الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة النص، نص

أحمد زكارنه

2011 / 9 / 17
القضية الفلسطينية


يحكى أن إحدى الصحف الفرنسية في زمنٍ ماضٍ، كتبت حول قضية فسادٍ متهم فيها بعض أعضاء البلدية: إن نصف أعضاء بلدية باريس لصوص ، ما أثار حفيظة كافة العاملين في البلدية سواءٌ مَن هم متهمون أو من هم شرفاء، فخرجوا في مظاهراتٍ مطالبة الصحيفة بالاعتذار، وحينما ارتفعت وتيرة الضغط على إدارة الصحيفة قررت أن تنفذ مطالب أعضاء البلدية، فكتبت في اليوم التالي: إن نصف أعضاء بلدية باريس ليسوا لصوصاً .
ونحن إذ نقف اليوم على أبواب المحافل الدولية، لنطالب المجتمع الدولي، بإعلان موقفه الواضح والصريح اتجاه استحقاق ايلول، للاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وقبول فلسطين عضواً فى الجمعية العامة للأمم المتحدة- خاصةً وأنّ هذا المجتمع الدولي بات أبرز الداعمين بل واللاعبين والراكبين على ما حدث ويحدث في المنطقة العربية على صعيد الحراك التحرري الذي تشهده- يتّخذ بعضُنا سياسة النصف موقف والنصف حقيقة، مبدأَ عملٍ لا يغنى ولا يسمن من جوع، وإنما قد ينتج أنصافَ الحلول وحسب.
هنا جديرٌ بنا الاعتراف أننا نواجه تحدياتٍ وصعوباتٍ جمةً، بعضها ذاتيٌّ وبعضها الآخر عدوانيّ، فبينما يواصل قطعانُ المستوطنين مدعومين بسياسة كيانهم الغاصب، التعديَ على أراضينا وممتلكاتنا ودور عبادتنا وتاريخنا وحضارتنا، يبدي البعض منا مواقفَ تدعو للدهشة والاستغراب في آن، خاصةً حينما تتماهى بعض هذه المواقف مع أعداء توجهنا للاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف -كما أعلنت ومارست وتمارس حركة حماس في قطاع غزة - بغضّ النظر عن صوابية هذا التوجه من عدمه، أو مدى استعدادنا له، فيما يقف بعض هذه المواقف، موقفَ الحائل بين شعبنا الفسطيني ومقوّماتِ ثباته وصموده ومقاومته حتى الشعبية منها، تارةً بالاختلاف السياسيّ الداخليّ بكلّ ما يشمله من صراعاتٍ فصائلية أو حتى فردية، وأخرى عبر ممارساتٍ حكومية غريبة الأطوار، كان آخرها إعلان الحكومة دفعَ نصفِ راتب لموظفي القطاع العام، الذي يمثّل مع عوائله أكثرَ من نصف المجتمع، فيما يعدّ دخله الاقتصادي، وقودَ نصفه الآخر، لولا تدخلُ الرئيس محمود عباس الذي أمر بصرف كامل الراتب خلال اثنتين وسبعين ساعة، وكأنّ الحكومة أرادت القول للمواطن إنّ عليك أن تحيا نصفَ حياةٍ اجتماعية، وتصرفَ نصفَ مصاريف مدرسية، وتستخدم نصف احتياجك للكهرباء والماء والهاتف، وربّما لك فقط أن تحيا بنصف ضميرٍ، أو حتى أن تعاشرَ نصف زوجك ، على اعتبار أنّ الرقص على الواحدة والنص بات أبرز سمات هذا العصر، تمامًا كذلك الزميل مدير عام صوت فلسطين الذي أرجع فشلَ وسائل الإعلام الفلسطينية الرسمية لسوء أداء السلطة سابقاً حسب ذلك الغسيل الذي نشره على حبال الصحف، حينما قيّم زملاءَ له منذ أكثر من خمسة عشر عاما، نصفَ تقييم، في خُمس أو لربما أقلّ من خُمس المدة الزمنية التي كُلّف فيها بإدارة الإذاعة، ليتحوّل بقدرة قادر بين ليلةٍ وضحاها من أحد معارضي السياسة الإدارية للهيئة، إلى أبرز معارضي المعارضة لذات السياسة، وبالطبع إلى أن يأذن الله ومن ثمّ القيادات العليا سحبَ الكرسيّ من تحته!
هذا المشهد السرياليُّ بكلّ تفصيلاته المعلنةِ وغير المعلنة، والذي يعتمد سياسة الأنصاف في مجمل ألوانه، ربما انطلاقاً ممّا تشهده المنطقة العربية من أنصاف ثورات - ما لم تسعَ بآلياتٍ واضحةٍ بعيدةٍ كلّ البعد عن أيّة شبهات إمبريالية، باتجاه تحقيق أهدافها ومطالبها - ، مرورًا بسياسة نصف الراتب، ونصف التقييم، وصولاً إلى نصف الدفء، ونصف الموقف ونصف الحقيقة كما قال مظفر النواب في الحانة القديمة ، قد يُدخلنا في مواجهةٍ مع إمبريالي - عربيًا كان أم غربيًا - ممّن يبيع اليابس والأخضر ويُدافِع عن كلّ قضايا الكون، وقد يعطينا نصفَ ثباتٍ ونصفَ صمود ونصفَ مديرٍ عام ونصفَ موظف وربما نصفَ استحقاق في سياق ثورة ( النص نص ) التي تجتاح العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو