الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاسدون يا سادة .. في قمة هرم السلطة وليسوا في السجون

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2011 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


اشرنا في مقال سابق بعنوان ( نحو تقليص قاعدة الاستثناءات في قانون العفو العام ) الى المحنة القاسية التي يعيشها العراق منذ اكثر من نصف قرن بسبب الحكم الدكتاتوري اولا ، ولتعرضه للاحتلال ثانيا ، وقلنا ان الظروف الاستثناية والاحوال الشاقة تولد الكثير من الظواهر غير الطبيعية ومنها ظاهرة الاجرام والجنوح ، وكانت من اثارها ان اكتظت السجون والمعتقلات باعداد مخيفة من المواطنين ، منهم مجرمون وجانحون فعلا ، ومنهم ابرياء ومشتبه بهم حرموا من حريتهم لاسباب سياسية وربما طائفية وحتى عرقية . وربما في الشهادة الاخيرة لمنظمة العفو الدولية ، والتي اشارت اليها الصحافة ، حول اعتداد بعض القضاة في العراق باعترافات منتزعة عن طريق التعذيب والايذاء واعتمادها سببا للادانة خير دليل على وجود شريحة كبيرة من الابرياء داخل السجون .
في مثل هذه الحالة ، حالة كثرة اعداد الجانحين والموقوفين والمحكومين في مجتمع ما ، يجري دائما الحديث عن حل ، وقد وجد مجلس النواب العراقي الحل في مقترح قانون العفو العام الذي صوت عليه مبدئيا في الشهر الماضي ، ورغم ان هذا المشروع يعد ايجابيا الى حد لا بأس به الا انه يضل حلا ناقصا لشمول المشروع على استثناءات غير مبررة ، ونقول غير مبررة لان الحالة العراقية في نظرنا هي التي افرزت الكثير من هذه الجرائم المستثناة من مشروع قانون العفو ، ولان وضع المعتقلات والسجون العراقية ، وضع بائس لا يسمح باعادة تأهيل هؤلاء النزلاء انما يساهم في تعريق الجريمة ودفع الكثير من المعتقلين والمحكومين الى سلوك طريق الجريمة .
طبعا لا يتوقع احد ان يكون المجتمع العراقي بكل هيئاته وافراده ، قد استوعب حقائق الوضع المأساوي الذي مر ويمر به العراق ، لذلك لا بد ان تواجه اية عملية اصلاحية معارضة من البعض ولا بد لها ان تلاقي خشية البعض لهذا السبب او ذلك .
ان البعض يبدي عن خشيته من مقترح قانون العفو العام باعتباره يؤدي ، وحسب رأيهم ، الى اطلاق سراح المجرمين ، نقول لهذا البعض نعم ، فاقصد من اي قانون عفو عام هو العفو عن المجرمين وليس الابرياء ، الابرياء اصلا مكانهم في بيوتهم وليس في المعتقلات ، واصلا لا يجوز تقييد حرية البرئ حتى يجري الحديث عن العفو عنه .
البعض الاخر ، يعرب عن خشيته من اطلاق سراح ارهابيين ، انا اكره الارهاب قدر كره كل عراقي له ، ولا يسعدني العفو عن الارهابيين ، ولكن نسمع بين فينة واخرى عن هروب ، وبالاصح تهريب عدد من رؤوس الارهاب من هذا السجن او ذلك مقابل صفقة ، حتى لم نعد نعتقد ان ارهابيا حقيقيا ظل في المعتقلات والسجون .
أغرب الدعوات المعارضة لمشروع القانون ، تاتي من افراد او جهات تدعو لعدم شمول الفاسدين بالعفو ، ونقول انها دعوات غريبة لان هذا البعض اما يعتقد بجد ان الفاسدين الحقيقيون في السجون ، كما بدا ذلك على ملامح ممثل السيد السيستاني في كربلاء عندما القى خطبة الجمعة قبل الاخيرة ، واما يعمل على التستر عليهم بالدعوة الى عدم شمول قضايا الفساد الصغيرة بالعفو .
ليس من متابع في العراق لا يعلم ان كبار الفاسدين ورؤوس الفساد يحتلون اليوم مراكز مرموقة في سلطات الدولة العراقية ، بل ان بعضهم في قمة هرم السلطة ، وانهم محصنون ضد القانون وفق مبدأ المحاصصة والتراضي والتوافق . ان الفساد يا سادة يكمن في العقود والمناقصات والتراخيص والامتيازات الخفية وجيوش الحمايات والايفادات الرسمية والتمارض لغرض العلاج في الخارج واستغلال الدين للخروج الى العمرة والحج ، والفساد يا سادة في الاستيلاء على عقارات الدولة واملاكها بعقود باطلة او غير مستوفية للشروط القانونية .
الفساد يا سادة في سلطات عليا بأبى سفير العم سام الا ان تضم كل المتناقضات وتشمل كل الاخوة الاعداء او الخصوم على اقل تقدير ،
الفساد مخطط له من السيد بايدن باصراره على تشكيل حكومة مشتتة بين فرقاء متخاصمين يحتكمون اليه كل عشية وضحاها .
الفساد في دستور للبلاد دوّن فيه الكل ، كل ما يريد
الفساد في اتفاقات تبقي الازمات والاختلافات على حالها من غير حلول .
ان الفساد الحقيقي هو ما جرى الحديث عنه عن اختفاء مليار دولار من الاموال العراقية على عهد السيد بريمر السئ الصيت ، واختفاء مليارات اخرى من حين لاخر .
ان منطق العدل يقضي ان لا يحاسب موظف او مسؤول صغير جنح عن طريق الصواب ، في حين تترك الحيتان الكبيرة طليقة لالتهام اكبر قدر من ثروة العراق وشعبه ، انما هلكت امم من قبلكم لان ان سرق فيهم الشريف تركوه وان سرق الضعيف اقاموا عليه الحد ، هكذا قال محمد (ص ) .
في الختام نقول ، ان العفو العام يجب ان يكون عاما ، وان لا يجري تخصيصه بتوسيع الاستثناءات ، ان الاستثناء الوحيد الذي استسيغه هو عدم شمول القانون للعراقيين ممن ارتكبوا جرائم الارهاب التي نجم عنها سفك الدماء العراقية .
كما لا مناص وفي المرحلة الحالية من استثناء الجرائم المشمولة بقانون المحكمة العراقية الجنائية العليا وعلى ان يجري تخفيف احكام الاعدام بحقهم .
اما جريمة الرشوة التي استثناها مشروع القانون ، فيمكن شمولها بالعفو على ان يعيد الراشي والمرتشي مبلغ الرشوة او العمولة غير القانونية الى خزينة الدولة ، وبذلك يستفيد الصغار والضعفاء من القانون ، في حين لا تستطيع الحيتان الكبيرة من رد المبلغ .
ويمكن الاخذ بالمبدأ نفسه في التعامل مع عقود الفساد الوهمية او تقاضي العمولة او توريد المواد والبضاعة الفاسدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص