الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امريكا مصغره في قلب العراق

جمال المظفر

2011 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



اقدمت الاداره الامريكيه بعد احتلالها للعراق في العام 2003 على بناء اكبر سفاره بالعالم في قلب العاصمه بغداد دون اخذ الموافقات الرسميه من الجانب العراقي في تحد كبير لاراده الشعب وانتقاصا من السياده العراقيه وكأن هذه الارض تابعه للولايات المتحده الامريكيه ..
فالسفاره التي اقامتها واشنطن في العراق تعد الاكبر في العالم فالمساحه المخصصه لها كافيه لانشاء (94 ) ملعب كرة قدم ويعمل فيها عدد كبير من الدبلوماسيين يفوق عشرات المرات اعداد الدبلوماسيين في اية سفارة بالعالم ، ناهيك عن اعداد المرتزقه الذين يعملون في الشركات الامنيه الخاصه المكلفه بحماية السلك الدبلوماسي ومقر السفاره والقنصليات في المحافظات ...
الاداره الامريكيه شرعت في انشاء دوله صغيره وتشكيل حكومه دولة السفاره في العراق برئيسها ووزرائها المعينين من السفراء الحاليين والسابقين وان هذه السفارة ستتسع مهماتها وتتضخم اعداد موظفيها بحسب وصف صحيفة هافنغتون بوست وان المخططين الامريكان عادوا الى مشروع تضخيم السفاره وتحويلها الى شبه دوله صغيره محصنه بمايكفي ومكتفيه ذاتيا ففيها مجمع سكني يتسع لسكان بحجم مواطني دولة الفاتيكان ، وان هناك اعدادا كبيره من المرتزقه ستوفر حمايه لمجموعه كبيره جدا من الدبلوماسيين والمستشارين العسكريين فيما سيرتفع عدد العاملين فيها الى ( 16 ) الف وهو عدد كبير لم تشهده اية سفارة في العالم .. وهذا يدعو الى التساؤل عن طبيعة هذا التواجد الدبلوماسي الكبير وماهيته ، وهل ستصبح هذه السفاره مركز ادارة العمليات العسكريه والدبلوماسيه في الشرق الاوسط أوربما التجسس على دول المنطقه وادارة الخطط الستراتيجيه في المنطقه بعد التغيير الذي شهدته منطقة الشرق الاوسط وفقدان الملاذات الامنه التي وفرتها الانظمه الدكتاتوريه الحليفة لها ..
اقدام الاداره الامريكيه على بناء سفاره بهذا الحجم في العراق دليل على نية بقاء طويل الامد ، واستبدال الاحتلال العسكري باحتلال دبلوماسي مخابراتي ، فما تبقى من اعداد في العراق كاف لاحداث تغييرات في العراق او حتى في الشرق الاوسط ، لان التفوق العسكري اليوم لايقاس باعداد الجنود وانما بالتكنولوجيا والاسلحه المتطوره والانظمه الاستخباراتيه الكفوءه ، لامثلما يجري في العالم العربي لحد الان التدريب العسكري المتطور مازال عباره عن ( يس - يم ) اي يمين شمال وغيرها من الفهلوات الفارغه ..
بناء السفاره بهذا الحجم تأكيد على ديمومة الاحتلال وان اختلفت تسميته ، من عسكري الى مدني ، او من عسكري الى دبلوماسي ، وكأن الاداره الامريكيه تعرف ان لا احد بامكانه ان يقول لها بالفم المليان اتركي هذا المكان لانه ارض عراقيه وارحلي ، لان من اعتلى العرش بفضل الدبابات الامريكيه لايمكن ان ينطقها ولو مزاحا ..
كيف سمحت الاداره الامريكيه لنفسها ببناء هذا المجمع الضخم فالاموال التي رصدت لبنائه تجاوزت الثلاثة ارباع المليار دولار ناهيك عن النفقات الاضافيه التي قدرت بـ ( 150) مليون دولار تضاف لها الاموال التي ستخصص كميزانيه للسفاره واجور ورواتب العاملين فيها والتي ستكون باهظه جدا لان العراق مايزال في نظر الامريكان منطقه غير امنه ، والمصيبه الكبرى انهم بنوا السفاره في منطقه تقع ضمن مدى الصواريخ بل حتى قذائف الهاون وهذا دليل على تخبط واضح او بالاحرى عدم حسبان ان غالبية الشعب يرفض تواجد الامريكان على الارض العراقيه ..
ان وجود هذه السفاره وبهذا الحجم في قلب العاصمه بغداد سيؤثر حتما في القرار السياسي العراقي وفي صناعة الازمات الداخليه ، كون الامريكان يتعاملون مع الساسه العراقيين من منطق القوه ، اي انه لولاهم لما تمكن هؤلاء الساسه من اعتلاء الكراسي ، فالتضحيات الكبيره للامريكان يجب ان يكون هناك مايوازيها ، لم تأت امريكا قاطعة البحار من اجل عيون الشعب اوالساسه العراقيين وانما هناك مصالح اقتصاديه وستراتيجيه لها في العراق لايمكن التفريط بها ..
المهم ان السفاره الامريكيه بنيت في العراق رغم انف الشعب العراقي ورغم انف الساسه ولااحد يستطيع ان يستردها من امريكا لان تكاليف بنائها عاليه جدا لايمكن سدادها من ميزانيتنا المثقله اصلا بالديون ، لاندري اندفع تعويضات للدول المتضرره من حروبنا العبثيه ام ندفع منها رواتب ( الساده ) المسؤولين الذين باتت رواتبهم تثقل الميزانيه بشكل كبير .. ولانقول في النهايه الا حسبنا الله ونعم الوكيل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل دخل الاتحاد الأوروبي في مواجهة مع الجزائر؟ • فرانس 24 / F


.. الاتحاد الأوروبي يدين القيود الجزائرية المفروضة في حقه على ا




.. هانتر بايدن. ما صحة مزاعم تتهمه بالعنف والتحرش لجنسي؟ • فران


.. هل تقف مدريد وراء إطلاق الاتحاد الأوروبي إجراء بحق الجزائر؟




.. ما موقف الجزائر من إطلاق الاتحاد الأوروبي إجراء بحقها؟