الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى تقوم الحكومة بدورها لأجل الشعب ؟

مهند البراك

2011 / 9 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


فيما لاتخفى تعقيدات و صعوبات الوضع العراقي التي تعددت اسبابها و لكن، يتفق الجميع على حقيقة ان القوات الأميركية هي التي اسقطت الدكتاتورية و ليس قوة من قوى معارضة صدام، لتنفرد تلك القوة لوحدها بالحكم . . رغم كل التضحيات و النضال الصعب الذي خاضته كل قوى المعارضة تلك و قدم الشعب فيه جحافل الشهداء و المفقودين و المعوقين و الأرامل و الأيتام . .
و رغم ان القوات الأميركية اسقطت صدام و صاغت بديلاً معقداً يلائم مصالحها و اهدافها، الاّ ان ذلك وفّر للعراقيين فرصة لإقامة حكومتهم و دولتهم الجديدة على انقاض الدكتاتورية، رغم انواع المؤاخذات و التحفظات . . و لكن ما يجري، صار ينحو منحى خطيراً بتقدير العديد من المراقبين، بسبب اداء الحكومة العراقية برئاسة السيد المالكي الذي يحاول عدم الإخلال بالتوافق الإيراني ـ الأميركي في تجديد رئاسته، بلا مبالاة بحقوق العراقيين باطيافهم القومية و الدينية و المذهبية و الفكرية، رجالاً و نساءً . . و خاصة اوسع الفئات الفقيرة، حتى صارت محاولته تلك تميل بشكل متسارع الى اهداف حكومة احمدي نجاد الإيرانية، التوسعية الطائفية و الشوفينية . . .
و يزداد الأمر خطورة ماتتناقله وكالات الأنباء الإقليمية و الدولية عن التخادم و التعاون الجديد بين الميليشيات الطائفية المطوّعة و العائدة لفيلق القدس الإيراني، و منظمات القاعدة الإرهابية التي تحاول اعادة تشكيل تنظيماتها و تصعيد عملياتها الإرهابية في العراق . . اضافة الى تعاونهما لمحاولة خنق و مواجهة الإنتفاضة الشعبية السورية و تأمين الوسائل اللوجستية لتحقيق تلك الأهداف .
من جهة اخرى و بينما تتهيأ الإدارة الأميركية لسحب قواتها من العراق . . تتخذ حكومة المالكي اجراءات متصاعدة، لا تساعد على توفير مسلزمات ذلك الإنسحاب، بقدر ما تؤدي الى وقوع البلاد تحت رحمة فيلق القدس، وفق العديد من وكالات الأنباء المستقلة . . في وقت يرى فيه مراقبون ان الحكومة العراقية بـ (مؤسساتها الدستورية) بعد ثماني سنوات، لم تعمل و للأسف على توفير مستلزمات قيام دولة قوية تلتف حولها اوسع الجماهير العراقية لحاجتها اليها لتأمين حقوقها الطبيعية، دولة تستطيع السير على طريق تلبية آمالها في أمن و حياة كريمة و رفاه، و تدافع عن حدودها و ثرواتها، و تقتص من الفاسدين من كبار السرّاق و النهّابين، و تضع حداً للكواتم و العنف . . .
بل تطوّر الأمر بعد استهانتها بـ (الشراكة الوطنية) رغم رفعها ايّاها شعاراً، بعد ان عملت و تعمل على التضييق ليس على الشركاء فحسب و انما على الحريات الفردية . . في سياسة هي سياسة الحكم الشمولي الفردي شاء المرء ام ابى، التي فشلت بعد ان ذاق الشعب العراقي الأمريّن بسببها . . بعد ان وصلت الأمور بالحكومة القائمة الى استخدام اساليب الدكتاتورية البائدة من جهة . . و وصلت الأوضاع الى انشغال اغلب افراد الكتل البرلمانية المتنفذة، بمصالحهم الأنانية .
و تشير ابرز الصحف الأميركية الى ان " هشاشة الوضع العراقي " و تصريحات المسؤولين العراقيين علناً بضرورة الإنسحاب الأميركي و طلبهم سراً بضرورة بقاء القوات الأميركية وفق رسالة اعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثة مؤخراً : جون ماكين وجوزيف ليبرمان وليندسي جراهام، اثر لقاءاتهم بابرز المسؤولين عن الحكومة العراقية و الكتل البرلمانية . . الى ان ذلك لن يؤدي الى ترك الإدارات الأميركية للعراق بسهولة، بعد كل تلك الحروب و الخسارات بالأرواح و الأموال، لأهميته الستراتيجية النفطية و الأمنية ليس للولايات المتحدة فحسب و انما لكل دول الغرب . .
و الى ان الإنسحاب النظامي للقوات الأميركية، ان لم تطلب الحكومة العراقية بنفسها التمديد علناً له للضرورات المتنوعة، فإنه لن ينهي سعي الولايات المتحدة لتحقيق اهدافها في العراق بكل الطرق التي ستكون اشد قساوة مما مضى، وبادوات ليست بالضرورة اميركية او نظامية و انما بواجهات كثيرة التنوع اقليمية او من نوع آخر . . بل و ان تطلّب الأمر، القيام بغزو عسكري جديد مستقبلاً (*) ان اضطرت الى مغادرة البلاد و هي تعيش وضعاً هشّاً، بملفاته القابلة للإنفجار في كل وقت . . رغم مرور ثماني سنوات .
و على ذلك و غيره تتساءل اوساط تتسع، الى ماذا ستؤدي سياسة المالكي و نهجه الفردي و صراع الكتل المتنفذة على مغانمها دون الإلتفات الى معاناة الشعب المتنوعة في بلاد من اغنى اغنياء دول العالم ، و دون اتخاذها الإجراءات العملية، في الإلتزام بالعمل المشترك و تداول السلطة، لبناء دولة قانون اتحادية و مؤسسات منتخبة وفق قانون و تطبيقات نزيهة، دولة تستطيع الدفاع عن حدودها و عن شعبها باطيافه من الطامعين الخارجيين . . ام هل ستؤدي تلك السياسة الى حرب خليج جديدة و تدمير جديد اكثر قساوة مما مضى!! ام ماذا ؟! بعد ان تكشّف اكثر ان الحماسيات و النخوات و اللطميات لاتكفي لوحدها لبناء بلد و دولة . . في عالمنا المعاصر.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) يحذّر مطلعون مستقلون الى اخذ تلك المخاطر بجدية كبيرة و ان الإستهانة بتلك التهديدات يشبه استهانة صدام بتهديد وزير الخارجية الأميركي بيكر في لقائه مع وزير خارجيته طارق عزيز عام 1991. . عندما هدد بأن على الدكتاتورية الإلتزام بمطالب المجتمع الدولي و الاّ سيعود العراق الى عصر ماقبل الكهرباء . . و ذلك ماحصل فعلاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في فرنسا : هل يمكن الحديث عن هزيمة للتج


.. فرنسا : من سيحكم وكيف ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سائل غامض أخضر اللون ينتشر على أرضية مطار بأمريكا.. ما هو وم


.. فشل نظام الإنذار العسكري.. فضيحة تهز أركان الأمن الإسرائيلي




.. مقتل وإصابة العشرات من جراء قصف روسي على عدة مدن أوكرانية عل