البدو من الذين يعيشون في البادية بعد ان مر الجيش بقربه وسألوه عما إذا كان قد شاهد شيئا قبل ايام فاجاب بانه شاهد كرة من النار سقطت باتجاه حدده للجيش وبعد ان اتجهوا الى ذلك المكان وجدوا فعلا رأس صاروخ العباس التائه عن هدفه فقاموا بتحميله باحدى الشاحنات العسكرية وجلبوه معهم الى القاعدة في اليوم التالي . لقد ضربت لكم مثلا هذا الحدث الذي عايشته بنفسي على هذه التجارب العبثية التي انهكت العراق وجيشه وميزانيته وهذا المثل ماهو الا واحد من آلاف الامثلة لاستنزاف ثروات العراق وتبجح قيادته آنذك بانه كان يملك قدرات ردع كبيرة ولديه اذرع طويلة وقاصمة تصل اينما يريد .
بعد ان استعر أوار الحرب بعد 17/1/1991 واستمر التحالف بدك الوحدات العسكرية البرية العراقية بعد ان حيدت القوة الجوية العراقية كليا منذ الساعات الاولى واصبحت السماء ملعبا تصول وتجول به طائرات التحالف استخدم صدام الورقة التالية بقيامه بحرق آبار النفط في حقل الرميلة المشترك بين العراق والكويت واشعل النيران بمئات الابار النفطية وحول سماء البصرة والكويت الى قطعة من الدخان الاسود لعله يحجب الرؤية عن طائرات التحالف لكي لاتستطيع ان تحدد مواقع الجيش العراقي !! فتحول نهار البصرة الى ليل دامس غير مبال بالجنود الذين وضعهم ليدافعوا عن الوطن بخطر استنشاقهم لهذا الدخان الذي نغص حياتهم . وما هي الا ايام وفي احدى ليالي الحرب الجوية ونحن كنا في ملجئنا القوسي المحصن في الدريهمية واذا بزلزال يضرب موقعنا بعد منتصف الليل ولو كانت هناك اجهزة رصد للزلازل لا ابالغ اذا قلت انه لايقل عن سبع او ثمان درجات على مقياس رختر لاننا سقطنا احدنا على الاخر وانقلبت كل اغراضنا واصبنا بصدمة كبيرة وبعد هذا الزلزال شعرنا ان شيئا قد انطلق وتوقفت الاهتزازات وبعد دقائق تكرر الزلزال وانطلق شيء آخر وتكرر الموضوع في تلك الليلة عشر مرات ونحن لانعرف ماالذي جرى . وفي صباح اليوم التالي صدر بيان عسكري سمعناه من الاذاعة يقول ان قوتنا الصاروخية قامت بقصف اسرائيل بعدد من الرشقات الصاروخية ( أرض ... أرض ) تم الاعتراف بتسعة وثلاثين صاروخا ضربت اسرائيل لاعلى التعيين كما انها ضربت ايضا اهدافا عسكرية امريكية وسعودية في المملكة العربية السعودية ، وتكررت الرشقات في الايام اللاحقة بمعدل لايقل عن عشرة صواريخ يوميا ويبدو ان بطاريات الصواريخ كانت تتسلل ليلا بالقرب من الحدود العراقية الكويتية لتضرب اسرائيل والسعودية ، عندها تبادر في ذهني سؤال محير بعد ان استذكرت قصة صاروخ العباس الذي تاه في صحراء الناصرية وانحرف عن هدفه لمئات الكيلومترات وذهب الجيش يبحث عنه حتى تم العثور عليه بعد اسبوع من البحث المضني وكانت ظروف اطلاقه أيسر وأريح لانها كانت تجربة وفرت لها كل الامكانات لكي يصيب هدفه ولم يصبه فكيف بعشرات الصواريخ التي اطلقت خلسة وفي الليل والسماء ملبدة بدخان آبار النفط المحترق وبظروف حرب وكانت السيادة الجوية للحلفاء... السؤال هو كم اصابت تلك الصواريخ اهدافها؟؟؟ .. وكم أخطأت ؟؟؟؟ سؤال لايعرف جوابه الا من راح ضحية تلك الصواريخ !!؟ وتلك المغامرة المدمرة !!؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في