الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب الرئيس: الى نيويورك

ريما كتانة نزال

2011 / 9 / 19
القضية الفلسطينية


أجزم بأن "أبو مازن" لم يحظ سابقا بالشعبية التي يحظى بها اليوم، حيث أخذ الرئيس زمام المبادرة لقلب الطاولة العبثية، واضعا البديل النضالي للمفاوضات بيد شعبه من جهة، وبيد العالم من جهة أخرى.
لم يعلن الرئيس، بشكل نهائي، في خطابه الأخير قبل نيويورك جهة الطلب التي سيتم التوجه إليها أولاً، وفيما إذا كانت قِبلته مجلس الأمن أم الجمعية العامة، حيث ترك ذلك لمزيد من الاستطلاع والبحث في الميدان للبت به لاحقا. وأعتقد بأن هناك ما يبرر مثل هذا الغموض البنّاء وبما يتيح المزيد من المتابعة والتدقيق وكذلك الحراك بشكل مفتوح مع القوى المعنية، وكما من شأنه أن يبقي على زخم الحركة السياسية والنقاش دائرين في المحطات الدولية المعنية، كما من شأنه أن يكشف للعيان اللغة المزدوجة وكذلك الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية عليه، انسجاما مع الموقف الإسرائيلي، للعودة عن التوجه برمته.
قد يبدو خطاب الرئيس وكأنه لم يأت بجديد، لكنه جديد بعدم خضوع الموقف الفلسطيني لكل الضغوط من كل حدب وصوب لثنيه عن التوجه نحو الشرعية الدولية، وعدم الاستجابة لجملة التهديدات الإحتلالية المحذرة من العواقب والعقوبات ثمنا لتوجهه نحو الأمم المتحدة. والجديد الأبرز الذي لوحظ: يتجلى بعرض الخطاب لتفاصيل ما يتعرض له المواطنون الفلسطينيون من ممارسات عدوانية يقوم بها الاحتلال والمستوطنون.
على الرغم من أن حكومات إسرائيل لم تكن يوما بحاجة إلى سبب ما، كاستحقاق ايلول، للتذرع به لتبرير اعتداءاتها المستمرة، لجهة القيام بالحرب والاجتياح والاغتيال والقتل والاعتقال، أو لجهة مصادرة الأراضي لبناء الجدار والمستوطنات. إلا أن الخطوة الفلسطينية الحالية وبما تتضمنه من مغازي وأهداف ومجريات، بالتمرد على الصيغة الامريكية-الاسرائيلية للمفاوضات والتوجه نحو إشراك العالم، تحت قبة الأمم المتحدة، بالحل السياسي للقضية الفلسطينية. الخطوة الفلسطينية تثير قلق الحكومة الاسرائيلية ومستوطنيها كخطوة غير مسبوقة منذ أكثر من ثمانية عشر عاما، والتي تقع أيضا على قلق اسرائيلي آخر تولده مناخات تصاعد حملات التضامن الدولي وانعكاسات الربيع العربي عليها وتحديدا في مصر.
القلق الاسرائيلي يتحول الى فعل همجي على الأرض، حراك انتقامي وحملة شعواء تُشن على المواطنين الفلسطينيين وعلى الأرض، وعلى هذا الأساس تتصاعد اعتداءات المستوطنين وعصابات التلال على كل ما تطاله اليد الهمجية، هم وكلابهم ومحارقهم وخنازيرهم وبلدوزراتهم وسكاكينهم وعصيهم وسمومهم وقذائفهم الكريهة وغازاتهم، ضد شعبنا وأرضنا وطرقنا ومياهنا وزيتوننا وبيوتنا وجامعاتنا ودور عبادتنا.
الفعل العدواني ألاحتلالي ليس فعلا عشوائيا بردود فعل، ففي الأسبوع الماضي، قام مجلس المستوطنات بعقد مؤتمر لعموم المستوطنين في الضفة الغربية في مستوطنة "إيفوفا" بمنطقة نابلس، وقد تولت حركة كاهانا رئاسة المؤتمر ضمن حملة أطلق عليها "دفع الثمن"، وهو الشعار الذي يعتبر بأنه موجه بالأساس لمناوشة جيش الاحتلال والتمرد على تمثيلية فك بعض البؤر والكرافانات الاستيطانية. لقد أعلن المستوطنون العودة الى البؤر الاستيطانية المخلاة ومورس ذلك على الأرض كالعودة إلى مستوطنة "حومش" الذي قرروا تسميته "حومش أولاً". لقد انتخب المؤتمر قيادة موحدة للمستوطنات أطلقوا عليها تسمية "دولة اليهود في المناطق"، أي دولة المستوطنين في الضفة الغربية. ولا يقتصر الأمر على عربدة عصابات التلال، بل قيام قوات الاحتلال بإعدادهم وتسليحهم وتوزيعها عليهم أوامر إطلاق النار على الفلسطينيين بتعليمات تفصيلية من وزارة العدوان الإسرائيلية.
تصاعد الاعتداءات المترافقة مع المخططات الجهنمية المستقبلية، يجب أن يشكل جرس إنذار للجميع، لجهة بناء المزيد من لجان الحماية والحراسة الشعبية في جميع المناطق وتحديدا في الريف، لإيقاف زحف المستوطنين على مزروعاتنا وبيوتنا وطرقنا لنشر الرعب. كما يملي الظرف الخطير إعادة دراسة وتقييم تجربة مقاومة الاستيطان ولجان الدفاع عن الأراضي بكافة مسمياتها، منذ أول مستوطنة أقيمت في المناطق المحتلة في السبعينيات من القرن الماضي، والموصول بتقييم التجربة الأخرى المتصلة بمقاومة الاستيطان ما بعد مرحلة قيام السلطة..
لقد تضاعف خلال مرحلة ما بعد أوسلو الاستيطان على صعيد عدد المستوطنات وأعداد المستوطنين عشر مرات، في ظل إشكالية عدم التوحد المجتمعي على خيار مقاومته، حيث خرجت قوى سياسية واجتماعية من دائرة الفعل المقاوم الفعلي. كما لعبت المفاوضات السياسية والرهان على نتائجها دورا في خلق مقاومة موسمية وضعيفة ومرتهنة لمجريات العملية السياسية صعودا وهبوطا، الأمر الذي يملي أن يتم وضع النقاط على الحروف، بإجراء تقييم موضوعي للتجربة أولا وبما يخدم جعل مقاومة الاستيطان جزءا من إستراتيجية كاملة وموحدة تنطلق من معالجة الانقسام أولا، وتعزيز دعم صمود المواطن وإطلاق الحريات الديمقراطية، والاستمرار في نقل الصراع الى الهيئات الدولية وملاحقة إسرائيل على جرائمها وتنصلها من تطبيق الشرعية الدولية.
ونحن ذاهبون إلى الأمم المتحدة برفقة نقاشاتنا وجدلنا حول التوجه من حيث المبدأ.. وحول جهة وآليات تقديم الطلب، هذا الجدل الذي لا زال مشوشا ومحمّلا بالشبهات وكذلك بالمحاذير من خطوة طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين، يتبادر الى الذهن أن نسأل المشككين بالمثل الشعبي القائل: " احترنا يا قرعة من أين نقبّلك"، حيث يعتبر التوجه للعالم كانقلاب وبديل ثوري وواقعي وملهم على المفاوضات العبثية. وحول الجدل حول جهة التقدم بالطلب، لا شك بأن شعبنا ينتظر بفارغ الصبر العودة بانجاز نوعي يحسّن من الوضع القانوني للفلسطينيين ونظامهم السياسي، فليس همنا أن نكشف الموقف الأمريكي في مجلس الأمن على أهميته، لكن همنا أن نعود بما يعيد لنا الروح لاستنهاض طاقات شعبنا مجددا، وبعث الأمل لاستكمال الانجاز السياسي والدبلوماسي على الأرض والمراكمة النضالية على قاعدة ذلك، على طريق انتزاع شعبنا لحقه في عودته وتقرير مصيره..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير