الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن العنف والكراهية ...

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2011 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


* في سنة 1948 ازداد عنفُ الاسلاميين في مصرَ ، وقاموا باغتيال عددٍ من الشخصيات من بينها حكمدار القاهرة (سليم زكي) وقاضي شهير (الخازندار). وهو ما حض محمود فهمي النقراشي رئيس الحكومة المصرية على حلِ جماعة الاخوان المسلمين .فكان ردُ فعل "بعض الإخوان" هو إطلاقَ النار على النقراشي ، فأردوه قتيلاً قبيل ساعات من نهاية سنة 1948 . وعندما اختلف عبد الناصر مع الاخوان ، اطلق أحد الاخوان النار على جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالاسكندرية (1954) . ولكن الطلقات أخطأته ولم تصبه ! ... وعندما اصطدم بطل حرب أكتوبر 1973 انور السادات مع الاسلاميين ، أطلق بعضُهم النارَ عليه يوم 6 أكتوبر1981 فأردوه قتيلاً . وعندما اغتيل المفكر المصري " فرج فودة " كان قاتلُه من نفس " الفرقة" التي اطلقت النار من قبل على "النقراشي" وعلى"جمال عبد الناصر" وعلى"أنور السادات" ... ثم جاء من نفس الفرقة من حاول " ذبح " فخر مصر وسنام مواهبها "نجيب محفوظ" ، لأن "بعض" فقهاء نفس الفرقة افتوا بضرورة قتل أحد أنجب من انجبت مصر في تاريخها الحديث ! والقاء نظرة على ما قام به " بعض" رجال حماس من قتل واغتيال لخصومهم السياسين ( من رجال "فتح") عقب استيلاء "حماس" على السلطة في قطاع غزة سيدلنا على أن "بعض" الاسلاميين سيكونون دائماً ميالين لإستعمال اقصى اشكال العنف مع معارضيهم .
ولنراجع ما فعله "بعضُ" الاسلاميين عندما قاموا باحتلال المسجد الحرام بمكة المكرمة منذ ثلاثة عقود ! ولنلقي نظرة على جرائم " بعض " الاسلاميين التي اما اقترفوها أوحاولوا اقترافها ضد خصومهم السياسيين حتى في اطار نظام يحكم باسم الاسلام كمحاولة اغتيال "بعض" الاسلاميين لنائب وزير الداخلية السعودي منذ شهور قليلة. ورغم أننا ضد اقصاء الإسلاميين من المشاركة في الحياة السياسية اليوم في مصر ، فانهم يستكثرون علينا المطالبة بوضع قواعد غير قابلة للتعديل تحمي مصر من " بعض " من يطلقون النار على معارضيهم كأسلوب حوار !!!
لقد كان الجيشُ المصري نبيلاً وعظيماً ووطنياً بلا نظير عندما حمى صدور المصريين من رصاص وقنابل رجال عهد حسني مبارك. ونفس الجيش مطالب اليوم ( باسم النبل والوطنية ) أن يحمي مصر والمصريين ( اليوم وغداً) ممن يطلقون النار على معارضيهم وخصومهم السياسيين . ولاشك ان عدداً كبيراً من الاسلاميين ليسوا من انصار استعمال العنف ( كقتلة النقراشي والسادات والشيخ الذهبي وفرج فودة ومحاولي قتل جمال عبد الناصر ونجيب محفوظ ) . ولكن وجود "بعض" الذين فعلوها من قبل ، يؤكد "احتمال" وجود آخرين مثلهم "قد" ينهجوا ذات النهج ( العنيف) في المستقبل . وهو ما يحتم أن يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة ( من الآن) بوضع قواعد ( غير قابلة للتعديل ) تحمي "مدنية الدولة المصرية" وليتعلم الكل من الزعيم التركي (الاسلامي) رجب اردوغان كيف لا يوجد اي تناقض بين مدنية الدولة وكون أغلبية ابناء وبنات الشعب المصري من المسلمين.
ومما يخيف كثيرين (وكاتب هذه السطور منهم ) كون الاسلاميين اصحاب "حلول ثابتة" لأمور حياتية "متغيرة" . كما يخاف هؤلاء ( وكاتب هذه السطور منهم ) من كون الاسلاميين "آخر الايدولوجيين" على سطح الكرة الارضية ، في زمن تودع فيه البشريةُ حقبةَ الايدولوجيات. واذا لم يكن الاسلاميون ( أو في الحقيقة بعضهم ) قد اقترفوا شيئاً سوى الافتاء بشرعية اغتيال السادات ثم افتاءهم في مرحلة تالية بالعدول عن الفتوى الاولى ، لكن ذلك كافياً لان تطلب كافة القوى السياسية في مصر اليوم من المجلس الأعلى للقوات المسلحة حمايتهم وحماية الوطن من أناس يفتى بعضهم بإزهاق روح انسانية ثم يعودون ويفتون ( بعد تنفيذهم للقتل ) بالعدول عن فتوى القتل (!!!) .

* أمضيت مؤخـراً ( اثناء وجــودي في انجلترا ) ساعات عدة اطالع دراسات رصينة عن العلاقة الدامية بين سكان شمال ايرلندا الكاثوليك وسكانها البروتستانت. وهالني حجم وعمق الكراهية المتبادلة . سألت أستاذاً متخصصاً في تاريخ هذا الصراع: "ماهو الوقت الذي سينقضي لترى البشرية هذه العلاقة الدامية وقد تحولت لعلاقة انسانية ايجابية وهادئة ؟" وجاء ردُه الصادم: "عدة اجيال !" . لماذا اهتممت أنا بمعرفة تاريخ وطبيعة وأبعاد هذه العلاقة المريرة المخضبة بالقتل والدم والعنف والكراهية ؟. أقول بكل وضوح : لإهتمامي بعلاقة دامية ومريرة اخرى في الشرق الأوسط بين اسباط اسماعيل بن ابراهيم واسباط اسحق بن ابراهيم ( بفرض صحـة هذا الإنتسـاب). ورغم ان كثيرين ( من المعنيين بهذا الصراع الدامي والمرير والملتحف ببغضاء مهولة ) يعتقدون ان لا حل لهذه العلاقة الدامية . فانني اكرر انني موقن بان لكل مشكلة حل. وحل هذه المعضلة ( ضاربة الجذور في التاريخ ) ممكن ومتصور اذا توفرت إرادة سياسية مسلحة بفهم ورؤية لدور التعليم والثقافة والخطاب الديني والاعلام في استئصال شأفة الداءالوبيل ( ذهنية الكراهية ) .وحتى بعد مشاهد التخلف التي رأيناها مؤخراً ( ومنها مشهد رفع شعارات بربرية ضد من سماهم الدهماء بأحفاد القردة والخنازير ) فإنني أظل مؤمناً بأن برء العقول والقلوب من روح البغضاء السوداء ( على الجانبين ) هو أمر ممكن ، بشرط الاَّ يكون الأطباء هم حملة الجرثومة وموزعي البلاء !

* موقف كثير من الاسلاميين من كلمات الزعيم التركي (الناجح) رجب طيب أردوغان عن ضرورة تأسيس الحياة السياسية في مصر على دستور علماني هو "موقف كاشف" لبدائيتهم الفكرية. فهو يوم وصوله لمصر ، "خليفة المسلمين الجديد" . وهو يوم نطق بكلمة الحق عن حتمية وجود دستور علماني ، صار مذموماً ومطالباً بالكف عن التدخل فيما لا يعنيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القصف الإسرائيلي يجبر سكان أحياء شرق رفح على النزوح نحو وسط


.. عرض عسكري في العاصمة الروسية موسكو بمناسبة يوم النصر على ألم




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بعد عودة وفد التفاوض الإسرائ


.. مستوطنون يغلقون طريقا بالحجارة لمنع مرور شاحنات المساعدات إل




.. مراسل الجزيرة: جيش الاحتلال يواصل السيطرة على معبر رفح لليوم