الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوهام.. ام تهرب من مسئولية مباشرة!

جلال محمد

2004 / 12 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كتب عصام شكري ملاحظة حول موقف " قيادة" الحزب الشيوعي العمالي من الانتخابات التي تتهيا لها مختلف الاحزاب والقوى القومية والدينية الموالية لامريكا ولسياستها الدموية في العراق. الملاحظة تبدا بان قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي انتظرت طويلا للاجابة على اسئلتها الديمقراطية حول نزاهة الانتخابات وحريتها ولما لم يكترث احد بالاجابة او حتى بالدعوة لدراسة شروطها التعجيزية قررت مقاطعتها وبان ذلك ليس الا وهما عالجته القيادة بوهم اخر هو المقاطعة لان الانتخابات الراهنة ليست الا وهم بسبب افتقارها للشروط التي يذكرها عصام في نهاية ملاحظته
ينطلق عصام وكاي شخص سليم العقل من فهمه هو لتصريح ليدر الحزب حول الاتنخابات. بالتاكيد هذا احد حقوقه التي لاغبار عليها كما هو حق كل من يقرا ملاحظته، ومنهم كاتب هذه السطور، ان يبدي برايه حول ما كتبه. انطلاقا من هذا الحق المشروع لكل ذي راي اود الاشارة الى بعض الهوامش التي طرات على بالي بعد قراءة ملاحظة عصام الساخرة وذات النكهة الفلسفية الخفيفة.
اولا ان الموقف الذي طرحه ليدر الحزب والقرار الذي صدر عن البلنيوم لا هي شروط لمشاركة الحزب في الانتخابات ولاهو موجه لاحد ما من اجل دراسته والاتفاق او الاختلاف عليه. انه اولا راي الحزب حول الاوضاع السياسية التي تجري في ظلها ترتيب " طبخة" الانتخابات: الاثار والنتائج السياسية الاجتماعية لاحتلال العراق وفرض السيناريو الاسود . وهو ثانيا دعوة جماهير العراق من اجل مقاطعة هذه الطبخة. انه مشروع سياسي موجه لجماهير العراق وخاصة الطبقة العاملة من اجل الالتفاف حوله وافشال مخطط القوى القومية والدينية في اضفاء الشرعية على سلطتها القمعية التي جاءت بالحراب الامريكية. انها برامج سياسية عملية تمارسها قوى الحزب وتنظيماته والجماهير المنظمة والملتفة حوله بشكل يومي ويسخر الحزب امكانياته المادية والبشرية من اجلها، ان سياسات وبرامج الحزب واهدافه ومطالبه ليست اطروحات فكرية ولن يعرضها الحزب على القوى المختلفة من اجل مناقشتها والتصويت عليها. هذا الفهم الذي يخرج به عصام شكري ليس سوى فهم المحافل الفكرية والايدولوجية التي لاترى في السياسات، المطالب والبرامج العملية سوى اطروحات لمناقشات عقيمة لن تؤدي الى اية نتائج والتزامات عملية وملموسة سوى اراحة ضمائر الجهات المتحاورة والخلود الى الراحة بعدها .

ثانيا تصريحات ليدر الحزب حول الانتخابات وقرار البلنيوم جزء من تصور و موقف حزب سياسي يعتبر نفسه مسؤلا عن الرد على هذه الخطوة السياسية التي تخطط لها امريكا والقوى الموالية لها. هذه الانتخابات ليست هراءا، كما تفول انت، انها تحرك سياسي جدي لجبهة القوى الرجعية ، انها خطوة محددة في سياق السياسة الامريكية الرجعية لاضفاء " الشرعية الانتخابية" " " الديمقراطية" على السلطة الاستبدادية التي تنوي القوى المذكورة تشكيلها وترسيخها في العراق.ان تجربة الاحزاب القومية الكردية في كردستان العراق بعد تنظيم مهزلة انتخابات عام 1993 وتبريرها لكل الممارسات البربرية التي مارستها طوال السنوات السابقة بحجة كونها احزاب منتخبة من قبل جماهير كردستان ماثلة للعيان ولا زالت حية امام لانظارالتي تنظر الى الوقائع باعين مفتوحة قليلا . كل قوى السيناريو الاسود في العراق تدرك اهمية هذا " الهراء" ولذلك جندت جل امكاناتها من اجل تقوية بدائلها والفوز بحصة الاسد في السلطة الرجعية القادمة التي ستتشكل اثر هذه الانتخابات، الا ان الاهم من كل هذا هو ان قطاعات واسعة من جماهير العراق وبعكس ما يشير اليه عصام، مخدوعة بهذه العملية وتتامل من تلك القوى بشكل او باخر انقاذها، من الاوضاع الماساوية الراهنة، ولذلك فانها مشتتة بين تلك الاحزاب والقوى بتاثير عوامل مختلفة لسنا بصدد مناقشتها الان . هذا الواقع المؤسف هو، عدا عن كونه احد الاسباب الرئيسية لضعف الجبهة الراديكالية وتشتتها، يشكل احد الخصائص والاثار السلبية الخطيرة للسيناريو الاسود الذي يشير اليه عصام دون فهم محتواه واثاره السلبية الخطيرة على الحركات الجماهيرية الاحتجاجية. ان الاكتفاء بالقول بان هذه الانتخابات هي هراء والتوهم بان الجماهير الكادحة لن تتامل منها شيئا هو بالنسبة للشيوعيين العماليين بالذات، ليس سوى التعامي عن مجريات الصراع الدائر والتهرب من المسؤلية الملقاة على عاتقهم، انها لعمري تقليد لحركة النعامة التي تخبأ راسها في الرمال وتظن بانها في مامن من اعدائها!. السيناريو الاسود مقولة عامة لو تم الاكتفاء بترديدها في صيغتها العمومية سوف تؤدي الى استنتاجات خاطئة جدا. ان ما تمارسه امريكا والقوى القومية والدينية والعشائرية من تحركات يومية تجسد السيناريو الاسود بعينه ولذلك يجب النظر اليها والى والخطوات والاجراءات اليومية التي تقوم بها بشكل جدي والتصدي لها ميدانيا وخطوة خطوة لانتزاع القوى الجماهيرية وخاصة العمالية من قبضة السياسة والدعاية البرجوازية وتعبئتها حول الاهداف التحررية للشيوعية العمالية، لذلك يعتبر الحزب الشيوعي العمالي العراقي نفسه مسؤلا عن مواجهة البرجوازية في كل خطواتها الكبيرة والصغيرة، ومنها الانتخابات، ويعمل على فضحها وتعريتها والتصدي لها وتعبئة الجماهير حول سياستها الاشتراكية التي تعتبرها بديل الطبقة العاملة تجاه الاوضاع الراهنة، الا ترى يارفيق عصام بان الاكتفاء برفع شعار مقاطعة الانتخابات المزمع اجرائها بحجة كون العراق محتلا من قبل امريكا هو موقف عام رغم صحته و ولذاك لا يقنع احد ما وانه اضافة الى ذلك لا يعبر الا عن عجز سياسي واضح وذو نتائج وخيمة على الحركة الشيوعية؟ اليست هذه سمة اساسية من سمات اليسار غير المعني لا بالثورة الاشتراكية ولا بنضال الطبقة العاملة؟

ثالثا يشير عصام في بداية ملاحظته الى ان شروط الحزب للمشاركة في الانتخابات هي شروط تعجيزية! لو وافقنا جدلا على المنطق الذي يقيس عصام الامور به وقارننا ما جاء في تصريحات ريبوار احمد وقرار موسع اللجنة المركزية، بالشروط التي حددها هو : خروج قوى الاحتلال وخلع سلاح الميليشيا وانهاء السيناريو الاسود لتبين واضحا بان شروط عصام هي تعجيزية بقدر" شروط" الحزب ان لم تكن اكثر منها ! ولكن الطامة الكبرى لاتكمن هنا بل في مكان اخر. تعجيزية لمن؟ من هو العاجز عن تنفيذ الشروط المذكورة؟ هل السلطة العراقية الراهنة عاجزة عن تحقيقها؟ هل امريكا هي العاجزة ؟ ان عصام يفهم المسالة وكان الحزب الشيوعي العمالي يطالب امريكا والسلطة العراقية الراهنة بتحقيق الشروط التي يطالب بها لكونها قادرة على تحقيقها ان هي ارادت ذلك! ومن هذا التصور يطرح هو شروطا اخرى يطالب بتحقيقها. ان هذا المنطق هو تماما كمطالبة البرجوازية بالتنازل طوعا عن السلطة واخلاء المكان للطبقة العاملة من اجل تاسيس حكومتها الاشتراكيةّ !. اذا اردنا التطرق الى مطالب الحركات الجماهيرية وخاصة الحركة العمالية فان البرجوازية عاجزة عن تحقيق معظمها لانها تشكل ضررا كبيرا وخطيرا في بعض الاحيان على مصالحها ، نفوذها وسلطتها، ان المسالة هي ان هذه المطالب هي صياغة مركزة واضحة لحاجات ومطالب الجماهير تم طرحها من اجل تعبئة الاعداد الغفيرة حولها وفرضها بالقوة على السلطة وليس مطالبة السلطة بتحقيقها. ان تحقيق تلك المطالب تعني اول ما تعني سقوط النظام الذي يعرقل تحقيقها فالمطالب المذكورة تتمحور حول توفير الحريات السياسية والقضاء على اجواء الارهاب وحل المسالة الكردية ، اي القضاء على مظاهر السيناريو الاسود و على السلطة الراهنة التي ليست سوى اداة لتحقيقه وترسيخه. ان عصام باشارته الى كون مطالب الحزب تعجيزية يكشف عن تصور اقل ما يقال عنه انه تصور شخص ، قوة قررت البقاء في موقع المعارضة مدى الحياة وليست معنية بتنظيم وقيادة الثورة الاشتراكية لان هذه الثورة هي التي ستاتي الى عصام ورفاقه، عندما تنضج ظروفها و ستستقبلهم بالاحضان لا محالة

جلال محمد 5/12/2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب