الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى كل مثقف عراقي وطني

أسعد البصري

2011 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الفائدة الحقيقية من فصل الدين عن السياسة
هو أنّ الإسلام حافظ على استمراره الحضاري في التاريخ لسبب جوهري
هو أن الفقهاء الأجلة في كل العصور اكتفوا بمراقبة أداء الولاة
والأمراء و أولي الأمر ، لأن عظمة الإسلام وبريق الفقهاء
لا يُمكن له أن يستمر ويحتفظ بقيمة رمزية و معنوية إذا تحول
الفقهاء إلى أمراء فاسدين و لصوص ، هذا خراب ومجازفة بالعباد والعبادة
لأن الأمير سيخشى سلطة الدين ورقابة الفقهاء بينما إذا حكم الفقهاء
وفسدوا فمن ينصحهم و مَن يخشون ؟ . تقاسم السلطة السياسية والروحية
بين الأمراء والفقهاء كان عبقرية حقيقية ، أنقذت الإسلام من مصير
مظلم كمصير المسيحية في أوربا بعد الثورة الفرنسية ١٧٨٩م ، حيث سقط الفاتيكان وانتهت سلطته
إلى يومنا هذا . لَم يتم التحرّش بهذه العبقرية الإسلامية إلا مؤخراً ولَم ينجح أحد في ذلك كما نجح السيد روح الله الخميني
في إعلان دولة دينية في إيران يحكمها الوليّ الفقيه . لقد أصابنا الخميني جميعاً بالذهول والشلل ، رجل دين من تحت شجرة التفاح
في باريس يُعلن ثورة دينية إسلامية في القرن العشرين . ومن فرنسا مركز العلمانية في العالم . لقد سقط المثقفون الفرنسيون
صرعى المفاجأة و أشهرهم الفيلسوف الفرنسي المعروف ميشيل فوكو . فقد أصابته حماسة عجيبة أشد من
حماسة الفيلسوف هيجل ل نابليون . وكتب أن الإسلام جنون بالنسبة للغرب ، والغرب جنون بالنسبة للإسلام . لأن هناك
منظومتين معرفيتين بينهما قطيعة تاريخية . بل كتب للغربيين هذه العبارة بعد نجاح الثورة الإسلامية
في إيران : (الإسلام عقل أمة لا عقل لها) . ملاحظة : أرجو من القاريء هنا فهم (عقل) بالمعنى الفلسفي : لوغوس . طبعاً هذه الحماسة
والدهشة اخفتت فيما بعد . فقد ساهمت فضيحة المحاكم الثورية بعد نجاح الثورة الإيرانية و جرائم قاضيها خلخالي في تشويه
الصورة وتبدد الإعجاب . الخميني كان مجتهداً في رأي لَم يؤيّده فيه معظم فقهاء المسلمين الكبار شيعة و سنة . وأشهر معارضيه
كان المرجع الشيعي في النجف آنذاك السيد الخوئي . لكن هناك تقليداً لدى المراجع الكبار أن لا يأخذوا خلافاتهم إلى الإعلام
حتى لا تتشوش العامة وتضطرب العقيدة ويضيع الدين . لو سقطت الحكومة الإيرانية اليوم فإن المذهب الشيعي كله سيسقط
في الظلام لأن الخميني ورط التشيع بعلاقة مباشرة بالحكم والدولة . وهذا باختصار أهم آحتجاج لدى الفقهاء المخالفين
له آنذاك . ما يهمني هنا هو بلادي : العراق . بعد سقوط بغداد عام ٢٠٠٣م بدأنا نلاحظ دوراً سياسياً مباشراً للمرجع الإسلامي
في النجف : علي السيستاني . وبدأنا نرى دوراً سياسياً للفقهاء و الأحزاب الدينية . وبسبب الإحتلال الأمريكي لم يكن
بإمكان هؤلاء تكرار التجربة الإيرانية بل اكتفوا بتخريب الدولة والدين معاً من خلال الفساد والعنف الطائفي . المشكلة الحقيقية
تكمن في صعوبة الثورة على هؤلاء في احتجاجات جماهيرية . فقد رأينا الثورات العربية تنجح لأن الفقهاء والجوامع
دعمت الجماهير . ولأن الإسلام السني منفصل عن الحكم وليس مستقلاً اقتصادياً كما هي الحال في الإسلام الشيعي . إضافة إلى
أن الإسلام السني ضعيف سياسياً بسبب عدم وجود مركز قيادة روحي ، أعني : مرجعية . حين تتورط المرجعية في العراق
مع الإحتلال والسياسة ، وحين تتشكل أحزاب دينية مذهبية ، وحين تنتقل السلطة الدنيوية إلى الفقهاء إضافة إلى
السلطة الدينية . فإن أي تحرك جماهيري مصيره الفشل وقد يؤدي إلى حرب أهلية شاملة . لأن سقوط الدولة سيعني
سقوط المرجعية وسقوط الإسلام الشيعي . لهذا يفسد السياسيون في العراق وينهبون
لمعرفتهم أن الفقهاء متورطون معهم وهذا يعني استحالة ظهور أي معارضة حقيقية ضدهم .
هذه الورقة أقدمها كإثارة و تساؤل وأتوسل المثقفين الشرفاء كتابة اقتراحات في
الصحافة تخدم العراق و شعبه ، وتخدم الحلم الذي استشهد لأجله الوطني الخالد هادي المهدي .

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم كوريا الشمالية: حان وقت الحرب! فهل يشعل صراع الكوريتين


.. لافروف: ما يهم روسيا هو عدم صدور أي تهديد غربي لأمنها| #الظه




.. الملف النووي الإيراني يستمر الشغــــل الشاغـــل لواشنطن وتل


.. أول مرة في العالم.. مسبار صيني يعود بعينات من الجانب البعيد




.. ابتكار جهاز لو كان موجودا بالجاهلية لما أصبح قيس مجنونا ولا