الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميناء مبارك هل يعكر العلاقات العراقية الكويتية مجددا ؟

حسن محمد طوالبة

2011 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


اعتقد البعض أن سقوط النظام الوطني في العراق , اثر الغزو الامريكي عام 2003 سوف يطمس الاثار السلبية المندملة في نفوس الكويتين والعراقيين , ولكن الاحداث المتسارعة اكدت عكس هذا الاعتقاد . وانطلقت الرواسب القديمة من عقالها , واخذ الطرفان بتبادلان الاتهامات لنفس الاسباب التي قادت الى الحرب عام 1990 , وجوهر المشكلة هي الحدود المشتركة بين البلدين , تلك الحدود التي رسمتها بريطانيا يوم كانت دولة عظمى تهيمن على مساحات واسعة من العالم وخاصة في قارة أسيا .
وللحقيقة فان بريطانيا هي اسوأ دولة استعمارية افرزت نتائج سلبية على البلدان التي كانت خاضعة لها, لانها زرعت الخلاف والفتنة بين اكثر من بلد في اسيا , فهي التي قسمت شبه القارة الهندية الى ثلاثة دول , وما زال الصراع محتدما بين الهند وباكستان حول كشمير . أما في الوطن العربي فقد أوجدت أكثر من مشكلة حدودية : بين العراق والكويت , بين العراق وايران , بين العراق والاردن ـ تم حلها بالتفاهم الاخوي ـ , بين الاردن وسوريا , بين الامارات وعمان , بين قطر والسعودية , بين اليمن والسعودية .
المشكلة المتفجرة اليوم هي عزم الكويت انشاء ميناء مبارك في الممر المائي المسمى ( خور عبدالله ) المنفذ الوحيد الى العراق والى ميناء الفاو الصغير الذي لا يفي باحتياجات العراق التجارية , الامر الذي حذا بالحكومة العراقية الحالية الى اقرار خطة لبناء ميناء الفاو الكبير عام 2005 . ويعتقد العراقيون أن بناء ميناء مبارك على شاطئ جزيرة بوبيان هو لشل حركة الملاحة للموانئ العراقية .
ويعتقد العراقيون أن ميناء مبارك وما انجز منه 12% هو في واقع الحال خلافاً لاحكام قانون البحار لعام 1982 وهو رداً على مشروع ميناء الفاو الكبير كونه مرفق بحري عراقي الا ان الكويت ارادت خنق العراق ووضع العراقيل امامه للحؤول دون بناء ميناء الفاو الكبير , اذ ان الممر المائي في خور عبدالله دقيق وظحل من الجانب العراقي , لايمكن للسفن أن تمر فيه , وقد سمحت الاتفاقية الدولية التي وقعت بعد الحرب عام 1991 , على خلفية اجتماع خيمة ( صفوان ) للسفن القادمة الى العراق المرور من المنطقة الكويتية المحاذية لجزيرة بوبيان , وهي منطقة عميقة صالحة بمرور السفن الكبيرة. وعليها رفع العلم الكويتي, وهذا الامر قد لا يشجع السفن المتعاملة مع العراق الاستمرار في العمل حتى لا تتعرض لاشكالات في المستقبل , وفي حال تم بناء ميناء مبارك فانه سوف يبنى فوق المياه العميقة التي تمر منها السفن القادمة الى العراق . ولكن المفارقة أن لجنة في مجلس النواب العراقي أفادت أن بناء ميناء مبارك لا يضر بمصالح العراق . وهذا الرأي منح الكويت فرصة للدفاع عن مشروعها , سيما أن المشروع يقام في المياة الكويتية وعلى ارض كويتية . ومع ذلك فان الحكومة العراقية ما زالت تنتظر تقرير اللجنة الخاصة المكلفة بدراسة الموضوع .
من الواضح أن الميناء سيضر بميناء الفاو الكبير , اذ لن يكون ميناء دوليا مع وجود مصاعب في مرور السفن , بل سيكون ميناء مبارك هو المؤهل لاستقبال السفن العملاقة , وليس ميناء الفاو الذي لم يرسي عطاءه على أية شركة أو دولة حتى الان , كما هو الحال في ميناء مبارك الذي اعطي الى شركات كورية جنوبية . ومع ذلك فليس الميناء هو كل الازمة , بل هو السبب المباشر لهذا اللغط والكلام الغليظ الذي يصدر من بعض الكتاب والسياسين في كلا البلدين .
يرى العراقيون أن ترسيم الحدود عام 1991 قد تم فرضه تحت شعار " عدالة المنتصر " و" انتقام الغالب " .وهذا الشعور يفسر تردد الحكومة العراقية في الاعتراف بهذه الحدود . كما يرون أن الكويت غالى في طلبه اقتطاع خمسة بالمائه من واردات العراق من النفط والغاز , حيث حصلت الكويت 33 مليار دولار حتى الان كما يرون ـ العراقيون ـ أن اصرار الكويت ابقاء العراق محكوما تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة , الذي فرضه مجلس الامن عام 1990 , هو اضرار بالعراق , ويضيفون سببا أخر لهذا الاحتقان هو , ملاحقة الكويت للطيران العراقي ومنعه من التحليق في أجوائها , مما يجبر العراق الاعتماد على الطيران الاجنبي . ويعتب العراقيون على الولايات المتحدة لانها لم تحرك ساكنا في هذه الازمة , ويرون أن استمرار التوتر في المنطقة يقدم للادارة الامريكية مبررا لبقاء قواتها في العراق مدة أخرى , بعد انتهاء مدة الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن نهاية العام الجاري , اذ على الولايات المتحدة سحب قواتها بالكامل , الا اذا طلب الجانب العراقي ابقاء هذه القوات مدة أخرى .
كلا البلدين لديهما حججهما في مسألة اقامة مينائيي مبارك والفاو الكبير , ولكن مثل هذه الموضوعات لا تحل بالمعارك الاعلامية , وحشد القوات على حدود بلديهما , بل تحل بالطرق الدبلوماسية والسياسية , وفي هذه الحالة على الجامعة العربية مسئولية كبيرة , لانها هي التي تحركت عام 1990 , بدفع من حسني مبارك , لمنح الولايات المتحدة فرصة التواجد في الاراضي العربية , تمهيدا للعدوان على العراق , وتدمير بناه التحتية , وارجاعه الى العصور الوسطى , كما توعدت الولايات المتحدة قبل العدوان . الجامعة مطالبة بالتحرك المسئول لايجاد حلول ترضي طرفي النزاع , ولابد من تفعيل نظام الامن الجماعي الاقليمي العربي , وكذلك محكمة العدل العربية , ولايجوز أن تنشغل الجامعة بمعالجات عرجاء ومشبوهة كما عملت مع الوضع الليبي , وكما قدمت فرصة اخرى للنظام في سوريا للبقاء , دونما مراعاة لمطالب ابناء الشعب السوري . اذ لايجوز وضع الطرفين في كفة واحدة , فالذي يملك القوة عليه ان يوقفها , لا ان يستغلها في قمع ثورة الشعب , الذي يطالب بحقوق كفلها الاسلام , والقوانين الدولية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ