الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يواكب في أهدافه و وظائفه ربيع العرب

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 9 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


نجاحات ربيع العرب - حتى الآن - نجاحات عملية جزئية ، و نجاح معنوي واحد كبير .
نجاحات عملية تتمثل في إسقاط بعض الطغاة ، و لكنها تظل في معظم الدول التي شهدت ربيع العرب ، جزئية ، ففي مصر - إن لم يكن في تونس أيضاً - لم ينجح الشعب بعد في إسقاط النظام الذي ثار عليه ، و هتف بسقوطه .
لكن النجاح المعنوي كبير ، بل كبير جداً ، و آثاره المعنوية شملت كل الدول العربية حتى تلك التي لم تخرج فيها تظاهرة واحدة ، ذلك النجاح المعنوي الكبير هو : إدراك الشعوب العربية إنها قادرة - فعلاً و عندما تريد - على إسقاط حكامها .
تغير كبير إيجابي حدث في العقلية العربية في العقد الثاني من القرن الحادي و العشرين ، و هو ما يبشر بالخير .
ذلك التغير الإيجابي يجب أن يواكبه تغيرات إيجابية في المنظمات الإقليمية التي تضم كل ، أو بعض ، الدول العربية .
لا يمكن الحديث عن تغيير إيجابي في جامعة الدول العربية الآن ، فالوقت لازال مبكر للحديث عن ذلك ، فالغلبة لازالت في جامعة الدول العربية هي للأنظمة الإستبدادية ، بل حتى الدول العربية التي شهدت أحداث ربيع العرب - بإستثناء ربما ليبيا - لازالت تحت سيطرة الإستبداديين ، و خير معبر عن ذلك هو الموقف الشائن لجامعة الدول العربية من ثورة الشعب السوري الشقيق .
الحديث في هذه المرحلة عن التغيير في المنظمات الإقليمية يجب أن يتركز على الاتحاد من أجل المتوسط ، لأن نسبة كبيرة من الدول الأعضاء في ذلك الاتحاد الإقليمي هي دول ديمقراطية راسخة في الديمقراطية .
إننا - في حزب كل مصر - مهتمين بذلك الإتحاد لإننا من أنصار التعاون الإقليمي بأشكاله المختلفة ، و من ضمنه التعاون المتوسطي ، و هذا مذكور بوضوح تام في الوثيقة الأساسية للحزب ، و التي خرجت للعلن في أكتوبر 2007 ، و ذلك لإننا في حزب كل مصر نؤمن بأن مصر متعددة الإنتماء ، و قد ذكرت ذلك في مقال قديم نشر منذ سنوات عنوانه : مصر ليست أحادية الإنتماء .
لكن إيماننا بأن مصر ليست أحادية الإنتماء ليس وحده دافعنا من أجل دعم التعاون الإقليمي بأشكاله المختلفة ، عربي و أفريقي ، و متوسطي ، بل و أيضاً لأننا في حزب كل مصر نؤمن بأن الإنغلاق السياسي و الإقتصادي و الثقافي أضراره أكبر من منافعه ، و أحيل القارئ الكريم لمقال قديم لكاتب هذه السطور عنوانه : علينا ألا ننغلق ، علينا ألا نكرر خطأنا زمن الإمبراطورية الرومانية .
ترجمة فكرة المتوسطية لأشكال عملية فكرة قديمة ، و الدليل دورة الألعاب المتوسطية ، و التي أقيمت أول مرة في الأسكندرية ، و دور ساركوزي هو إنه أعاد بعث تلك الفكرة ، و نقلها عملياً لشكل أخر ، فأخرجها من مجرد فكرة ، و دورة ألعاب رياضية ، إلى كيان سياسي - إقتصادي - ثقافي ، و هو يشكر على ذلك ، إلا أن الفكرة تظل أكبر من الأفراد مهما كان دورهم ، لأن التعاون المتوسطي هو اقع تاريخي ، كان له ، و لازال ، آثاره الثقافية في كافة بلدان المتوسط .
الآن ، و بعد أن بزغ ربيع العرب ، يجب أن يحدث تغير في الاتحاد من أجل المتوسط من حيث الوظائف التي يقوم بها ليتواكب مع التغير الذي حدث في القسم العربي من العالم البحر متوسطي ، حتى لو كان التغير الذي حدث في الدول العربية معنوي حتى الآن .
لقد قبلنا - في حزب كل مصر - الإتحاد من أجل المتوسط بشكله الراهن ، برغم ما فيه من نقائص و عيوب ، و ذلك لأننا رأينا أن وجود ذلك الإتحاد ، بكل عيوبه و نقائصه ، أفضل من أن تبقى الفكرة المتوسطية مجرد فكرة نظرية يعلوها غبار الإهمال أو النسيان ، و رأينا في وجوده الحالي ، بكل العيوب التي فيه - خطوة في الطريق من أجل أحلام أكبر ، و حتى لا أطيل في هذه النقطة فإنني أرجو القارئ الكريم أن يعود إلى مقال سابق لشخصي البسيط عنوانه : برغم ذلك سنظل ندعم الإتحاد من أجل المتوسط ، و نشر في الثاني من سبتمبر من العام الماضي ، 2010 .
أما اليوم ، الأربعاء الحادي و العشرين من سبتمبر 2011 ، و بعد مرور أكثر من عام تقريباً على المقال المشار إليه في الفقرة السابقة ، و بعد أن بدأ ربيع العرب منذ عدة أشهر ، لا يمكن القبول بالشكل الذي عليه ذلك الإتحاد ، و بدوره الصغير ، فما كان يمكن أن نهضمه في زمن الظلام ، لا يمكن أن نقبله في زمن النور ، و لو كان ذلك النور مجرد نور معنوي .
منذ البداية كان لنا - في حزب كل مصر - آمال ، و تطلعات ، لذلك الاتحاد ، و يمكن للقارئ أن يعود لبعض مقالاتي القديمة ، مثل : المحكمة المتوسطية العليا لحقوق الإنسان ، و يوجد ذلك المقال كتسجيل صوتي بنفس العنوان في يوتيوب ، و مقال : تصوراتنا للإتحاد المتوسطي ، دراسة مدرسية متبادلة لتاريخ بعضنا ، و مقال : تصوراتنا لإتحاد المتوسط ، السفر و العمل و التجارة و البيئة و الضرائب ، و نشر ذلك المقال في الثالث و العشرين من يونيو من عام 2008 .
مثلما لنا أحلام و تطلعات بشأن الاتحاد المتوسطي ، أو الاتحاد من أجل المتوسط ، فإننا أيضاًَ واقعيين ، و نعلم أن التغير المعنوي الذي حدث في الدول العربية المطلة على المتوسط لا يكفي للشروع في تنفيذ الآمال الإقتصادية ، كما نعلم بثقل وطئة الأزمة الإقتصادية الحالية على العديد من الدول المتوسطية الأوروبية ، و لكن يمكن البدأ بخطوات أساسية على صعيدي السياسة و حقوق الإنسان .
الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يبدأ في تبني نفس نهج الاتحاد الأوروبي في هذين الميدانين الهامين .
الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يتحول إلى مدافع عن الديمقراطية و حقوق الإنسان في كل الدول العضوة فيه ، فيصر على نزاهة كافة الإنتخابات ، و على المشاركة في مراقبتها ، و يتصدى لإنتهاكات حقوق الإنسان ، و يراقب مدى إستقامة موازين العدالة في كافة الدول التي تشكل الاتحاد من أجل المتوسط .
و لكي يكون فعال في وظائفه تلك ، فيجب أن يكون قادر على المكافأة و العقاب ، و لو كان ذلك العقاب معنوي ، مثل تعليق عضوية الدولة التي ينتهك فيها النظام حقوق مواطنيه ، أو يدوس فيها النظام الحاكم على الديمقراطية .
الاتحاد المتوسطي ، أو لنستعمل الإسم الرسمي : الاتحاد من أجل المتوسط ، يجب أن يتحول من نادي للحكام ، كما كان منذ تأسيسه و إلى اليوم ، إلى تجمع للشعوب ، و لن يحدث هذا بدون أن يشعر المواطن العادي في الدول العضوة بأن هذا الاتحاد نافع له .
إننا كشعوب في الاتحاد من أجل المتوسط ننتظر خطوات إيجابية لتفعيل الاتحاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-