الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن اعتبار تشكيل مجالس وهيئات للثورة بداية لنوع من التعددية السياسية في سورية؟

نادية حسن عبدالله

2011 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


إذا أردنا النظر بايجابية لما يحصل من تشكيل المجالس الوطنية التي تعتزم قيادة الثورة السورية، هل يمكن اعتبارها تجارب سياسية، قد تساهم في بروز نظام ذي تعددية سياسية وبداية لتشكيل أحزاب سياسية يتجمع فيها المعارضون السوريون؟

إن مبدأ الإقرار بوجود التعددية السياسية هام جدا في التحول نحو الديمقراطية، وهو يركز على مشروعية تعدد القوى والآراء السياسية وحقها في التعايش والتعبير عن نفسها والمشاركة في التأثير على القرار السياسي في مجتمعها. إن الاعتراف بوجود تنوع في المجتمع السوري واحترام هذا التنوع وقبول ما يترتب عليه من خلاف وايجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك بحرية في إطار مناسب هو احد أهداف الثورة السورية. حيث تعتبر التعديدية السياسية واحترام الرأي الآخر من أهم أسس الدولة المدنية الديمقراطية.

هل يمكن اعتبار هذه المجالس بداية لتجمع القوى المعارضة في محاولة للعودة إلى الحياة السياسية في سورية؟ المهم إن هذه المجالس تجمعها أهداف واحدة بشكل عام، وهو إرادة التغيير نحو الديمقراطية وتأسيس دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وان اختلفت في رؤيتها نحو مستقبل النظام الحالي، حيث هناك مواقف تتراوح بين من يريد إسقاط النظام ومن يريد إعطاءه مهلة للإصلاح.

في الثقافة السياسة الشائعة في سورية خلال الفترة السابقة، اعتبرت التعددية السياسية مرادف للفرقة والتنافر والتمزق والتشتت ومخالفة للتوحيد وللنظام. هذه الفكرة الخاطئة التي ظهرت في سلوك النظام من خلال ترويجه للمبادئ الشمولية تحت أسماء مختلفة منها الوحدة الوطنية، ووحدة الموقف، وتوحد الشعب حول القائد الملهم، كان لها دور كبير في تشكيل رأي عدد كبير من السوريين خلال تعاملهم مع متغيرات الحياة اليومية والعامة في السياسة وشئون المجتمع وغيرها... حيث تم التركيز على تعزيز الفكر الواحد والشعب الواحد والحزب الواحد والقائد الواحد.. وتم تشويه العديد من المفاهيم السياسية والترويج لثقافة سياسية تركز على اعتبار التعددية السياسية اختلافا وتفرقة.

من الناحية النظرية، يعتبر تجمع المعارضين في مجالس أو هيئات يعزز التنافس في توفير إرادة للثورة ويتيح الفرصة للشعب الثائر للاختيار بين الأهداف والأشخاص الذين سيمثلوهه. ولكن هناك الكثير من الصعوبات التي تعترض تكامل المعارضة في الداخل والخارج، حيث تتعرض القوى المعارضة في الداخل إلى الاعتقال ولا تتوفر لهم الحرية في الاجتماع والتنسيق مع بعضهم ومع الخارج بسسب المضايقات الأمنية المستمرة.

وأما المعارضة في الخارج من المغتربين السوريين، والذين يعيشون في حوالي 128 دولة مختلفة، يتهمون بأنهم يعيشون في حرية ولا يتعرضون للقمع والاعتقال، ولا يشاركون في الثورة الشعبية ولا يعرفون معاناة المعارضة في الداخل ولا معاناة شباب الثورة ولا حقيقة ما يجري على أرض الواقع. كما اتهموا بأنهم يتجاهلون القيادات الشعبية للثورة والمحرك الرئيسي لها، لأن أي مجلس أو هيئة وطنية للثورة بحاجة إلى قوى شعبية قادرة على العمل على أرض الواقع ووفق الإرادة الشعبية والمشاركة الكاملة لكل القوى.

كما اتهم عدد من المعارضين في الداخل والخارج بأنهم يعملون بتوجيه من النظام والتنسيق معه، وبأنهم يقدمون تنازلات كبيرة على حساب دم الشهداء ومعاناة المعتقلين السياسيين.

وهكذا ظهرت الكثير من الانتقادات والاتهامات للمجالس الوطنية، حيث يقول الكثيرون بأنها أصبحت هذه الأيام موضة أو تقليداً أو إبداعاً في الحلول الافتراضية للواقع السياسي الحالي في محاولة إنقاذية للخروج من الحيرة المرتبكة التي تسيطر على المعارضة السورية.

الشعب يريد توحيد جهود المعارضة تحت ظل "ائتلاف موحد يضم كافة أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج، والعمل معاً بشكل متكامل ومنسق من اجل دفع الثورة نحو تحقيق أهدافها، ". ولكن هل من الممكن أن يتم تشكيل مجلس واحد يجمع كافة أطياف المعارضة السورية في فترة وجيزة؟ قد تكون المهمة صعبة ولا أريد أن أقول مستحيلة، وخاصة في ظل عدم توفر أحزاب سياسية سورية معارضة قادرة على الحصول على إجماع شعبي في هذه الفترة.

من الضروري للقوى السياسية السورية المعارضة أن تبدأ بالعمل نحو التوافق بين كافة المجالس والهيئات على برنامج عمل موحد، والتكامل فيما بينها، كل حسب مجاله، والمشاركة لتحقيق أهداف الثورة. قد تكون هناك صعوبة في أن تتوافق جميع القوى السياسية على برنامج سياسي موحد في فترة قصيرة، لكنه التحدي الحقيقي الذي نحلم بالوصول إليه.

نتمنى من كافة القوى الفاعلة والأحزاب والحركات السياسية المعارضة، العمل من خلال ديمقراطية توافقية والاتفاق على رؤية موحدة وبرنامج وطني يحقق أهداف الشعب السوري للانتقال نحو نظام سياسي حر وديمقراطي.

إن ما نتطلع إليه هو "ائتلاف موحد للثورة السورية" يجمع أطياف المجتمع السوري كافة ويشكل تحالفات على أساس النهوض بالوطن، والمصلحة العامة، وانتهاء النزاعات الداخلية بين القوى المعارضة، وتقديم البرامج البناءه واختيار الأصلح منها لخدمة الوطن، وانتشار ثقافة التعددية وقبول الآخر واحترامه والتعاون من اجل حرية وكرامة الشعب السوري.

الدكتورة شذى ظافر الجندي
دكتوراه في العلوم السياسية
حقوق الانسان ومكافحة الفساد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا الأميركية تهدّد ب«طرد» الطلاب الذين يحتلّون أ


.. دونالد ترامب يحمل نتنياهو مسؤولية هجمات 7 أكتوبر 2023| #مراس




.. ما تداعيات ومآلات تدخل شرطة نيويورك لفض اعتصام الطلاب داخل ج


.. مظاهرة لأهالي المحتجزين أمام مقر وزارة الدفاع بتل أبيب للمطا




.. الرئيس الأمريكي جو بايدن: سنعمل مع مصر وقطر لضمان التنفيذ ال