الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الاستقالة

فلاح الزركاني

2011 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في جميع الدول المتقدمة ديمقراطيا واخلاقيا حصرا تبرز قدرة المسؤول على تحمل الخطأ المقصود وغير المقصود الامر الذي يدفعه الى الاستقالة مطمئن البال بأنه اتخذ القرار الصحيح وقد تستغرب اذا كنت من ساكني الشرق الاوسط ان يستقيل الوزير او ارئيس الوزراء او الرئيس نفسه من اجل انقلاب حافلة على طريق ريفي قديم او كارثة طبيعية لأن الوزارة لم تكن تتخذ الاحتياطات اللازمة وهكذا .
وفي بلدي تبدو ثقافة الاستقالة محض خيال فالمسؤول يعتبر نفسه منزلا من السماء اوبمصاف الانبياء لذلك لايمكن له الخطأ ومن ثم الاستقالة الا في بعض الحالات الشاذة والتي تبدو في نظرنا غريبة وتكاد تكون مستحيلة لذلك فمن الواضح انها تثير ضجة كبرى اعلاميا وسياسيا وشعبيا كما حدث في قضية استقالة رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي فالمموافقون والمعترضون اتفقوا على رفض ثقافة الاستقالة ابتداءا لعدة اسباب اهمها
انها تخلق سابقة خطيرة وخللا واضحا في النظام المؤسساتي المعتمد في العراق لاينبغي لاي احد ان يخترقه حتى وان كانت له مبرراته واسبابه .
السبب الاخر هو انها خلقت امرا مستحدثا لم يكن موجودا سواءا اتفقنا او اختلفنا حول مسؤوليته من عدمها مع المعرفة التامة بعمل السيد رحيم العكيلي وتأثيره ، وبالتالي يصبح لزاما على المسؤولين الاخرين الذين لم يقدموا شيئا الاستقالة على اقل تقدير.
السبب الثالث ان ثقافة المسؤول الاول لم تعتد بعد على تجاوزه او مخالفة اوامره ومن ثم تكون السابقة في هذا المجال قضية بقاء بالنسبة اليه او في احسن الاحوال تدق ناقوس الخطر بالنسبة لكافة المسؤولين في العراق لان الضغط الشعبي وسوء الخدمات المقدمة للمواطنيين بالاضافة الى قضايا الفساد الكبرى التي لايمكن التغطية عليها ستجعل من الصعب على الحكومة ان تقف مكتوفة الايدي تجاه ما يحصل .
لكن الحقيقة في مجتمع يتبنى فكرة المقدس والقائد الاوحد وصنع الديكتاتوريات تكون ثقافة الاستقالة تهديدا خطيرا للحكومة اكثر من الارهاب والفساد فهي تثير التساؤلات والتكهنات لدى المواطن اولا وقدرته على خلق توازنات جديدة تضع القرار اولا واخيرا بيده لا بيد الحكومة ويكتشف المواطن البسيط قدرته على التأثير مما يصعد لديه كم الطلبات والاحتجاجات وقد يدفعه الى المطالبة العلنية باستقالة الحكومة وهذا اخطر ما يمكن ان يهدد المسؤول ومصالحه في البقاء بمنصبه ، اذا الاستقاله سلاح اخر لاينبغي للناس ان تتسلح به .
كما ان قضية الاستقالة تكاد تكون شبه مستحيلة في العراق ولم تحدث الا في مناسبات تعد على اصابع اليد الواحدة وجميع من قدموا استقالاتهم هم من الشخصيات البارزة والصادقة وهذا ما ينبئ بوجود خللا جسيما في المنظومة الحكومية برمتها التي تعتمد مبدأ الاقالة وبالتوافق ( مع منح المسؤول المقال تقاعدا محترما ليسكت ) وقد يكون من الصعب على الحكومة ان تقرر اقالة مسؤول ما فينفذ سريعا كما حصل مع مدير شرطة ميسان .
ان ثقافة الاستقالة هي مسؤولية الشعب اولا والمسؤول ثانيا والحكومة ثالثا ومن ناحية اخرى مسؤولية الاحزاب والكتل التي ينتمي اليها المسؤول ولا يمكن باي حال من الاحوال خداع الشعب مرة اخرى لاسيما وان هناك الكثير من الشخصيات التي يمكن ان تحدث فرقا في العمل السياسي برمته اذا تجرأت على الاستقالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران