الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد السياسي:اغتيال للديمقراطية

سيدة عشتار بن علي

2011 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



الديمقراطية???
لفظة يونانية الجذور وهي مركبة من كلمتين(ديموس) وتعني عامة الناس,و(كراتيا)ومعناها حكم.وبذلك يكون معنى الديمقراطية لغة حكم الشعب لنفسه لكن اللفظ وقع استخدامه لوصف الديمقراطية الليبرالية,النظام السائد في دول الغرب كما انها تعبر عن ثقافة سياسية واخلاقية تتجلى اهم مفاهيمها في ضرورة تداول السلطة سلميا وبصفة دورية
وقد عرف (جوزيف شومبيتر)الديمقراطية على انها مجموعة من الاجراءات والمؤسسات التي يستطيع الافراد من خلالها المشاركة في عملية صنع القرارات ولذلك فان الانتخابات الديمقراطية احتلت ولازالت مجال الاهتمام الاكبر من قبل العديد من المنظرين السياسيين عند حديثهم عن الديمقراطية باعتبارها شرطا اساسيا من شروطها
لكن رغم الدراسات الكثيرة والاهتمامات المتعددة بمفهوم الانتخابات الديمقراطية الا ان الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة مازال الى اليوم يفتقد الى معايير محددة خاصة وان المتطلعين الى السلطة عبر الانتخابات يعملون في الاغلب على قدم وساق في سبيل ابتكار اساليب متجددة ومتنوعة للتلاعب في عمليات الانتخاب فماهي اهم هذه الاساليب???وهل تختلف اليتها من دول العالم المتقدم الى دول العالم الثالث???
يمكن لنا هنا الحديث عن اشهر اساليب التلاعب التي كانت دوما ومازالت تقف حائلا دون تحقق انتخابات نزيهة ولعل اهمها:
-1-التزوير الذي ابتكرت فيه اساليب وفنون
-2-الاشهار السياسي وما يتبعه من فساد خاصة في غياب التكافؤ بين الاحزاب من الناحية المالية
التزوير في الانتخابات يمكن القول انه اسلوب معتمد خاصة لدى دول العالم الثالث وتحديدا الدول العربية وذلك راجع الى غياب الرقابة القضائية المستقلة وانعدام الوعي الديمقراطي فمن منا لم يعايش او يسمع عن تلك النجاحات الاسطورية التي كان يحققها مترشحونا خاصة من الحكام ??ومن منا لم يسمع عن طرفة التسعة وتسعين بالمائة من الاصوات التي كان يحوزها الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وهي نسبة صعب حتى على الانبياء حيازتها لكن الغرابة تنتفي اذا عرفنا ان الموتى في تونس كانوا يهبون من قبورهم اثناء الانتخابات من اجل الادلاء باصواتهم لصالح المخلوع في حين يغيب الاحياء القابعون في السجون والمنافي او الذين يقع تجاهلهم عمدا.فقد كان التونسي يتوجه الى مركز الاقتراع مع معرفة مسبقة بنتيجة الانتخابات كما انه كان يدرك جيدا انه ماهو الا واجهة يغطي بها النظام الحاكم عورته ليتظاهر بالديمقراطية امام الراي العام العالمي.ومع ذلك كان التونسي يذهب ويشارك في مسرحية الادلاء بصوته اما خوفا او تقليدا الف القيام به
اما الانتخابات العراقية التي جرت اثر سقوط نظام صدام حسين فحدث ولا حرج فقد حولتها الة الدعاية الامريكية الى فيلم لا يقل ابهارا عن افلام هوليود وبوش كان يختال فخرا بغرسه راية الديمقراطية في الصحراء العربية رغم تهديدات ذلك الشبح المسمى ابو مصعب الزرقاوي الذي كان يتوعد بتحويلها الى برك من الدماء لان الانتخابات مخالفة لامر الله ورسوله فلم يكن امام العراقيين انذاك الا القبول باحد الخيارين اما الانتخاب تحت حماية الاب الطيب جورج بوش واما الارهاب تحت وطاة سيف ابي مصعب فكانت بذلك اغرب انتخابات عرفها التاريخ خاصة وان المترشحين كانوا مجهولين واماكن الاقتراع كانت سرية اما عن الاجراءات فقد كانت معقدة وغامضة بالنسبة للمثقفين والمسيسين فمابالك بالاميين وتذكر في هذا السياق طرفة حقيقية مفادها ان الزعيم الكردي جلال الطالباني المرشح لرئاسة الجمهورية او على الاقل رئاسة الحكومة احتاس اثناء الادلاء بصوته وطلب العون من المشرفين
هذا بالنسبة لاسلوب التزوير والغموض المتعمد للتلاعب بالانتخابات فماذا عن الاشهار السياسي او الدعاية الانتخابية????
لقد اصبحت الدعاية علما يدرس في كليات الاعلام وابتكرت فيها نظريات جديدة خاصة منها الدعاية السياسية فاختص فيه المختصون وانشئت المكاتب التي تبدع في ترويج وتسويق المترشح امام الجمهور ويكون ذلك طبعا عن طريق وسائل الاعلام العمومية والخاصة سواء بمقابل مادي او مجانا قصد تقديم المترشحين والتعريف ببرامجهم الانتخابية للعموم.
الى حدود هذا التعريف يبدو الامر عاديا خاصة وان هذه الظاهرة شائعة في الديمقراطيات العريقة فالومضات الاشهارية التلفزية والاذاعية واللوحات على الطريق العام والملصقات على وسائل النقل والاعلانات في الصحف المكتوبة واللافتات والعناوين على موقع الواب كلها من مظاهر الاشهار السياسي الذي بات تقليدا مالوفا لدى المجتمعات الديمقراطية وهذا امر مشروع لان من حق الناخب ايضا ان يتعرف على المترشحين كي يحسن الاختيار ويدلي بموقفه من خلال صوته وهو في كامل وعيه بما يدور حوله
اين المشكلة اذن????
تنعت الصحافة بانها سلطة رابعة والمفروض ان تكون هي الضامن الرئيسي لمصداقية الانتخابات وشفافيتها لكن موجة الاشهار السياسي تجعل هذه السلطة مهددة بالوقوع في فخ سلطة المال الذي تنفقه الاحزاب في الاشهار فمن يدفع اكثر تكون حظوظه في الفوز اوفر.اليس من شان ذلك ان يضر بالتشكيلات الناشئة ذات الامكانيات المادية الضعيفة حتى لوكانت هي الاصلح والاحرص على مصلحة البلاد والديمقراطية????
عدم التكافؤ المادي سيجعل ظهور هذه التشكيلات امام الاحزاب الغنية ضعيفا لان الاشهار سيخدم حتما الاحزاب المتمكنة من الناحية المالية ولا محالة هذا سيحول دون قيام انتخابات حرة ونزيهة ناهيك اذا كانت مصادر تمويل هذه الاحزاب مجهولة الهوية او اجنبية اومن طرف اصحاب رؤوس الاموال ذوي المصالح فان هذا سيفتح الباب على مصراعيه لتفشي الفساد السياسي من رشوة وشراء للاصوات وهي مظاهر ملموسة تابعناها ولمسناها عبر وسائل الاعلام ونعرف جيدا فضائح الانتخابات التشريعية الكويتية وكيف كانت الصحافة الوطنية تكتب بالبنط العريض في صفحاتها الاولى وتتحدث عن شراء الاصوات فكانت الانتخابات اشبه ماتكون بمزاد(في المنطقة الفلانية الصوت باربعمائة واخرى بثمانمائة......)
اما في لبنان فقد كتب احد المواطنين في موقع على لانترنات اسمه(باي ماي فوت)اي اشتر صوتي فقال:(كل اربع سنوات يحق للطبقة المقموعة في لبنان ان تختار من من الطبقة القامعة سيقمعها) والاعلام تحول الى لسان دفاع يمنح الوفاء باشهار وتسويق من يدفع اكثر
اما ما يحدث في تونس اليوم بعد الثورة طبعا وهي تستعد لخوض تجربة انتخابية المفروض انها ديمقراطية فهو امر اثار الكثير من الجدل والاختلاف فقد اصبحت ظاهرة اللعب بعقول الناس ومحاولة استمالتهم من خلال الاغراء بالمال والخدمات تمارسها وتتنافس الاحزاب فيها وذلك من اجل ضمان كسب الاصوات .ومجهود كل حزب طبعا حسب امكاناته المادية فحزب النهضة الاسلامي يقيم الاعراس الجماعية ويوزع البرفانات ذات الماركات العالمية ويتكرم بتوزيع الاموال على اتباعه والمنضمين الجدد تحت لوائه في حين تكتفي بعض الاحزاب الاخرى بتوزيع بعض الساندويتشات البائسة والحلويات الرخيصة فلمن ستكون الغلبة يا ترى???
جميع هذه المظاهر والممارسات من تلقي اموال خارجية واشهار غير متكافئ ورشوة وشراء الاصوات تدخل في باب الفساد السياسي وهو مصطلح يشير الى انتهاك مبدا النزاهة.وقد جاء في معجم اكسفورد ان الفساد هو(انحراف او تدمير النزاهة في اداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة)فاستعمال المالمن اجل اغراض انتخابية هو من اخطر اشكال اللفساد لان غاياته هي تدجين المواطنين وترويضهم للقبول بالفساد من خلال بيع ذممهم لقاء مبالغ مالية او لقاء وليمة او بعض الاموال العينية مثل المواد الغذائية وغيرها....وبالتلي فان امواطن المقبل على الادلاء بصوته سيعطي ثقته لمترشح يعلن جهارا انه فاسد اضافة الى ان هذه الممارسات ماهي الا تعبير عن ازدراء المواطن واحتقاره اذا قبل بيع صوته بثمن بخس
وللتوضيح والمقارنة فقط فان هذه المظاهر المعبرة عن الفساد السياسي من خلال االاشهار والرشوة وتلقي التمويلات المشبوهة لا تقتصر على الدول العربية بل هي موجودة ايضا في الدول الغربية ذات الانظمة الديمقراطية العريقة لكن الفرق يكمن في الرقابة والمحاسبة على مثل هذه الممارسات وكلنا نذكر تهمة ا لرشوة التي وجهت لساركوزي اثناء تحضيره لانتخابات سنة الفين وسبعة حين اتهم بتلقي اموال انتخابية من المليارديرة الشهيرة(ليليان بيتانكور)الفرنسية الاصل وقد بدا القضاء الفرنسي بالتحرك والتحقيق في الامر فانتهاك حرمة الانتخابات النزيهة هو انتهاك للعملية الديمقراطية برمتها وهذا يجعلنا نراجع الشروط السبعة للديمقراطية التي حددها المنظر السياسي(روبرت دال)والذي تعتبر اطروحته مرجعا لحماية الديمقراطية فقد وضع دال الانتخابات الحرة والنزيهة ضمن شروطه السبعة مؤكدا على ضرورة ان يسبق اجراء تلك الانتخابات مجموعة من الحريات والحقوق الديمقراطية معتبرا ان الترتيب المنطقي للامور ياتي على النحو التالي(حرية الحصول على المعلومات-حرية التعبير-حرية التنظيم وتشكيل مؤسسات مستقلة-اجراء انتخابات حرة ونزيهة)اي ان الانتخابات الحرة والنزيهة هي ذروة الديمقراطية وليس بدايتها بالنسبة ل(دال)فالانتخابات لا تسبق الديمقراطية,وهي لا تنتج لا الديمقراطية ولا الحريات والحقوق وهذا ما اثبتته التجارب المعاصرة للدول الديمقراطية ذلك ان الانتخابات الديمقراطية التنافسية لا تجري الا في كنف حكم ديمقراطي وليست هي هدفا في حد ذاتها ولذلك فان على الجماهير ان تعي بما هي مقدمة عليه ونعني هنا طبعا جماهير الثورات العربية التي يجب ان تحصل على حقوقها الديمقراطية قبل الخوض في معترك الانتخابات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديمودكتاتورية
سيدةبن علي ( 2011 / 9 / 23 - 23:27 )
مقال هام في وقت حرج تستعد فيه البلدان التي عرفت الثورات الى الانتخابات .فقد نبهت الكاتبة الى الكثير من النقاط التي قد تخفى او تنطلي على الشعب مثل اشارتها لا ساليب التزوير التي تعتبر قديمة لكنها مازالت سارية في مجتمعاتنا العربية اما حديثها عن الاشهار السياسي وما ينطوي عليه من فساد يجهض العملية الديمقراطية فهو النقطة الاهم فان تحل وجوه المترشحين محل مواد التنظيف والتغذية في الشارع وعبر الملصقات وغيرها امر لا يدعو للتفاؤل خاصة وان الامكانيات المادية لكل حزب او مترشح هي الفيصل وليس الكفاءة والصلوحية هذا بالاضافة الى حديثها عن الرشوة وشراء الاصوات وهي كلها مظاهر متغلغلة في عاداتنا الانتخابية ولا علاقة لها بالديمقراطية .واشكرها اكثر على استعراضها وتحليلها للشروط السبعة للديمقراطية التي وضعها المنظر السياسي الهام خاصة في تركيزها على ان الانتخابات هي ذروة الديمقراطية وليس بدايتها وان الانتخابات الحرة النزيهة لا يمكن ان تتم الا في ظل حكم ديمقراطي وهذا معناه ان الشعوب المقدمة على الانتخابات قد تساهم في اجهاض ثورتها بقبولها الخوض والمشاركة في انتخابات غير واضحة المعالم وفي غياب ابسط اسس الديمقر


2 - BAYNA ALWEKA3 WELMANCHOUD
OTHMANI FATEN ( 2011 / 9 / 24 - 14:15 )
TOUT CE QUE VOUS ECRIVEZ SAIDA EST VECUE.TOUT CHERCHE LA PRESIDENCE QUELQUE SOIT LA MANIERE DEN AVOIR.NOUS LES CITOYENS VOULONS LA DEMOCRATIE.MAIS LA QUESTIONSPOSEE:LA DEMOCRATIE EST ELLE REALISEE POUR PARTICIPER A UNA VOTE DEMOCRATE?


3 - العقل يتحكم بالعاطفة
علي الشمري ( 2011 / 9 / 24 - 19:21 )
ليتخذ الشعب التوةنسي الشقيق الدرس العراقي في أنتخاباته المقبلة,وليكن عند علمه ان من يدفع له الاموال مقدما يكون ثمنها هو نهب خيراته وثرواته تحت يافطة شعاراتها سماوية,أن من ينتخب الذي يدفع له المال هو ليس يبيع صوته له فقط ,وانما يبيع مستقبل أولاده وأجياله في المستقبل,فالاسلامييين كما هو الحال عندنا وبقية الدول لم يؤمنوا بالديمقراطية ويعملوا على تطبيقها ,وأنما يعتبروها سلما للوصول الى السلطة,وعندها سيطبق الضب فكهيه على الفريسة ,وعندها ستبدأ مرحلة تحجيم العقول لبناء نظام أستبدادي لا يؤمن بالاخر و لا يقل شرا عن نظام بن علي ,
تحياتي


4 - ...
منصف البرايكي ( 2011 / 9 / 25 - 18:40 )
مقال اخر للاخت سيدة يرصد الراهن السياسي ويعريه في مشهديته المتناقضه وواقه الفاجع والدي يستمر فيه المنشود الديمقراطي غيابا وتقمع فيه الارادة الشعبيه التواقه الى الانعتاق النهائي من لبس المراسم القديمة لشيوخ القبيلة حرا...س الثوابت وسدنة المعابد في وطن العنف الراهن بعد ربيع عربي متفجر بثورات حالمة باسقاط اوجاعها اليومية ولكن سرعان ما توالت فواجع السقوط والحلم لم يكتمل بعد ...فسال المال الفاسد بسخاء ليشوه سيولة دماء الشهداء المقدسة التواقه لقيم العدل والخير والفضيلة بارساء نضام سياسي جديد الا وهو النظام الديمقراطي الحديث كاخر نظام توصلت اليه الانسانية باعتباره الاقل ضررا .. كما وصفته صاحبة المقال بمنهجية صارمة وعمق اكاديمي ..ليبقى السؤال هل الالتجاء الى صندوق الاقتراع في مناخ معفن وفاسد في هدا الراهن هو الالية الضرورية لتحسس المنشود ام ان المسالة اعمق واعقد لتجاوز الموجود اي خلق مناخ سليم وبيئة وثقافة اخرى بديلة تستجبيب لشروط ضرورية لا بد منها ليكون بدلك صندوق الاقتراع الالية الخيرة لتتويج المسار .....Afficher la suite

اخر الافلام

.. كيف يمكن قراءة تصريحات بايدن حول اعترافه لأول مرة بقتل قنابل


.. بايدن: القنابل التي قدمتها أمريكا وأوقفتها الآن استخدمت في ق




.. الشعلة الأولمبية.. الرئيس ماكرون يرغب في حقه من النجاح • فرا


.. بايدن: أعمل مع الدول العربية المستعدة للمساعدة في الانتقال ل




.. مشاهد من حريق ضخم اندلع في مصنع لمحطات شحن السيارات الكهربائ