الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتمية التدخل الدولي لإنقاذ الشعب

زكريا حسن

2011 / 9 / 16
السياسة والعلاقات الدولية




إلى الآن فإن فالثورة السورية تعتبر آخر العنقود في ربيع الثورات وعلى هذا فإن كلاً من الشعب والسلطة يجب أن يكونا قد استقيا بعضاً من الدروس من الثورات التي سبقتها ، ولكن المؤكد أيضاً أن السلطة السورية وإلى الآن فقد تمكنت من إثبات أنها كانت الأقدر على الاستفادة من دروس تلك الثورات وذلك بقدرتها على تحريك بعضٍ من الأوراق التي أعدت البعض منها منذ عقود عديدة وجهّزتها خلال فترة الاستعداد ولعل أهمها يكمن في إمكانية السيطرة على الأغلبية الصامتة عن طريق تشكيل رؤية واقعية لديهم ملخصها عدم توفر البديل المحدد والواضح أو بإظهار أن البديل سيكون أسوأ ، والأخرى التي استقتها من أخطاء الأنظمة الأخرى في التعامل مع الثورات وكمثال على ذلك فلم تقم باستخدام القوة المفرطة الواضحة الآثار.

منذ اللحظة الاولى لبدء الانتفاضة فقد توضحت عدة ملامح اولية للثورة السورية ولعل اهمها هو قابلية هذه الثورة للتآكل بمرور الوقت ويمكن ارجاع ذلك لعوامل عديدة ولعل أهمها
1 كانت من مسلمات الثورة السورية التي وإن حاول البعض استخدام الدبلوماسية لمحاولة تحييد الجيش فقد كان جليا استعداد الجيش منذ زمن طويل للحظة كهذه وتجهيزه للوقوف بجانب السلطة وضد ارادة الشعب كون البديهية المعروفة ان حزب البعث اغتصب السلطة وجرد الجيش من مفهومه الوطني واستخدمها كتابع لسحق كل من يحاول المساس بأمن القصر الجمهوري وليس للدفاع عن أمن الوطن .
2 التخطيط الممنهج من قبل السلطة لإفشال أية ثورة لم تقم بعد نتيجة عمله منذ عقود لجعل الشارع في سوريا مقسما وجاهزا للتفتت اذا ما حاول القيام بأية محاولة لتجاوز مرحلة التوريث الجمهوري وما كان عليها سوى تحريك ادواتها للحصول على نتائج مخطط لها مسبقا
3 تقسيم المعارضة حسب أهواءها وبطريقة تجعلها تؤدي عملاً مبرمجاً ، وإن كانت في غير صالح السلطة في بعض الأوقات فإنها ستكون حتماً في غير صالح الثورة في كثير من الأوقات وتبلورت بعقد العديد من المؤتمرات التي تفوح منها رائحة إقصاء الآخر تارة وتارة أخرى إزالة النظام مع إعتماد ركائزه الفكرية الفضفاضة التي تفتح المجال لحركاتٍ بهلوانية مخادعة تتجاهل حقيقة سوريا ومكوناتها ومستقبلها
نجح النظام الى الان في تجزئة الشارع السوري المنتفض تحت مسمى خاص به
امام انظار المجتمع السوري فالشعب السوري يتكون من منتفض وموالي والمنتفض يقسم الى منتفض سلمي وارهابي وهو يدعي انه يذهب لتخليص الشعب منهم فقط وأما ما عدا ذلك فإن كل شيءٍ مسموح ، وإلى حدٍ ما فإن هذه الآلية ناجعة وخاصة مع تلك الاطراف التي ترى في النظام أداة فعالة للمحافظة على مصالحها الحساسة في سوريا .


امام الشعب السوري مواجهتان حقيقيتان وعليه تخطيهما للوصول الى حريته
الاولى هي مواجهة واقع معارضته التي هي في جزءٍ كبير منها هي معارضة افتراضية او معارضة لم تمارس العمل السياسي باحترافية ويقتصر عملها على القيام ببعض المهام الإعلامية في أغلب الأحيان ، وتحويلها – بعد تمارين المؤتمرات – إلى معارضة فاعلة تمارس عملها بتجسيد رغبة الشعب عبر لقاء مشترك يضمن حقوق السوريين الثائرين ويعبر عن حقيقة سوريا التاريخية وتآلف مكوناتها .
الثانية هي مواجهة النظام وهي التي تحدث ليس عبر الصدام المباشر وذلك لأن أية محاولة لتحويل الثورة السلمية إلى ثورة مسلحة ضد السلطة يعتبر خطأً فادحاً نظراً لأن النظام مستعد في كل لحظة لتحويل سوريا إلى حمام دم في ظل عدم التكافؤ الذي ستكون القوة والبطش هي الفاصل فيها وليس الحق ، وإنما تحدث عبر ت تمثيل المعارضة الحقيقي لإرادة الشعب للبدء بعملية نقل تجسيد الشرعية المستمدة من الشعب في المعارضة .
ما يجري في سوريا في حقيقة الامر هو حملة شرسة في سوريا من قبل نظام أغتصب السلطة وأستولى على الدولة ضد شعب ينادي بالحرية بطرق سلمية ، مع العلم أن هذا النظام يمتلك من الدعم الخارجي والقوة الوحشية ما يمكنه من البقاء ، الامر الذي لا يدع مجالاً للشك أن هذه السلطة لن تزول بغير أسلوب واحد وهو التدخل الدولي ذلك التدخل الذي دعى إليه أبرز رموز النظام المنشق عليه حالياً وهو عبد الحليم خدام (رغم التحفظات الكثيرة على شخصه وتاريخه السياسي ) فإنني أزعم معرفته بخفايا النظام السوري وتقاطعاته وعلاقاته وارتباطاته ومعرفته بطبيعة العلاقات الاقليمية والدولية وتقاطعاتها ما حدا به للمطالبة بالتدخل الدولي كوسيلة لحصول الشعب السوري على حريته .
الحماية الدولية بصيغتها الحالية المقترحة لن تستطيع إيقاف الدم ولن تستطيع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المواطنين المسالمين ولكن سيقتصر مفعولها على تعداد الجرائم المرتكبة من قبل السلطة بحيادية ما سيكفل كشف الجرائم دون اداة ناجعة لوقفها.
اذا كان المقصود بالحماية الدولية في التي طالب بها السوريون هو المطالبة بتدخل المجتمع الدولي لحماية المدنيين من بطش السلطة بعد الممارسات الوحشية بحق المتظاهرين المسالمين فإن ذلك لن يكون كفيلا بوصول الشعب لحريته ، والحق أننا بحاجة لتدخل دولي عاجل للحيلولة دون سيطرة النظام البعثي ومن يستظل بمظلته مرة أخرى ولعقود أخرى لحرية الحضارة السورية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و