الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديك منتصف الليل!!

سعد تركي

2011 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


هناكَ علاقة أثبتتها الوقائع وثبتها التاريخ، بين ثراء الوطن وفقر المواطن، حتى لأصبح في حكم البديهة أننا، حين يُعشب الثرى، نجوع، كما أشار في لحظة كشف واستبطان شاعر مبدع. لم يعد يسرّنا ويثير غبطتنا منظر الحقول المزهرة، ولا تسعدنا أنباء ثروات الوطن التي تتصدر النشرات الاقتصادية. لم يعد يهمنا أن نعلم أن الوطن يحتل المرتبة الرابعة في احتياطيات نفط العالم والثانية في الفوسفات، فضلاً عن نهرين عظيمين يمرحان فيه من الشمال إلى الجنوب. تنقبض أساريرنا حين ندرك عديد ما نملك من عقول مبدعة وسواعد قادرة على اجتراح المعجزات. الأرض الواسعة الرحيبة للوطن لا تحتمل أن تؤوي إلا الغزاة والفاتحين.. وطن لا يفتح خزائن ثروته وأبواب مساكنه لغير اللصوص والمارقين والقتلة وشذّاذ الآفاق.. وطن غاية همّه واهتمامه أن يوفر بيئة آمنة مطمئنة للفاسدين والمفسدين!!
منذ بدء التاريخ والوطن يفتح مغاليق أبوابه ويكشف صدور أبنائه لكل طامع وجد فيه ثروة يسيل لها اللعاب ومواطنين تحضّروا وتمدّنوا قبل الآخرين، فاستبدلوا السيف والرمح بالمحراث والمنجل، والخيول بالثيران والجواميس.. استبدلوا شهوة القتل والهدم والدمار بعشق الحياة والبناء. وطن نشر رسالات الأنبياء فدعا إلى الخير وبشّر بالحب والنور فاستوطنت فيه الشرور وغشيت أرضه جحافل الضغينة والظلام. كل خطيئتنا ـ عبر التاريخ ـ أننا شعب ظن قدرته إيقاف رماح المغول والتتار بأقلام الأنبياء والعلماء والشعراء ونور القلوب الصافية وسحر نهرينا العظيمين اللذين استحالا مقبرة للإبداع والمبدعين والعشاق!!
ما تبقى من ثروة الوطن صار نهباً لفاسدين ومفسدين بمنأى عن كل (ما يفسد) عليهم التمتع بسحتهم الحرام. الفضيحة لا تؤذيهم ولا تدفعهم للانتحار، لأن إزهاق النفس إثم حين يكون ممكناً إزهاق حياة من يسلط ضوءاً على وجه المفسد، وإن فاحت روائحه الكريهة وأزكمت الأنوف حمته كتلته وجنسيته الثانية من طائلة القانون.. ما تبقى من عشاق الوطن ومبدعيه الذين أدمنوا عشقه تحصدهم كواتم يعرف رصاصها خارطة الطريق إلى صدورهم العارية ويرحلون بصمت.. ما تبقى من الحلم والأمل يسلبه وقت يوشك على النفاد.
مع كل فجر نفتح القلوب لأمل أن يحمل اليوم موعداً مع الأمن والسلام والفرح.. نأمل أن نرى وطناً يحتفل بأبنائه العائدين من المنافي، الخارجين من عتمة الليالي إلى بهاء الضوء والنور. ننتظر ما لم يأت طيلة سنوات عمرنا الضائع ألماً وحزناً وكمداً.. يمر اليوم ـ كأي آخر سبقه ـ إلى منتصف ليله الذي لا يحمل سوى صياح ديك بعيد يشطب على آمالنا وحلمنا بالتصالح مع الحياة.. نتقلب يأساً وقلقاً ورعباً على جمر الليالي، فديك منتصف الليل صاح ولم تعد "الزعلانة" إلى أطفالها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يُصدر أوامرَ إجلاءٍ من رفح ويقصف شمال القطا


.. قصف متبادل بين مليشيات موالية لإيران وقوات سوريا الديمقراطية




.. إسرائيل و-حزب الله- يستعدان للحرب| #الظهيرة


.. فلسطين وعضوية أممية كاملة!.. ماذا يعني ذلك؟| #الظهيرة




.. بعد الهجوم الروسي.. المئات يفرّون من القتال في منطقة خاركيف|