الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في رحيل الكاتب الكبير محمود زامدار

عبدالوهاب طالباني

2011 / 9 / 16
الادب والفن


في رحيل الكاتب الكبير محمود زامدار
عندما نكست قلعة "هه ولير" اعلامها

كان هادئا هدوء امسيات بوابات "هه ولير " العتيقة ، وكان في الوقت نفسه صادحا كترانيم "الحيران" في سهول اربيل، ومتحديا كبنادق البيشمركة، كان خزينا للمعرفة ، وكنزا من العلم ، واميرا للكلمة الكوردية ، كان غنيا ، ثريا في قلمه وعقله ، تأتيه الفكرة فيكتبها مطرا ربيعيا مدرارا، بجمل تطير فرحا وتغني مواويل ، متى كان يكتب وهو المشغول دائما ؟ والله لم اعرف لحد الان ، الا انه كان غزير الانتاج في كتبه التي كانت بالعشرات في حقول النقد الادبي والفن والترجمة ، غزيرا في دراساته ومقالاته ، وندواته وامسياته ، كان له اسلوب اخاذ في الكتابة ، ليست بالكوردية فقط بل بالعربية ايضا ..محمود زامدا كان وسيبقى جزءا مضيئا من تاريخ الادب والتراث الكوردي ، وعلما عاليا من اعلام الصحافة الكوردية .

كان غير مباليا لنوائب الايام ، ولكنه كان يفكر فيها ، يحزن لها ، يموت فيها كل يوم ، هو لم يمت في يوم الخميس الموافق ل 08.09.2011 ،بل كان يموت لكل لماسينا ، ويبكيها بحرقة قلما رأيت احدا يبكي مثله ، كان حبيبا عزيز النفس محترما بكل مافي الكلمة من معنى للاحترام ، ناسكا ، متعبدا في محراب الضمير الكوردي ، محلقا في تجليات الفكر الانساني محبا لشعبه الكوردي الى حد العبادة ، كان جريئا غير مساوم في طروحاته ولكن بطريقة لبقة فقط محمود زامدار كان يستطيع ان يؤديها ، الكل كانوا يتعبون في النقاش معه ، فقط هو ما كان يتعب ، الحجة كانت لديه على طرف لسانه دائما ، والدليل في متناول يديه ، والصدق كان ديدنه ، والمجابهة ما كانت تخوفه ، وما كانت الكلمة والفكرة تخونه لانه كان موسوعيا ، يقرأ بنهم كبير ، ويعيش الجملة والسطر والكلمة والمعنى بكل احاسيسه..

وقد تشرفت بمعرفة وصداقة وزمالة الراحل الكبير محمو زامدار مذ كنا طلابا في جامعة بغداد يجمعنا النشاط السياسي ضمن اتحاد طلبة كوردستان والحزب الديمقراطي الكوردستاني ، وثم في الصحافة الكوردية من هاوكاري ومجلة البيان الكوردية وروشنبيري نوي وصحيفة التآخي والعراق وبرايه تي وعشرات الدوريات الكوردية الاخرى ،وذلك من نهايات ستينات القرن الماضي والى يوم غادرت كوردستان في اواخر عام 1992، وعندما زرت كوردستان عام 2007 كنت قد قررت ان ازور كاك محمود لان زيارة كوردستان و"هه ولير" دون ان ارى صديقي محمود ما كان يكون لها اي طعم ، وفي اربيل التقينا ، وكانت ساعات جميلة قضيناها معا ومع احد اقاربي على سفح جبل بيرمام ، لاحظت عليه بعض النحول والتعب حاولت ان انصحه ليهتم بصحته ، ولكنه ذهب بعيدا يذكرني بقصيدة لبيساراني وحديث لطيف عن اصدقائنا المتفرقين كل في قارة و بلد ، ثم ذهب في حديثه الى ما كان يشعر به من بعض الاحباط ولكن بمنطق الانسان المتفهم للظروف وانتماء تام وكبير لكل ما انجز ، وبحب كبير لكوردستان ، وحين حلت ساعة الفراق صدح صوته الشجي بأغنية كوردية فولكلورية جميلة وكأنه يسمعني اغنية الفراق الابدي ، وامام باب اتحاد الادباء الكورد باربيل عانقني ثم نظر في عيني والدمع يترقرق في عينيه وقال : "اخي وهاب هل تعتقد اننا سنجتمع مرة ثانة او اراك؟" ، احزنني صورة الوداع الاخيرة ، تألمت ، كنت احس ان الايام سوف لن ترحمنا وانها اللقاء الاخير..

****

اخي محمود بأي كلمات ارثيك ؟ فالكلمات تعجز لاوفيك قدرك وحقك ، وكيف لي ان اصف صفاءك ووفاءك واخلاصك في صداقتك ومواقفك ، بينما الكثيرون غادروا منطق الوفاء واصبحوا تماثيل للتنكر حتى لانفسهم ، اما انت فقد بقيت حبيبا ونقيا وجميلا ، انني اكثر الناس من فقدك ايها العزيز ، لن انساك ولن انسى طيبتك وجمال روحك..لك الخلود ، ولروحك الطاهرة السلام كله ، وملء مثواك النور ، ولتبحر في عالم السكون بكل الهدوء الذي عشته ..يا اعز صديق واخ.
ولقلعة" هولير" التي احببتها ان تنكس اعلامها في يوم رحيلك المفجع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع