الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموروث من ثقافة الاحتجاج

كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)

2011 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية




تختلف أساليب الاحتجاج على استبداد السلطة باختلاف ثقافات الشعوب ومخيالها الجمعي المتراكم عبر تجاربها التاريخية في تعاطي انظمة الحكم، وما دام الاستبداد "فعلاً" فلا بد له من "رد فعل" ، و هو التحدي الذي يخلق الاستجابة كما يرى" ارنولد توينبي" ولكن تباين ردود الافعال والاستجابات يحددها طرفان ،الحاكم والمحكوم بكل تفاصيلهما اللامتناهية ، وهما وليدا ثقافة واحدة تقريبا ، فلو اخذنا مثالا من ربيع الاحتجاجات العربية ، وتحديدا الانتفاضتين المصرية والليبية، لرأينا الاختلاف البنيوي واضحا بين مساريهما ، سواء بسلوك الحاكمين تجاه المحكومين او العكس ، على الرغم من ان التجربتين قد ولدتا من اصول ابستومولوجية واحدة ،ففي الحالة المصرية شباب قادوا النخب نحو التغيير باحتجاج سلمي ضد (مستبد حداثوي) ،وفي ليبيا نخب تقود الشباب باحتجاج مسلح ضد (مستبد قروسطي)، ولعل مرد ذلك الى ما اُشيرَ اليه من تباين بين ثقافتي البلدين .
ومن هنا تعددت طرائق الاحتجاج في تاريخ الشعوب و الدول متذبذبة بين العنف واللاعنف ، ولعلنا لا نجانب الصواب في القول إن ثقافتنا العربية الاسلامية نحت في اغلبها المنحى الاول وبامتياز ، وقد آن لنا الاقرار بأن رصيدنا التاريخي يقترب من إشهار إفلاسه من أساليب الاحتجاج السلمي في خزينة كل من الحكام والمحكومين على حد سواء .
فقد تدرجت مفاهيم الاحتجاج في مسمياتها من غير ان تفقد رائحة الدماء ، فهي اما "رِدّة" أو "خروج" او " فتنة "حتى أنقذتنا الحداثة باصطلاح "المؤامرة" ليسِمَ كل من سولت له نفسه بالخروج على السلطان .
ولو بحثنا عن الدلالة المعجمية لأصل مفردة الاحتجاج لوجدناها (في لسان العرب لإبن منظور) مأخوذة من الفعل الثلاثي "حجج" (( و الحَجُّ: القصدُ. حَجَّ إِلينا فلانٌ أَي قَدِمَ؛. والحجُّ قَصْدُ التَّوَجُّه إِلى البيت(الحرام) بالأَعمال المشروعة فرضاً وسنَّة؛ واحْتَجَّ البَيْتَ: كحَجَّه عن الهجري؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ احْتِجاجَ البَيْتِ، حتى تَظَاهَرَتْ
عليَّ ذُنُوبٌ، بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
والتَّحاجُّ: التَّخاصُم؛ وحاجَّه مُحاجَّةً وحِجاجاً: نازعه الحُجَّةَ.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: غلبه على حُجَّتِه. واحْتَجَّ بالشيءِ: اتخذه حُجَّة؛)) وهناك الكثير من المؤلفات التي من عنواناتها (الاحتجاج ) ولعل من أشهرها (الاحتجاج للطبرسي ) وهي جميعا من باب منازعة الحجة ، ولم نجد ما يشير من قريب او بعيد الى الدلالة السياسية لمفردة (الاحتجاج) المعاصرة ، إلاّ اذا اردنا ان نلوي عنق المفردة ونعد الحَج احتجاجا سلميا (نوعا ما ) على الشيطان الرجيم ، ونثمِّن دور ((الحجّاج )) بن يوسف الثقفي في إرساء فلسفة التصدي للاحتجاجات في ثقافة السلطة الموروثة ، وبفعل هذا الإرث الثقيل من القسوة والعنف تلاشت الثقة بين الحكومة ومواطينها ، وبدلا من أن يكون الاحتجاج وسيلة للتعبير عن الرأي وتقويم الإعوجاج ، أصبحت مؤامرة تهدد استقرار البلاد ،والأنكى ان ذلك القول بات يصح على البلدان الديمقراطية ذات ( الحكومة المنتخبة) !!! ..فما ان يتوشح وجه الشارع بالمزاج الاحتجاجي ، حتى تهيمن العديد من حالات القلق والتوتر والخوف سابقةً للاحتجاج او مواكبةً له، وتقلب الحكومة المنتخبة "ظهر المجن "لناخبيها الذين الجأهم سوء الحال الى الاعتماد على انفسهم في توصيل أصواتهم والصدع بحاجاتهم بعد ان يأسوا من نوابهم المنتخبين واستحوذ عليهم الاحباط والشعور باللاجدوى، يعضّون أصابع الندم (البنفسجية) بعد ان أيقنوا انهم كانوا ضحية لعملية نصب واحتيال من قبل مؤسساتهم المنتخبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث