الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا عودة للوراء ، مع ضعف مصري ، إذاً الكارثة آتية لا محالة

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 9 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


في الثلاثين من يونيو من العام الماضي ، 2010 ، كتبت : يا أهل النوبة الغارقة يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة ، و اليوم ، الأحد الثامن عشر من سبتمبر 2011 ، أقول لأهل النوبة : عودتكم باتت مؤكدة ، إلا لو حدث تغير جذري في الوضع الداخلي المصري .
الكارثة باتت مؤكدة ، و لا أعني بالطبع عودة النوبة للظهور بعد إنحسار مياه بحيرة السد عنها ، فلا يمكن لوم النوبيين ، و لا يمكن أيضاً تجاهل مأساتهم ، و لكن الكارثة التي أعنيها هي : تناقص حصة مصر المائية نتيجة السدود الأثيوبية ، و التي ستقتطع من حصة مصر ما مقداره أربعين بالمائة .
لقد كتبت عن تلك الكارثة مقالات عدة كان أولها في مايو من العام الماضي ، 2010 ، و أخرها في هذا الشهر سبتمبر 2011 ، في مقال : المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر ، و قد أجلت كتابة المزيد إلى ما بعد زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي زيناوي للقاهرة ، و لقاءه برئيس وزراء نظام طنطاوي - سليمان ، حتى أرى نتيجة الزيارة ، و الآن بعد إنتهاء الزيارة ، و مع رؤيتي للواقع في الداخل المصري ، تأكدت أن الكارثة المائية قادمة ، فلا شيء يعيقها .
في المؤتمر الصحفي تجلى الفارق بين الطرفين ، المصري ، و الأثيوبي .
عصام شرف ممثل مصر في القضية ، أثبت لمرة أخرى مدى شدة ضعفه ، و إنه ليس إلا إمعة .
أما زيناوي ، عن أثيوبيا ، فقد تحدث في المؤتمر الصحفي حديث الواثق من قوة موقفه ، و أيضاً من ضعف من أمامه ، و هو - أي زيناوي - و إن كان لم يتحدث بخشونة ، إلا إنه لم يقتصد في أظهار قوته ، و تحديه ، و قد تجلى ذلك في الآتي :
أولاً : عند حديثه عن الموقف الماضي ، أو الإتفاقية القديمة ، قال بكل ثقة ، أو بتحدي : لا عودة للوراء .
ثانياً : ثقته في قدرته على إرغام مصر على التوقيع على الإتفاقية الجديدة ، و قد إتضح ذلك في إشارته إلى تأجيل طرح المعاهدة الجديدة على دول حوض النيل للتصديق و ذلك حسب قوله : حتى يتسنى لمصر الجديدة دراستها بعناية ، سننتظر من الجانب المصري قراره بهذا الصدد .
أي لم يقل أن باب مراجعة المعاهدة الجديدة - التي وقعتها عدة دول نيلية بدون مصر - مفتوح ، أو أن هناك فرصة لتعديلها .
فماذا لو لم توقع مصر الجديدة - كما أطلق عليها زيناوي - الإتفاقية ، هل هذا سيردع زيناوي ، و غيره من قادة الدول النيلية التي وقعت على المعاهدة الجديدة ؟
لا يا سادة ، و أقول ذلك مستنداً على ما جاء على لسان زيناوي ، و ذكرته أعلاه : لا عودة للوراء .
فلماذا يتحدث زيناوي بكل هذه الثقة ، إن لم يكن بكل تلك العجرفة ؟؟؟
أولاً : لأنه قد أتم بناء السدود بالفعل ، بمساعدة الصين الشعبية ، و ذلك في عهد مبارك الأثيم ، و بصمت مصري رسمي ، و تكتيم إعلامي مصري ، و بدأ بالفعل في ملء الخزانات ، فهو إذاً لا يتحدث عن خطط مستقبلية في مهب الريح ، و لا يهدد تهديدات جوفاء ، و إنما يتحدث مستنداً على واقع صنعه .
لقد أثبت إنه رجل أفعال أولاً ، ثم جاء إلينا ليفرض شروطه ، أو ليتحدى .
و في هذه النقطة مبرر كافي لشنق كل من : مبارك ، و عمر سليمان ، و وزراء الري الذين تم في عهدهم بناء تلك السدود ، و في هذا الشأن أرجو مراجعة مقال : المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر ، و نشر في الأول من سبتمبر 2011 .
ثانياً : لأنه يعرف مع من يتحدث .
إنه يعلم كما يعلم العالم أجمع ، أن مصر الجديدة التي يتحدث عنها العالم هذه الأيام ، إنما هي مصر القديمة التي عهدناها لثلاثين عاماً تقريباً ، بناقص بضعة أفراد .
طنطاوي مثل مبارك في الضعف و التخاذل و الخيانة ، و شرف مثل شفيق و نظيف و عبيد و بقية السلسلة الفاشلة الفاسدة ، و العيسوي مثله مثل العادلي و الألفي و بدر و بقية السلسلة الدموية النجسة .
بل ربما يكون طنطاوي متعاطف مع زيناوي و بقية دول حوض النيل ، و من أنصار الإتفاقية الجديدة ، و ذلك في قرارة نفسه ، لأسباب شخصية .
مصر الجديدة هذه ليست إلا شعار يخدعنا به الأجانب الذين يريدون أن تستمر الأوضاع المختلة في مصر على ما هي عليه .
مصر الجديدة التي أشار إليها زيناوي ، هي مصر طنطاوي ، و مصر طنطاوي هي مصر مبارك ، بكل ما كان في عهد مبارك من فساد ، و تخاذل ، و خيانة .
و مصر ما بعد طنطاوي ، إن كان هناك بعد طنطاوي شخص أخر في المستقبل القصير ، هي نفسها مصر الحالية ، و مصر ما قبل الحادي عشر من فبراير 2011 ، و الفضل للسلطة التي لا يهمها إلا البقاء بأي ثمن و نجحت بالفعل - حتى الآن - في البقاء ، و للإخوان - حلفاء السلطة - الذين لا يفكرون إلا في إستثمار ثورة غيرهم لزيادة عدد مقاعدهم البرلمانية ، و في دعم ربيبتهم حماس ، و كذلك للقيادات الشبابية الزائفة التي قفزت على قيادة الثورة ، فإدعت ملكيتها بسبب بعض الصفحات في فيسبوك - و التي يدير الأمن بعضها ، مثل صفحة : كلنا خالد سعيد ، و التي كان يديرها الأمن - و تنتظر حصاد ما زرعه ملايين ، فهم على إستعداد لبيع دم الشهداء من أجل مقاعد وزارية ، بل و حتى برلمانية ، و لازالوا يحشدون الحشود في الجمع تحت شعارات لا فائدة منها لقتل الثورة ، ثم لقبض الثمن من السلطة في المستقبل .
زيناوي قرأ كل هذا قبل أن يأتي - مثلما قرأ ذلك كل قادة العالم - و لم ير أي مؤشر يدل على أن هناك تغير حقيقي حدث في مصر ، و لم يستدل على إنه سيحدث شيء ما يغير الأوضاع في المستقبل القريب ، لهذا قالها بثقة و تحدي ، في عقر دارنا : لا عودة للوراء .
إذاً الكارثة آتية لا محالة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-