الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولاد الذوات

عمر دخان

2011 / 9 / 20
كتابات ساخرة


الكثير من المترشحين السياسيين لمختلف المناصب السياسية، و غالبا من الأطراف التي تلعب على الأوتار الدينية، نراهم دوما يضربون الأمثلة بالصحابة و كيف أنهم كانوا سياسيين نبلاء بحق، بحيث كانوا يقدمون أبناء الشعب على أبنائهم، و يحرصون على أن يكون ما يحصل عليه أولادهم من معامله أو امتيازات مساويا لكل ما يحصل عليه بقية أبناء الشعب، و يحسب العامة عند سماعهم لهذا الكلام الصادر من هؤلاء أنهم يقصدون أنهم سيكونون مثل الصحابة أو سيحاولون على الأقل أن يكونوا مثلهم، أو يحسبون أنها وعود من هؤلاء المترشحين مفادها أننا سنحرص على مصالحكم و مصالح أولادكم قبل مصالحنا الشخصية و مصالح أولادنا. هذا طبعا بالإضافة إلى لعب أولئك المرشحين على الوتر الديني للعامة، و استغلاله لدفعهم للتصويت لهم.

كل تلك القصص و المواعظ تصبح نسيا منسيا بمجرد ما أن يطأ الأخ المناضل أرض المباني الرسمية، و ينجح في الحصول على المنصب الذي كان يرغب فيه فقط من أجل عيون الشعب و خدمتهم كما كان يدعي، فنجده يصبح شخصا آخر لا يعرف سوى من هم في مستواه الراقي – أو هكذا يخيل له – و ينسى تماما كل تلك المقولات التي صدع بها رؤوس العامة حول الصحابة و تاريخهم، و يحول منصبه من خادم للشعب إلى مستخدم للشعب و مذل له، فهو لا يتوانى في تسخير الإمكانيات و السلطات الممنوحة له من الدولة لخدمة نفسه و أولاده أولا، و ربما فقط.

في الأيام التالية لحصوله على المنصب، يمكن للعامة من الناس أن يروا تغيرات جذريه في حياته، فهو يغير هاتفه المحمول، و يشتري بيتا جديدا، و يتحاشى مقابله عامة الناس و الذين كان يتودد لهم في سبيل الحصول على أصواتهم، و الذين هم غالبا سبب وصوله للمنصب الذي هو فيه، و يصبح إنسانا آخر تماما، يزعجه أن يحدثه أحد أو يطلب منه شيئا، ولو كان ذلك الطلب خدمة عامة للمجتمع، هو مجبر بحكم القانون أن يقوم بها، و هو أيضا بحكم القانون خدام للعامة البسطاء الذين تلاعب بمشاعرهم و أقنعهم بصدق نواياه يوم كان يجري كالملهوف من بيت إلى بيت ناشرا برامجه الانتخابية و موزعا الوعود بالمجان.

أما صلب هذا المقال، و هم أولاده، فتراهم يصبحون من الطبقة الأرستقراطية بين عشيه و ضحاها، و ينتقلون من اللعب بالتراب إلى اللعب بأثمن الألعاب، و من التسكع في المقاهي إلى التسابق بأفخم السيارات، و هي سيارات حصل عليها الوالد بعرق لسانه، و هو العرق الذي ينتج عن كثرة استخدام اللسان في الكذب و الاحتيال – معذره على التعبير المقزز – و الذي نتائجه حصول الأولاد على امتيازات لا يستحقونها، أو على الأقل هناك من هو أولى بها و أحق، و هي امتيازات تظهر للعيان على أولاد كل من حصل على منصب سياسي ما، و هي إرهاصات مرحله مقبله ينتقل فيها الأولاد من مرحله الاستفادة على ظهور الشعب عن طريق الوالد، إلى الاستفادة على ظهور الشعب بشكل مباشر، و بطريقه تجعل منهم سياسيين – نصابين – ناجحين مستقبلا، و خاصه عندما يمزج الشاب بين حياة الشباب بكل ملذاتها في الخفاء، و بين ظاهر مستقيم ملتزم من أجل الحفاظ على سمعة وهميه لوالد محتال.

استغلال منصبك و نفوذك لمنح أولادك امتيازات خاصه دون بقية العامة، و لا أتحدث هنا عن العامة الثرية التي يمكنها “شراء” تلك الامتيازات، بل العامة الفقيرة التي لا يمكن لها الوصول لتلك الامتيازات، منح أولادك ذلك دون منحها لكل شخص رشحك أو منحك صوتك لا يعدوا كونه خيانة للأمانة في أوضح صورة لها، و خاصه عندما يكون المتحدث شخصا استغل العنصر الديني و ماضيا مشرفا لشخصيات عظام لا علاقه له بهم من أجل تحقيق أغراض شخصيه دنيئة، و الأشد دناءه هو الاستمرار في لعب ذلك الدور حتى بعد إخلال الوعد و التحول إلى عاشق للسلطة و فوائدها، و خاصه عندما يصبح أولادك يسافرون على نفقه الشعب، من خلال حصولك على راتب لا تستحقه لأنك لا توفيه حقه، و هو راتب يبقى غير مستحق حتى و إن اعتقدت أنك أوفيته حقه، لأن مرتفع جدا مقارنة برواتب أناس بسطاء يقدمون للمجتمع مالم تقدمه أنت و لا أولادك، أولئك الأولاد الذين لم يعرفوا معنى البذخ و السفر و تفادي الالتزامات الوطنية مثل الخدمة العسكرية الإلزامية إلا بعد أن أصبحت أنت المسؤول فلان.

لا أنسى قبل أن أختم أن أذكر أيضا المتملقين من الذين يحيطون بأولاد الذوات، و الذين يشعرون دائما بعقدة نقص رهيبة تجاه ذلك الشخص، فتراهم يعتبرون كل كلامه حكما، و كل ما خرج منه ذهبا، و لا يخطئونه أبدا مهما بلغ غبائه. أولئك هم وقود كبرياء و غطرسة ذلك الشخص، و لا وظيفة لهم في الحياة سوى جعله يشعر بأن شخص ذو قيمه، حيث ترى أولئك المتملقين يحيطون به و يتابعون أخباره و كلماته، لا لشيء سوى لأنه إبن فلان أو علان، و يعظمونه و يكبرون به بشكل غاية في الإذلال لهم، دون أن يشعروا بالذل الذي هم فيه، خاصه و إن تظاهر “معبودهم” بالتواضع و أنه فرد منهم بشكل يصرخ زيفا و رياء، و المحزن أنهم في الغالب لا يستفيدون منه شيئا، و يستغلهم ذلك الشخص ليعلي بشأنه بينما هم يحترقون كالحطب من أجل إشعار نار ملعونه.

يمكن لهم أن يبرروا تصرفاتهم و تصرفات أبنائهم كما شاءوا و لكنها ستبقى مجرد تحايل على الله، الشعب و الوطن، و هم سيبقون تجار دين و كلمه، يستغلون نفوذهم ليحولوا أنفسهم من نكرات إلى ذوات، و ليحولوا أولادهم من أولاد طين إلى أولاد ذوات، و لو كان ذلك التحول مظهريا فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا