الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي سالم ينعى الهاربون من السفارة

تميم منصور

2011 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



الأديب المصري علي سالم غني عن التعريف ، انه احد الذين لا يزالون يؤمنون بالتطبيع رغم انه سابقاً كان يعد على اليسار ، لكن الظاهر ان تطبيعه قد اكله السوس وتناثرت نشارته على ارض المطار ، ، ان علي سالم من الأدباء الذين خرجوا من معطف السادات واستقروا في حذاء مبارك ، وقد زين الحذاء بحبل قام بجره الى اسرائيل ، فقد ابهره بريقها الزائف المخادع بانها دولة التمدن والديمقراطية وواحة السلام ، لقد وقع في شراك الخديعة هذه عددا آخر من مدرسته الأدبية ، نذكر منهم الأديب الكبير نجيب محفوظ ، والأديب حسين فوزي وأنيس منصور وعبد الستار الطويلة .
اننا نعترف بان لكل واحد منهم مدرسته الادبية الخاصة ، ولكل منهم رافعته الخاصة في اثراء الادب العربي الحديث ، لكن مدارسهم السياسية لا تتلائم مع مدارسهم الادبية ، انهم عاشوا غرباء وفي حالة من الكفر بشيء اسمه الاجماع القومي العربي الذي آمن ونادى به المئات من الكتاب والادباء العرب ، يكفرون بهذا الاجماع رغم انه الدواء الذي يمنع انتشار داء الاقليمية والطائفية والعشائرية الضيقة ، ميزة هذا الاجماع انه يعطي للقومية حقها وللدين حقه دون ان يسيطر احدهما على الآخر .
العرب لم ولن يكونوا امة تجاري العصر وشعباً متطوراً اذا لم يحذوا حذو الشعوب الأوروبية التي اتحدت واقامت دولاً قوية ومتطورة خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين ، بعد ان بلورت شعوبها انتماءها القومي بروح وطنية صادقة ، من تحت سقف هذين الاطارين بعث الاستقلال والانطلاق نحو التطور والحرية الفكرية .
لو كان الاديب علي سالم بهذا الفكر والروح القومية العربية الحديثة لما تشبث حتى اليوم بمخالبه وانيابه بالسلام الواهي بين اسرائيل ومصر ، دون ان يسأل اين حقوق الشعب الفلسطيني داخل جعبة هذا الاتفاق ، رغم رفض غالبية الشعب المصري وغالبية الشعوب العربية هذا الاتفاق الجائر الذي شجع اسرائيل على الاستمرار في صلفها وعدوانها على الشعب الفلسطيني خاصة وشعوب المنطقة عامة ، الا ان الاديب علي سالم- وغيره - يعتبره خطوة استراتيجية يجب عدم التفريط بها .
هذا الموقف مؤكد لكل اديب يتقن اللعب بفن السياسة ويتذوق معاني القومية والوطنية الصادقة ، اذن لماذا يصر الاديب المذكور ان يبقى معزولا عن اجماع غالبية ابناء الشعب المصري الذين قالوا كلمتهم في ثورة 25 يناير ؟ لقد طالبت جموع الثورة بوضع حد لمهزلة "كامب ديفيد " بكل بنودها اذا استمرت اسرائيل في التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني ، لكن علي سالم مصر على التهرب من سماع هذه الاصوات .
عادت هذه الاصوات وارتفعت اكثر خلال المظاهرات والتجمعات التي شهدتها جمعة اعادة تصحيح مسيرة الثورة ، لكن الجديد في هذا العرس الشعبي ان الحشود في ميدان التحرير اشتموا رائحة دماء الشهداء المصرين التي عادت وسالت من جديد فوق رمال سيناء بعد العدوان الاسرائيلي الاخير وبناء سور السفارة الذي اعتبروه مستوطنة وجيتو اسرائيلي في قلب القاهرة ، فعبروا عن سخطهم وغضبهم باقتحام سفارة ليبرمان في القاهرة ، لقد اعادوا سيناريو احتلال شباب الثورة الايرانية للسفارة الاسرائيلية في طهران ورفع العلم الفلسطيني فوقها عام 1977 ، هذه هي حتمية انظمة الفساد والطغيان وفي مقدمتها النظام الكولونيالي التوسعي في اسرائيل .
ان اقتحام السفارة الاسرائيلية في القاهرة سيبقى مشهداً تاريخياً ولطمة على وجوه الذين راهنوا على رفض جموع الشعب المصري لاتفاقية " كامب ديفيد" المذلة من بين هؤلاء الاديب على سالم ، لقد ذكرت المستعربة الصحفية " سمدار بيري " بان علي سالم قد اتصل بها مباشرة وابلغها حزنه العميق واسفه البالغ واعتذاره الشديد لكل اسرائيلي على هذا العمل الوحشي ، اعترفت بانه قال لها : عندما شاهدت سفير اسرائيل في القاهرة – هو ابن احدى النساء اللواتي عملن في خدمة المخابرات في لبنان – هاربا مذعورا كادت دقات قلبي ان تتوقف عن النبض ، ابلغها بان اقتحام السفارة يعني بالنسبة له الاعتداء على مسيرة السلام ، واضاف بانه سوف يبقى حاملاً علم التطبيع حتى لو بقي وحيداً ، وأن ما شاهده عبر الشاشة الصغيرة من اقتحام السفارة لا يعبر عن ارادة الشعب المصري ، وان من قاموا به هم من الرعاع ان هذا النفاق للمستعربة " سمدار بيري " لا يمثل الا الاديب على سالم وحده ، كما ابلغها بانه اصبح قلقاً على حياته خوفاً من بطش وغضب شباب الثورة ، واعترفت ايضا في مقالها الذي نشرته في صحيفة ( يديعوت احرنوت ) في عددها الصادر يوم 11/ 9/ 2011 بان صديقها علي سالم قرر الاختباء خوفا على حياته لأن حياته أصبحت في خطر .
لقد اختار علي سالم اختار المنفى لنفسه ليس في جسده فقط بل في منادته واصراره على التلويح باعلام التطبيع ، انه لا يزال يحلم بزيارة اسرائيل للمرة الثانية عشرة لأن سحر الاسرائيليين يعشش في خياله ، رغم طرده من اتحاد الكتاب المصريين منذ زمن طويل .
ان اقتحام السفارة الاسرائيلية في القاهرة لن يأت عشوائياً ، انه تعبير عن بداية مرحلة جديدة في تاريخ مصر الثورة ، أنه مؤشر انتهاء عصر قهر الشعوب والالتفاف حول ارادتها .
اقتحام السفارة وضع حدا لسياسة اسرائيل التي كانت تجمع ما بين التطبيع والاحتلال معاً ، فهي من جهة تستمر في احتلالها وفي نفس الوقت تتمتع وتنعم بالأمن والاستقرار وتوسيع ابواب التطبيع يوماً بعد يوم .
نذكر ان علي سالم له مسرحية بعنوان - الكلاب وصلت المطار – فهل سيكتب مسرحية تعكس الهروب من المطار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|