الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 9 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


إنتهت الضجة الأردوغانية في مصر ، و عاد الحديث عن الشأن الداخلي المصري ، و عندما يتلاشى ضجيج العواطف ، يمكن أن يُسمع صوت العقل الهادئ ، لهذا يمكن اليوم ، صباح السادس عشر من سبتمبر 2011 ، الحديث بعقلانية عن مستقبل الظاهرة الأردوغانية في مصر و المنطقة .
أكثر اللافتات التي رُفعت مخوفة من النفوذ التركي هي لافتة عودة الدولة العثمانية ، و هو قول إن كان المعني به العودة الحرفية للدولة العثمانية ، فهو بلا شك حديث جنون مطبق ، فالسلالات الملكية لا تعود هذه الأيام ، و كمثال : ليبيا إستدعت العلم الملكي و لم تستدع ولي العهد الليبي .
أما إن كان المعني هو تزايد النفوذ السياسي التركي في المنطقة ، و إنها - أي تركيا - ستتحول إلى قاطرة تقطر ورائها الدول العربية ، فأيضاً هو حديث لا يعبر عن الموقف الحقيقي ، فلا أمل لتركيا في أن تقود العالم العربي .
تركيا دولة قطعت شوط كبير في ميدان الديمقراطية ، و حزب العدالة و التنمية لا يمكن أن يظل للأبد في الحكم ، حتى لو إستمر نجاحه الإقتصادي ، و حتى لو تجنب كل ما تقع فيه الأحزاب السياسية التي يطول بها زمن الجلوس في مقاعد الحكم ، من فساد و ترهل و جمود فكري ، و ذلك بسبب طبيعة الشعوب و التي لا تطيق هيمنة حزب على الحكم لمدة طويلة بلا إنقطاعات .
و من مظاهر التأكيد على إنه لن يظل في الحكم للأبد ، أن حزب العدالة في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة فقد بعض مقاعده البرلمانية لحساب المعارضة ، و كان سبب ذلك هو رفض الشعب التركي أن يعطي حزب العدالة أغلبية تمكنه من كتابة دستور جديد بمفرده بدون التعاون مع الكتل البرلمانية الأخرى ، و في هذا دليل ناصع على أن تأييد غالبية الشعب التركي لحزب العدالة و التنمية إنما يقوم على دوافع إقتصادية ، و ليس لأسباب أيديولوجية ، أي عقائدية سياسية - ثقافية - إجتماعية ، و من هذا يمكن التأكيد على أن حكم حزب العدالة لن يظل للأبد ليمكن بناء تحالف إستراتيجي مع تركيا التي يقودها حزب العدالة و التنمية ، و في هذا أيضا دليل على مصداقية قولنا في حزب كل مصر : لا خوف من الإخوان في أي دولة ديمقراطية .
فماذا سيكون عندما يخرج حزب العدالة و التنمية من الحكم ؟؟؟
الحزب الثاني في تركيا حالياً هو الحزب الجمهوري ، و الذي ينتمي لتيار يسار الوسط ، ذو التراث الأتاتوركي ، و بالتالي ذو نزعة قومية تركية ، و بالتالي لا يمكن أن يكون لتركيا في حال وصوله للحكم أي نفوذ في العالم العربي ، و الحزب الثالث أضعف من أن نفكر في إنه سيصل للحكم في المستقبل المنظور فقد دخل البرلمان التركي هذا العام بشق الأنفس ، و هو و إن كان يحمل صبغة إسلامية ، إلا إنه ذو نزعة قومية تركية قوية للغاية تقتل أي إحتمال في إنه يمكن أن تلقى فكرة النفود التركي ، في ظل قيادته ، أي قبول في العالم العربي .
فكرة النفوذ التركي في العالم العربي مرهونة ببقاء حزب العدالة و التنمية في الحكم ، و حتى في ظل حكم حزب العدالة و التنمية لا يمكن أن تقود تركيا العالم العربي ، ليس فقط لتاريخ الحكم العثماني الذي أصبح منذ زمن طويل في منطقتنا مرادف للظلام و التخلف و الضعف ، و ليس فقط لأن المشاعر القومية و الوطنية في العالم العربي قوية ، بحيث لا تقبل بهيمنة تركية سياسية أو ثقافية ، بل و أيضاً بسبب المواقف التي وقفتها حكومة رجب طيب أردوغان تجاه ثورات ربيع العرب 2011 .
حكومة أردوغان لم تقف موقف حازم صلب مؤيد للشعب الليبي في ثورته ، فكان موقفها باهت ضعيف ، و هذا يحد من نفوذ تركيا الأردوغانية في ليبيا عندما يأتي وقت الحديث العقلاني في ليبيا بعد إستقرار الأوضاع .
أما في سوريا فالموقف التركي الأردوغاني أسوء ، ففي سوريا إنكشفت الحكومة الأردوغانية على حقيقتها بمواقفها المتعاطفة مع نظام آل الأسد ، و هي مواقف لازالت طازجة ، و لا حاجة بالتالي لسردها .
أما الموقف الأردوغاني تجاه القضية الفلسطينية ، فهو و لا شك مشرف ، و لكنه لا يكفي لأن يفسح لتركيا الأردوغانية مقعد القيادة في العالم العربي ، أو يجعلها قاطرة سياسية تقطر الدول العربية ، و على العموم مصر أولى بذلك الدور نحو شعب شقيق جار من تركيا .
إذا كان سياسياً ليس مقدر لتركيا الأردوغانية ، أو تركيا حزب العدالة و التنمية ، قيادة العالم العربي ، فإنه كذلك ليس مقدر لها أن تفرض هيمنة ثقافية سياسية على العالم العربي .
لقد كثر ، و منذ وصول حزب العدالة و التنمية للحكم في تركيا في أوائل هذا القرن ، الحديث عن نموذج حزب العدالة و التنمية ، و إنه بالإمكان تبنيه في العالم العربي .
ربما كان ذلك صحيحاً عندما كان الجميع في الخارج يعتقد أن الهيمنة في الشارع السياسي العربي ، و المصري خصوصاً ، هي للتيار الإخواني و أشباهه ، و لكن أعتقد ، و بعد ربيع العرب ، الذي إنفجر بدون مشاركة الإخوان ، أصبح لا حاجة لترديد أغنية حزب العدالة و التنمية التركي على المستوى الوطني العام ، و الإكتفاء بترديدها في أوساط الأحزاب الشبيهة بحزب العدالة و التنمية ، فمصر ليست كما تصورت الإدارات الحاكمة الغربية ، و لازالت تتصور ، في قبضة الإخوان .
مصر أغنى سياسياً ، و ثقافياً ، من أن تنحصر في لون سياسي أو ثقافي واحد .
نموذج الحكم الذي يقدمه حزب العدالة و التنمية منذ سنوات لا يمكن أن يجذب الشعوب العربية بعد ربيع العرب 2011 ، فقد أصبحت الطموحات الشعبية كبيرة للغاية في ميادين الحريات السياسية و الشخصية ، و في مجالي الثقافة و حقوق الإنسان ، و حزب العدالة و التنمية ، بإستثناء نجاحه الإقتصادي ، منحنى الحريات و حقوق الإنسان في تركيا في ظل حكمه آخذ في الإنخفاض بعد الإرتفاع الذي شهده في السنوات الأولى لحكم أردوغان .
الآن هناك تلفيق إتهامات للكتاب و الصحفيين الغير متماشين مع التيار الأردوغاني ، و تضييق في ميدان الإنترنت ، و يكفي الموقف الأردوغاني من موقع يوتيوب ، هذا إضافة لتحول تركيا الأردوغانية تدريجياً لدولة بوليسية ، من أظهر ملامحها تزايد التجسس على المواطنين .
الحديث الغربي عن تركيا الأردوغانية كنموذج يجب أن يحتذيه العرب أصبح حديث من الماضي بالنسبة للعرب ، فقد تجاوزه العرب بربيعهم و بطموحاتهم .
العرب يتطلعون لما هو أفضل من نموذج يقدم الخبز ، و يقيد الحريات تدريجياً ، و يضطهد خصومه بحقد .
العرب يتطلعون للرفاهية مع الحرية ، و إحترام حقوقهم الإنسانية كاملة ، و تركيا الأردوغانية لا تقدم هذا كنموذج تطبيقي .
رسالة للشعب المصري ، تعد جزء من المقال : أدرس حالياً فكرة العودة إلى مصر ، القضية هي موازنة بين الإعتقال فور العودة بناء التهديدات التي وصلتني بكثرة ، و بالتالي عدم قدرتي على الكتابة و بناء حزب كل مصر ، و بين الإستمرار في مواصلة مشاركتي في الثورة بالكلمة المكتوبة و المنطوقة من المنفى ، برغم مخاطر المنفى ، في الحالين أتطلع لدعمكم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية