الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجنبا للفساد ... احذفوا الاصفار دون تبديل العملة

لؤي الخليفة

2011 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في مفارقة هي الاولى بالنسبة لي , اصر صاحب المتجر ان اسلمه ثمن البضاعة التي كنت انوي شرائها بالدولار لا بالدينار , وحين اخبرته عدم امتلاكي لهذه العملة ولم يسبق وان تعاملت بها , اعتذر واشار الى محل ثان موضحا انه يتعامل بالعملة العراقية ... هذه الحادثة دفعتني الى الكتابة في موضوع العملة رغم عدم اطلاعي على الكثير من التفاصيل والقوانين التي تنظم الية عملها بدءا من طبع العملة وانتهاء بسحبها من التداول ... .
اعتقد ان كثيرين مثلي يتفقون مع تصريحات مسؤولي البنك المركزي العراقي , بأن العملة الحالية لم تعد تلبي حاجة السوق والتعاملات الخارجية , وقد صارت العملات الاجنبية وخاصة الدولار , بديلا لها في كثير من عمليات البيع والشراء , وهي ايضا وكما اشاروا كتلة نقدية كبيرة ذات قيمة قليلة الامر الذي يجعل من مسألة تبديلها ضرورة لا بد منها ... وفي ذات الوقت هناك اتفاق او اجماع على التصريحات التي حذرت من عملية التبديل في الوقت الحاضر لاسباب هي بكل تأكيد موضوعية تقف في مقدمتها عمليات التزوير والسرقة لا من قبل المواطن العادي بل من قبل المسؤولين والمتنفذين ممن اعتادوا الاستحواذ والنهب دون وجه حق ودون ان تطالهم يد القانون ... فمن ذا الذي يكفل اذا ما جرى تبديل العملة عدم قيام تلك الشلة بتزوير مليارات الدنانير وتبديلها في البنوك وبصورة علنية دون ان يرف لهم جفن ودون خشية من مسؤول او رقيب .
يقول نائب محافظ البنك المركزي , ان الكتلة النقدية المتداولة تربو على الثلاثين بليون دينار , فيما عدد الاوراق النقدية تبلغ اربعة ترليونات ورقة لمختلف الفئات ... ويشير ايضا الى ان الرقم القياسي لاسعار المستهلك بأساس عام 1993ارتفع من (100 الى 200000) اي ان السلعة التي كانت تباع بمائة دينار صارت تباع ب 200000 دينار ... . يتبين لنا من خلال هذا التوضيح ان حجم التشوهات التي لحقت بعملتنا كان غاية في الضخامة ولما يزل ماثلا امامنا مشهد التجار في الشورجة وجميلة عندا كانوا يستلمونها بالوزن وليس عدا , ورغم التحسن الطفيف الذي حصل في قيمتها في السنين الاخيرة الا انه بات من المهم التفكير بايجاد البدائل والعمل بشكل جدي في ان تعاد لعملتنا قوتها الشرائية وسمعتها سيما وان البلد يتمتع باقتصاد قوي وواعد وثروة هائلة من شأنها اذا ما استغلت بصورة صحيحة ان تفتح امامه افاقا واسعة وتضاعف لمرات عدة ايراداته المالية ... لقد مرت عملتنا بمراحل عدة ففي حقبة السبعينيات من القرن الماضي على سبيل المثال , كان سعر الدينار الواحد يعادل اكثر من ثلاثة دولارات , وكان الواحد منا يمصي شهره بدنانير معدودة لا تتجاوز العشرة , ما لبث ان تدهورت قيمتها بعد الحروب العبثية للنظام السابق لتصل ذروتها في عام 2003 ليعادل كل ثلاثة الاف دينار دولارا واحدا ... الامر الذي حدا بالمسؤولين بالشأن الاقتصادي النقدي الى اضافة الاصفار الثلاثة الى العملة كحل مؤقت لحين استقرار وتحسن الاوضاع الامنية واقامة نظام يسوده القانون ... دون ان يخطر في بال احد منهم او منا ان يتزايد عدد الفاسدين والمزورين بشكل يوازي الخط البياني لزيادة الايرادات الوطنية وليشكلوا شبكة استحوذت على جزء كبير من تلك الايرادات وبدعم من مسؤولين ومتنفذين وكتل سياسية بل صارت لهم الكلمة الفصل والهيمنة على مقدرات الناس ولم يعد ثمة من يستطيع ان يقف في وجهها .
وفي ظل اوضاع مثل هذه فأن عملية تبديل العملة في الوقت الراهن ليس بالامر الهين وسيطاله شئنا ام ابينا فساد غير قليل , الامر الذي يدعونا ان نفكر مليا في كيفية الحل والتخلص من هذه الكتلة النقدية الكبيرة , وبدون شك ان طبع عملة جديدة وطرحها للتداول هو ما تنتطره تلك الحيتان لابتلاع ما يمكن لها ابتلاعه ... وبما ان حذف الاصفار الثلاثة توفر حسب ما اشار اليه نائب المحافظ تحويل ( 30 ) ترليون دينار الى (30) مليار دينار واختزال (4) ترليون ورقة نقدية الى ( 2,8 ) مليار ورقة ... لذا ارى ومن خلال وجهة نظري البسيطة ان يصار الى حذف الاصفار الثلاثة من العملة المتداولة حاليا دون الحاجة الى تبديلها بمعنى ان تكون القيمة الجديدة للورقة النقدية فئة الخمسة وعشرون الفا فقط خمسة وعشرون دينارا وكذلك الحال بالنسبة للفئات النقدية الاخرى , ويقوم البنك المركزي بتكليف مجموعة من موظفيه بختم القيمة الجديدة على الاوراق النقدية , وهذا حسبما اعتقد يجنبنا اولا طبع عملة جديدة تكلفنا ملايين الدولارات وتهيء فرصة للبنك المركزي ان يسحب الاوراق النقدية التالفة والتي ستكون فائضة عن الحاجة اضافة الى انها تسد الطريق على اؤلئك من اصحاب النفوس الضعيفة والفاسدين ممن يتحينون الفرص ويتصيدون في المياه العكرة , كما انه سيكون هناك متسعا من الوقت امام البنك المركزي للمضي في ستراتيجيته حالما تتوفر الفرصة الملائمة وطبع عملة جديدة تلبي حاجة المواطن والسوق معا , وفيما لو اراد البنك ان تكون هناك عملة ذات قيمة عالية فيمكن ان يصار الى طبع عملة من فئة المائة دينار تكون قيمتها مساوية تقريبا للمائة دولار ويمكن لهذه الفئة من العملة ان تبقى وتستمر حتى عند تبديل العملة الحالية .
ربما يتبادر الى اذهان البعض ان عملية ختم العملة بهذه الكيفية سيشوه منظرها , اقول وما اهمية هذا التشويه اذا ما قسناه بما جرى من تشويه لحضارتنا وهويتنا وثقافتنا ... .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|