الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم، ضد الامبريالية وضد النظام!

هشام نفاع

2011 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


*نحن لسنا ضد الامبريالية هكذا، بلا سبب، وبشكل غيبيّ، بل لأن مضمونها هو قمع وظلم واستغلال الشعوب وخيرات بلادها. فهل يمكن أن تصبح هذه الموبقات مقبولة وشرعية حين يقترفها نظام بحق شعب؟!
* فلتسقط كل "وطنية" يتسع مجالها لثقب رصاصة في قلب مواطن لأنه يصرخ ألمه وقهره ضد ظلم ذوي القربى!
//

لا أحد ممن يديرون ظهرهم لألم السوريّات والسوريّين يقول إنه مع النظام ضد الشعب. لأن هذا كلامٌ لا يُقال. بل تسمعه يقول لك "أنا مع الإصلاح وهو ما يجب أن يحدث ولكنني ضدّ التدخّل الأجنبي". هذا الادعاء مضلّل، حتى لو لم يقصد أصحابه ذلك. لأنه يقول في باطنه إنّ من يتضامن مع الانتفاضة الشعبية السورية ضد الجرائم السلطوية هو بالضرورة داعم لاستقدام قوات الناتو الى الشام! كيف، لماذا، ووفقًا لأيّ منطق؟ - لا أحد يدري!
من المثير للحزن والأسف التعاطي مع قضية بهذا الحجم الهائل بمصطلحات وروح لعبة كرة قدم.. "أنا مع النظام لأنّ امريكا ضدّه"! أهكذا تتّخذ المواقف السياسية؟ أبهذه السهولة تخدعنا دعاية نظام يرتدي لبوس الضحيّة، فيما هو يقتل متظاهرين مرئيّين ومسموعين (وليس على "الجزيرة" و "العربية" فقط)..
من اكتوى بنار التجربة السياسية، عليه الحذر كيلا يجد نفسه يردّد الزعم القائل: إن خلاصة الحالة السورية هي نظام ضد عصابات مسلحة ونقطة. للتحفّظ، ولتكن الأمور واضحة: هناك عصابات كهذه، نعم، وليحاربها النظام بشدة؛ ولكن لماذا يجب أن يُخفي هذا عن الأبصار والبصائر حشود السوريين السلميين في شتى المواقع السورية؟ يجب تحكيم الضمير الانساني والوطني وعدم تحويل هؤلاء المتظاهرين الى مجرّد سراب بذريعة أن من أظهرهم هو قناة "الجزيرة"؟ الى متى سيواصل أشخاص مسيّسون ومجرّبون وثوريون التعاطي مع هذه القناة (أو غيرها) وكأنها المعيار الذي يحدّد مواقفهم؟ هل يُعقل اتخاذ المواقف لدى العقلاء من خلال معيار إسمه "عكس شو حكت الجزيرة"؟ وخصوصًا مَن يحملون إرث الجدلية الماركسية المُنير!
إن صياغة المواقف من خلال إسقاط المطلب الشعبي السوري بالحرية والكرامة والحقوق الإنسانية، وإبقاء المعادلة مؤلفة من "امبريالية وسلفية من جهة ونظام من جهة أخرى، فقط"، هو خطأ سياسيّ فادح.
إن تقعير الواقع السياسي والامتناع عن النظر بشكل مركّب الى واقع مركّب بالضرورة، يؤدي الى النتيجة المؤسفة المتمثلة بإخراج الشعب وكرامته الانسانية من المعادلة السياسية حتى "يظلّ الحساب يزبط" – هو خطأ سياسيّ فادح.
مَن يقول للجماهير، عمليًا، إنه يكفي هذا النظام أو ذاك الزعم بأنه يناهض الامبريالية والسلفية فيما هو ينهش شعبه بأسنانه، حتى نوافق على تسويقه كنظام يملك الحق المُباح في قتل متظاهرين مدنيّين غير مسلّحين يطالبون بسقوط الظلم - إنما يساهم في تجهيل الجماهير ودفعها الى استبطان القمع الدموي وكأنه خيار يجب الانصياع اليه، وليس تهشيمه مهما بلغ الثمن.
إنّ من يقول نحن مع الاصلاح ولا يكمل القول بأنه يجب محاسبة ومحاكمة ومعاقبة كل من نفّذ أو أصدر أمرًا دمويًا بإطلاق الرصاص على مظاهرة في أيّ من مدن وقرى سوريا، وتجريده من مسؤولياته في جهاز الحكم كما تقتضي العدالة الطبيعية – يرتكب خطأ سياسيًا فادحًا لأنه يضفي شرعية، دون قصد، لقتل وقمع العُزّل هنا أيضًا، في وطننا، في أم الفحم والناصرة وطولكرم ورفح! من لا يتأثر بسفك دم المدنيّ السوري ويصمت عليه، فإنه يمنح سلطة الاحتلال والعنصرية الاسرائيلية رخصة لسفك دم الفلسطيني، لأنه يمنحها فرصة تقويض الأرضية الأخلاقية لمطلبنا بالعدالة.
إنّ المواقف السياسية في الأوضاع المعقدة تحتاج الى شجاعة. تحتاج الى مواجهة الواقع بكافة تناقضاته، وليس الهرب نحو تفصيل الواقع على مقاس مقولات تظهر وكأنها ثورية، ولكنها تبرّر عمليًا وضعيّة قوامها القمع والاذلال والاجرام السلطوي.
إنّ الموقف الثوري هو ذاك الذي يرفض بحزم ووضوح أيّ تدخّل امبريالي في سوريا وغير سوريا، لكنه يرفض بحزم في الوقت نفسه اعطاء أيّ مبرر لنظام يقتل أبناء شعبه. أصلا، ستصبح مقاومة الامبريالية عديمة المضمون إذا منحنا النظام شرعية استبدالها بدور ممارِس الاستغلال والقمع والظلم نفسه. فنحن لسنا ضد الامبريالية هكذا، بلا سبب، وبشكل غيبيّ، بل لأن مضمونها هو قمع وظلم واستغلال الشعوب وخيرات بلادها. فكيف تصبح هذه الموبقات بحق الشعوب مقبولة وشرعية حين يقترفها نظام بحق شعب؟! فلتسقط كل "وطنية" يتسع مجالها لثقب رصاصة في قلب مواطن لأنه يصرخ ألمه وقهره ضد ظلم ذوي القربى!
النظام الوطني لا يقتل شعبه. النظام الوطني لا ينهب خيرات بلاده عبر اقربائه ومقرّبيه وحاشياته. النظام الوطني لا يمكن أن ينام وشعبه يشعر بمرارة القهر والفقر والاهانة. النظام الوطني لا يستغلّ الخطر الخارجي ليعزّز قبضته من خلال دوس كرامة وحرية شعبه. النظام الوطني يجب أن ينحني أمام شعبه بل يقبّل قدميه، لأن الشعب هو الصخرة الصلبة الأساس في وجه جميع التدخلات الأجنبية. ومَن لا يثق بالشعوب ويقبل بإهانتها وإذلالها، مهما بلغت الذريعة، فعليه مراجعة مواقفه وحساباته اذا اراد الحفاظ على مبادئه وضميره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد فصّلتَ بين الموقف الثوري والمزيف
حميد خنجي ( 2011 / 9 / 16 - 07:33 )
فضيع انتَ يا أممي.. يا هشام نفاع!... يا ليت يسمعك نفاع الآخر: القومجي وبضعة أنفار أُخر، هنا وهناك! لكن أكيد ... لا حياة ولاحياء لمن تنادي

اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟