الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انحسار التيار الوهابي وتساقط شعاراته

فايز شاهين

2004 / 12 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


يشعر التيار الوهابي بفوقية كبيرة عندما يُقارن نفسه بالديانات الأخرى "اليهودية والنصرانية الكافرة" وكذلك بالمذاهب الأخرى الإسلامية، السنّية كانت أو الشيعية، بل يمارس التيار الوهابي تحركه كقائد لكل الأعمال ذات الصبغة "الإسلامية" ولذلك ففتاواه هي الأقوى بسبب قوة أموال النفط التي ما برحت تدعمها في كل مجمع إسلامي أو مركز أو مؤسسة أو كلية أو جمعية دينية. هذه الفتاوى "العالمية" التأثير "السعودية" المنشأ صبّت في مصالح حكومية بحتة، والوضع العراقي كان من أبرز ضحاياه.
بعد سقوط صدّام مباشرة تباكى شيوخ التيار الوهابي السعودي في المساجد على سقوط بغداد، عاصمة "الخلافة الإسلامية" بعد أن كان العراق وشعبه متهمين بالبعثية والرفض واللؤم عندما غزا واحتل دولة الكويت. رويداً رويداً بد التيار الوهابي بالعمل على دعم سنة العراق العرب عن طريق جمع التبرعات والدفاع عنهم إعلامياً فتخيل البعض أن سنة العراق العرب هم من ضحايا صدام وأنهم الأكثرية والأكثر عدداً في الشارع العراقي والأكثر تأثيراً. بل تعدى ذلك الدفاع عن صدام نفسه وأنه تم تخديره وإخراجه من "جحره" وهذا إهانة للعراقيين والعرب والمسلمين كافة كما تقول مجلة العالم الإسلامي الناطقة باسم الندوة العالمية للشباب الإسلامي. ربما صدّق بعض سنة العراق هذه الأكاذيب لينجر ويخدع نفسه عندما يشاهد القنوات الفضائية التي تصفه بالمجاهد والمدافع عن الأرض ضد المحتل. إن ارتباط سنة العراق العرب بالفتاوى الوهابية والتيار الوهابي كان أكبر خطأ يرتكبونه، والثمن كما رأينا قد كان غالياً جداً.
بعد قتل وسحل جثث الأمريكان في الفلوجة قبل عام تقريباً وظهور ذلك على شاشات التلفزة العربية ومواقع الإنترنت الإرهابية، افتخرت تلك المواقع بنشر تلك الصور بل زادت من تعليقاتها على أن أمريكا ستنهزم من العراق وتهرب كما هربت من الصومال. موقع "المسلم" الذي يشرف عليه داعية الكراهية والإرهاب ناصر العمر المتطرف كان أول من نشر تلك الصور والتعليقات، ممنياً نفسه بهرب الأمريكان من العراق. ولا زال موقعه وموقع "الإسلام اليوم" الذي يشرف عليه سلمان العودة، يُسمّي الإرهابيين بالمقاومة ويفتخر بتفجيرهم لمنشآت البُنية التحتية العراقية وقتل الجنود العراقيين لأنهم عملاء للاحتلال. زاد الإصرار على دعم الإرهابيين بعد ذلك عندما تم التفاوض على إرسال قوات بعثية سابقة للفلوجة، فابتهجت الجهات الوهابية المتطرفة بذلك قائلةً بأن هذا الحدث الأول في تاريخ الأمة أن تُفاوض مدينة الفلوجة، مدينة "المساجد" دولة عظمى.
الدعوات للقتال ضد الأمريكان ووصف المرتزقة والقتلة والإرهابيين بأنهم "مقاومة" لم ينقطع فظهرت صور "أبطال المقاومة" وهم يقصفون ويقتلون ويذبحون "العلوج"، كل ذلك لدحر الأمريكان. كذلك ظهرت صور "شهداء" السعودية من الشباب على مواقع النت وهواتف أهاليهم للاتصال بهم "وتهنئتهم" باستشهاد أبنائهم هناك. فكلما تم خطف وقتل وذبح إنسان بريء، تظهر الآلة الإعلامية "العربية" والوهابية بمدح أعمال المقاومة وأنها لتخويف وإرهاب المحتل، وأن ذبحهم حلال ولا فرق بين الأمريكي المقاتل أو غيره، فكلهم غزاة، كما قال يوسف القرضاوي، وكما دافع عنه الكاتب فهمي هويدي، وكذلك الستة وعشرون عالماً من السعودية وستة وعشرون آخرون من اليمن. هذه الفتاوى التي صدرت من كبار التيار الوهابي صبت الزيت على النار وأعطت المبررات الغير إنسانية لهؤلاء القتلة للاستمرار في إرهابهم.
وعندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية تصفية الإرهابيين في الفلوجة، كعادتهم، قام أنصار التيار الوهابي بالتباكي في المساجد والدعوة بالنصر للفلوجة وأهلها، مع أنهم من ورطوا هذه المدينة وأهلها ووضعوها في فوهة المدفع. بل ورّطوا سنة العراق العرب بالنفخ فيهم وفي إمكانياتهم وأنهم أكثرية وأنهم فقط المقاومة وأنهم سيدحروا الأمريكان لا محالة. هذا أيضاً صب في مصلحة أنصار حزب البعث الخائن الحاكم السابق في العراق، فتلاقى الطرفان المتناقضان على هدف واحد وهو تدمير العراق والحيلولة دون وصل الأكثرية الشيعية إلى الحكم مهما كان الثمن. انتصرت القوات الأمريكية وبانت المدينة على حقيقتها وكيف أن المساجد هي مخازن للسلاح ومراكز للتعذيب والذبح. لم تُعلّق هذه التيارات الوهابية ولا مشايخها على صور الأسلحة والمتفجرات في المساجد، ولا على الأقفاص التي تم فيها سجن وذبح الأبرياء، بل كان التعليق على صور القتلى وصور المساجد المتهدمة التي استخدمها الإرهابيين كنقطة للقتال.
إن مصداقية التيار الوهابي قد انهارت في الوقت الذي لازال هذا التيار يلملم جراحه محاولاً إقناع الآخرين بغير ذلك. فالاستمرار في الكذب والدعوة للكراهية والعنف والإرهاب، أصبحت علامات بارزة في وسائلة الإعلامية، فالتنبؤ بسقوط أمريكا أو أنها سقطت فعلاً– بالأدلة - كما صرّح ناصر العمر إلى صحيفة الرأي العام الكويتية قبل أيام، والانتصار في الفلوجة وصمودها واتهام القائمين على "المسالخ البشرية" في الفلوجة بأنهم من الموساد والبعثيين، إلى آخر تلك الغزعبلات التي يُمرّرُها إلى عقول البسطاء؛ كل ذلك لتبرير الانتكاسة لهذا التيار بعد أو وصل أوج قمته في الثمانينات من القرن الماضي؛ وما ربطهم بالحرب في أفغانستان والعراق بأنها حرب على الإسلام إلاّ لهدف إدخال بقية المسلمين في هذه المؤامرة الوهابية ليدخلوا حروباً خاسرةً نيابةً عنهم.
بعد كل حدث، ابتداءً من تحرير أفغانستان، والعراق، وأخيراً قبل أسابيع من تحرير الفلوجة، تباكى مشايخ الوهابية في المساجد على الفلوجة فذرفوا الدموع وابتهلوا بالدعاء، بعدها مرّت الحادثة كسابقتها واستوعبوا الوضع، بعد أن تكون دعواتهم وفتاويهم قد حرقت ألوف الشباب ودمّرت البلاد. لا أدري ما هي الخطوة التالية لهؤلاء ليتباكوا عليها، أو ليقنتوا ويدعوا بالدمار على "اليهود والنصارى" فيها. لا أدري، ربما ما حدث من قصة الشيخ سلمان العودة وابنه معاذ تكون قصة يستوعبها الشباب ليعرف أن هؤلاء المشايخ يصبوا الزيت على النار من بعيد لتحترق أجسام الشباب في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بينما هم "المشايخ" وأحبابهم في بيوتهم ومن خلف الميكروفونات ولوحة المفاتيح تعطي الأوامر للدمار والخراب والقتل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوكرانيا: حسابات روسيا في خاركيف؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بوتين يُبعد شويغو من وزارة الدفاع.. تأكيد للفتور بين الحليفي




.. كيف باتت رفح عقدة في العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية؟


.. النازحون من رفح يشكون من انعدام المواصلات أو الارتفاع الكبير




.. معلومات استخباراتية أميركية وإسرائيلية ترجح أن يحيى السنوار