الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( شراكة وطنية ) أم محاصصة طائفية عرقية ؟

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2011 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


كل من يدعي أن الحكومة الحالية جاءت عن طريق صناديق الإقتراع لإنتخابات نزيهة فهو على خطأ بيّن . مع إعترافنا بإنقسام الأحزاب والحركات السياسية إلى جبهات متعارضة ومتصارعة إلاّ أن هذه الكتل وبالأخص المسيطرة على الساحة السياسية كانت قد تواطأت وتوافقت تواطؤاً وتوافقاً غير شريفين لوضع قانون الإنتخابات بالشكل الذي لا يسمح بفوز أي فرد ما لم يكن منضوياً تحت خيمة إحداها . ولقد إنكشف زيف القانون في التطبيق العملي أن جعل نائباً في ميسان يفوز بحصوله على 28000 صوت ولكن لا يفوز آخر في السليمانية ما لم يحصل على 49000 صوت . وفي حالة أخرى لا يفوز نائب حصل على آلاف الأصوات بينما تفوز نائبة بحصولها على 600 صوت . المالكي الذي حصل على أكثر من 600000 صوت يصبح عضوا في البرلمان وتساويه في العضوية ميسون الدملوجي الحاصلة على 600 صوت . أي قانون كان قانون الإنتخابات الذي أفرز مثل هذا المجلس . أما إجراءات الإنتخابات فقد طعن بها المالكي نفسه وقال أن تزويراً حدث فيها . أما وقد أسقط في يده في تمرير تهمته بتزوير الإنتخابات ( رغم يقييننا أن التزوير قد حصل ) إلاّ أنه لجأ إلى المناورة التي أدت إلى تجميع التحالف الديني وتشكيل كتلة في مجلس النواب أكبر من كتلة أياد علاوي. كانت هذه المناورة مخالفة صريحة للدستور ولكن ضغوطات قد إستعملت للحصول على قرار من المحكمة العليا بإعطاء حق تشكيل الحكومة للكتلة المتشكلة بعد إعلان نتائج الإنتخابات وليس الكتلة التي فازت فعلاً فيها . إن مصالح الأطراف الحزبية والفئوية هي التي تسيّر نشاط سياسيينا وليس مصلحة الشعب .

يتحدّث بعض الكتاب بلغة المتأكدين أن حكومة المالكي تمثل المصدّ الأمين الذي يمنع عودة البعث . ولكن نظرة منصفة لممثلي حزب المالكي ( علي شلاه وغيره ) توضح أن الحقيقة غير ما يقال . ثم أننا سبق أن عللنا أن البعثيين هم عراقيون وفيهم الشرفاء الذين إعتنقوا رسالة البعث وكان إنتماؤهم إلى ذلك الحزب إيماناً بعقيدة وشعوراً بإنتمائهم القومي العربي ، ولا أعتقد أن النظام الذي قاده الطاغية صدام كان بعثياً في جوهره ، بل دكتاتورياً فردياًً. وقد شرحنا في مقالات سابقة أن ( البعث الصدامي ) أو ما سميناه ( Saddamism ) قد إنتهى ولن يعود أو يتكرر في العراق . وقد كان قصد المشرع واضحاً في تحديد المنع في الدستور على ( البعث الصدامي ) وليس ( البعث بصورة عامة ) . وقد شرحنا أيضاً أن التركيبة الإجتماعية والإقتصادية التي يمثلها البعث في المجتمع العراقي هي شريحة البرجوازية وهي أرقى فكراً وأكثر تقدمية من الأحزاب التي ترتبط مصالحها بشيوخ العشائر والإقطاعيين ورجال الدين المنتفعين والتي هي طبقة رجعية غايتها إرجاع العراق إلى العهود المظلمة السابقة . أما كسب الأحزاب والحركات الدينية للأصوات في الإنتخابات فيعود لإستخدامها سلاح الدين والإندفاع العاطفي للجماهير مستغلة قلة الوعي السياسي والطبقي لديهم .

واجب الكتاب والمثقفين تنوير الشعب ورفع مستوى وعيه بتحليل الواقع بتجرد وبدون تحيّز أو اللجوء إلى إضفاء الزينة على حكومة المحاصصة الطائفية والعرقية وتسميتها بإسم الشراكة الوطنية أو الوحدة الوطنية بينما جميع المشاركين فيها يلعنون المحاصصة ويتبرأون منها ( وآخرهم المجلس الأعلى ). وكذا ليس من الصحيح القول أن جميع فئات الشعب مشاركة في الحكومة . حيث أن المشاركين شخوصٌ متنافرة ولا يمثل أي واحد منهم سوى نفسه والكل معزولون عن الشعب .

إن كنا ندعو للديمقراطية ونؤمن بها فعلاً فهي تمثل نظام الحكم الذي تحكم فيه الأكثرية . ومن التطبيقات في معظم بلدان العالم تكلّف الكتلة الفائزة بالأكثرية بتشكيل الحكومة وتكون الكتلة التالية قائدة المعارضة رسمياً ، فتكون الدورة الإنتخابية إمتحاناً لمدى كفاءة الكتلة الفائزة في تقديم الخدمة إلى الشعب وبالتالي تكون أعمالها هي التي تقرر مكانتها في إنتخابات الدورة التالية . ليست حكومة المحاصصة الطائفية والعرقية قدراً للعراق فهناك الكثير من الدول يتكون شعبها من أجناس وأديان مختلفة ، وفي مستويات وعي أدنى من شعبنا العراقي ، ومع ذلك يكون النظام الديمقراطي راسخاً عندهم .

عندما إعترف الدستور العراقي بالفدرالية لكوردستان فقد أخرج الكتلة الكردستانية عملياً من كثير من معادلات تسوية القضايا المركزية . وعلى ضوء ذلك فإن التجاذب والتناحر الرئيسي في الساحة هو بين المالكي وعلاوي . فلو كان المالكي حريصاً فعلاً على مصلحة العراق إبتداءً ، لكان عليه عدم اللجوء إلى المناورة إياها وترك تشكيل الحكومة لعلاوي ( إن كان قادراً على ذلك ) . أما وقد قام بما قام به ، فالأمر منوط ، في الوقت الحاضر ، بأياد علاوي ، أن يقدم ما يثبت حرصه على العراق ومستقبله وينسحب من الحكومة بطريقة سلمية ويعمل في إطار العملية السياسية ، ويترك الساحة للمالكي ليواجه مصيره في الإنتخابات القادمة .

التمسّك بجوهر الديمقراطية والإستفادة من تجارب الشعوب الأخرى التي نجحت في تطبيقها هو الأسلوب الصحيح . وليس بالتمسك بالنموذج الهجين الذي نتخبط في تطبيقه منذ ثمان سنوات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا