الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نيات حسنة.. واشكالية الاعلام العربي

علاء غزالة

2004 / 12 / 6
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


عرضت احدى المحطات التلفزيونية الفضائية العربية قبل فترة وثيقة قالت انها بخط يد الرئيس المخلوع صدام حسين، وانها تحققت من صحتها، يوجه فيها امرا الى كبار مساعديه ابان انتفاضة 1991، باستعمال خدعة لقمع هذه الانتفاضة، وذلك بالقاء بيان مكتوب يهدد سكان المدن الثائرة باستعمال الاسلحة الكيمياوية ضدهم، وبررت الوثيقة هذا الاجراء برغبة صدام في اخماد الحركة الثورية باقل ما يمكن من خسائر مدعيا انه يتصرف بـ(نية حسنة) تجاه الشعب العراقي.
ان ما يهمنا في الموضوع هو الطريقة التي تعرض بها مثل هذه الوثائق، والتي يراد بها تجميل النظام السابق.. حيث تساءل مقدم البرنامج عن حقيقة استخدام الاسلحة الكيمياوية في قمع الانتفاضة، او حتى استخدامنها من قبل في (حلبجة).
ونحن نقول.. نعم ان الشعب العراقي يعلم حقيقة البيان الذي القته الطائرات العمودية على المدن، وانه كان مجرد خدعة.. ولكنه ما كان يملك الا ان يصدقها.. فقد استخدم صدام وزبانيته الاسلحة الكيمياوية في حربه مع ايران وفي مدينة (حلبجة) العراقية الكردية، الامر الذي دفع مجلس الامن الدولي -في حينها- الى اصدار ادانة واضحة لهذا النظام.. ولو ان استخدام الاسلحة الكيمياوية لم يكن حقيقة في السابق لما كان للتهديد باستخدامها اثر.
ولكن اليس هذا التهديد هو جريمة بحد ذاته؟ الا يعد التهديد باستخدام اسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين ترويعا لهم، يعدل استخدامها فعلا؟ الم يؤد هذا التهديد الى تشريد الملايين من العراقيين الى المناطق النائية والدول المجاورة؟ ثم ماذا فعل جيش صدام (المنتصر) بعد هذه الخدعة (العبقرية) التي اريد بها حقن الدماء؟ الم يدخل المدن الامنة بالدبابات والمدرعات؟ الم يعتقل من تبقى من رجال، وربما نساء وشيوخ واطفال، ليجعلهم هدفا لانتقامه المريض، كما شهدت على ذلك المقابر الجماعية في طول البلاد وعرضها؟ الم ينهب هذا الجيش (ذي النيات الحسنة) المحال التجارية والدور السكنية التي اضطر اصحابها الى الفرار خوفا من هذا التهديد (الخدعة)؟
ولكنها مشكلة عصية، مشكلة الاعلام العربي.. فعلى الرغم من كل التطور التقني والتنقل السريع للمعلومات والاحتكاك مع الثقافات العالمية الاخرى، لم يستطع هذا الاعلام الخروج من دائرة (انا واخي على ابن عمي ونحن جميعا على الغريب).. لم يستطع ان يكون موضوعيا. حتى انه قد يتخذ موقف الوصاية على الشعب العراقي، فاخذ يطلق الاوصاف على الاحداث كما يريدها ان تكون وليس كما حصلت فعلا.
ان هذا المنهج لا يخدع الشعب العراقي، الذي لم يقف معه يوما معظم القائمين على وسائل الاعلام العربي، هؤلاء الذين مجدوا شخص (القائد الضرورة) ورفعوه الى (بطل قومي) لاسباب عديدة لم يغـب عنها العامل المادي.. ولكن ما نشعر به من اسف هو للمتلقي العربي الذي لم يكن سهلا عليه التحري عن حقيقة الامور، وبالتالي اصبح ضحية لهذا التضليل.. مما احدث هوة آخذة في التنامي بين الشعب العراقي واشقائه العرب.. وما احوج العراقيون اليوم الى رأب الصدع وجمع الكلمة ولم الشمل مع جيرانهم واشقائهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال