الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرواغات المطر

سعيد رمضان على

2011 / 9 / 23
الادب والفن


مرواغات المطر
مقطع من رواية

في لحظة ما لم أعد أنا .. في لحظة ما لم تعودي أنت ..
على أبواب واديك التقينا ، في مساء أرتعش باللهفة .. بعنف قبضنا على نفسنا ، باحثين عن كلمات لا تستنطق لهفتنا ..
وعندما كنا مشغولين بالسؤال من الأهم : أنا أم أنا ..
كانت الأمواج العاتية ترتطم بنا، وتدفعنا باتجاه الرغبات الصاخبة التي انتظرتنا ..
في مساء ملهوف التقينا ، وبين أريد ولا أريد راوغنا المطر ..
فسقطت المتاريس من حولنا .. على دوى انتعاشنا بتنهدات، تتلاقى في عناق مدوي..
وكنت أنا وطنك ، السكران بعشقك
أسبقك للانتعاش بشحنة عاطفية اغرقتنى ..
وكنت مع كل نشوة.. اكتشف أن العشق ليس فعل حب ، بل فعل ذوبان ..
وكان الهوس بك يبدو كاسحا كإعصار
وكنت أنت .. عندما ترسمين على شفتاي البهجة ، تدعيني لأسبح في بحارك..
وتروحين تقصين على كل شىء حدث في الأحلام ..
وكنت مندهشا ومتعجبا ، كيف أثرت البراكين النائمة .. وأن تجعلي الرعد يدوى وتغرقي الدنيا بالمطر ..
وكان أول إحساس فاجأني، هو الأنذعار المرتطم بدوى الانفجار.. وبالجنون الذي احتلني ..
بلمسة اسقط أسواري .. وبلمسة أخرى أعدت بناءها ..
بطريقة يستحيل على امرأة أخرى أن تقتحمها ..
وكنت أنا المأخوذ بعشقك
أقف مبهوتا استمع لموسيقاك وهى تغزل نسيج عشقنا ..
يرتديك النسيج ويرتدينى.. ونرقص بداخله على إيقاع الجنون كورود نارية تتفتح
على صوت سكرات الهيام ..
في لحظة ما لم أعد أنا .. وفى لحظة ما لم تعودي أنت ..
وكلما حدث شىء فيك . يجتاحني .. كأنه زلزال بحري يبدأ في الخفاء .. ويدفع المياه بقوته فترتفع الأمواج وتنتفض وتتلوى بعنف مجنون ..
أما تفاصيل الغياب ، التي تبدو حاضرة ، فتبدو مشهية..
فكأنك تضرمين النار بالبعاد ، وتشعلين في حياتي حرائقها ..
وكنت أنا الذي اكتوى بالحرائق
ابحث عن قياس لعشقي .. فلا أجد ما أقيس به ..
أما الحب نفسه فبدا مقياسا صغيرا ..
لم نكن التقينا .. لكن تفاصيل الغياب اخترقتنا ..
حافرة فينا ماضيا.. لم يكتوى باللمس بل بالبعاد ..
وكانت أبعاد الدهشة تندهش ، من ذاكرة مجنونة، تنتفض كحصان برى يراوغنا ، ليعيد تركيب تفاصيل حياتنا ..
ترقصين على أنغام العشق بتفاصيل تحضنها الذاكرة ..
بينما أتأملك مستندا على وسائد الأحلام .. طالبا من اللحظات رحمتها ، حتى لا تنسل بعيدا عن أيدينا ..
لكن اللحظات عكسنا ..
لا تبدو متلهفة للبقاء .. ثم تراوغنا لتنصرف وهى تتمايل بالدلال ..
وقبل انصرافها ، تشفق علينا فتوضع صورها في ذاكرتنا .. مكتملة بسحرها..
وكنت أنا الذي أطارد رائحتك ، المعطرة برائحة الغواية ..
تطويني سمرتك ..
وأقف منزهلا أمام مساحاتك ، التي تطل منها التنهدات ، بنار تكتوينى ..
أتأملك نائمة غارقة في أحلامك ومكتملة بسحر الأنوثة ..
وأنا الذي يغرقني المطر تصعقني أنوثتك ..
وكانت سمرتك التي تكتوينى ، تبدو خارجة توا من أعماق النار .. في استواء يميتنى ..
شىء ما فيك يكتسحني .. أحاول تبينه فيراوغني في زوايا الظلال ..
ذلك أن بى شغفا بكل شىء .. منغلقا على الصمت وضائعا في ثنايا الغموض ..
وفى مواعيدنا البعيدة .. المنسجمة مع الغياب ..
يتدفق الشغف كأنه مؤامرة .. تغلف نفسها بالغواية و لا تخلع عنها الصمت ..
تفاصيلك متربصة بالذاكرة ، تظهر غامضة من بين الظلال وهى ترقص على أنغام الشجن
وكان الهيام يكتب قصته ، في مساء الغياب ، على أنغام التنهدات، وعنف المعانقات
أما الحزن الذي ينهمر بالدموع ..
فيبدو سعيدا لأنه يدخل جنته، متلهفا منتظرا ليلة صاخبة من المطر .
في لحظة ما لم أعد أنا .. في لحظة ما لم تعودي أنت ..
----------
** مقطع من فصل من رواية .
سعيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ترواغنا بالجنون ا
فاطمة زيد الناجى ( 2011 / 10 / 29 - 14:26 )
ترواغنا بالجنون احيانا وبالمطر احيانا
ولايمكننا الأفلات من التأثير العذب

اخر الافلام

.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د


.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية




.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه