الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة

سميرة عباس التميمي

2011 / 9 / 25
الادب والفن



الفنجان

توسطت السيدة (مِسعدة) بكامل اناقتها الجلسة النسائية في مقر بيت زوجها السفير الموقر, بمناسبة المولد النبوي الشريف تتبادل الإبتسامات مع جميع المدعوات اللاتي كن معظمهن من نساء بلدها وبعضهن من بلدانٍ عربية.كانت الاناقة القاسم المشترك بين جميع المدعوات, وكأنهن يتبارين لنيل لقب (جميلة الانيقات) فألوان ملابسهن الزاهية انعكست على وجههن التي لم تُفارقها الإبتسامات وبالتالي على المزاج المرح لأغلبهن..
جاءت آخر المدعوات والتي كانت بعمر الزهور, زاهرة بزيها الأخضر المكون من قطعتين بنطال تحت الرُكبة وجاكيت طويل يتوسع نوعاً ما من منطقة الخصر الى ماقبل الرُكبة مما يبرز انوثة الجسم, وبلوزة بورود خضراء زاهية اللون. لقد انتقت زيها بدقة من خزانة ملابسها حتى يتناسب واللون السائد للأزياء النسائية في بلدها.كانت فرحة وقلقة في آنٍ واحد من دعوة زوجة السفير لها والتي تلقتها عن طريق شقيقتها , فهي تدرك بأنهم نادراً مايدعون اشخاص عاديين او يستفسروا عن احوالهم او يهتموا بهم فما سر هذه الدعوة ياترى؟
حبها لبلدها دعاها لتلبية الدعوة وللتعرفِ بفتيات ونساء وطنها متوقعةً بأن الغربة ستكسر من برودة وشكليات التعامل الرسمي بينهما, وانها ستعقد صداقات طيبة تخفف عنها بعدها عن الوطن وتُذكرها دوماً بأن هنالك نخيل وارفة الظلال حلوة الثمار مزروعة خارج حدود بلد الشمس والكافور في بلدان الجبال والثلج, تمنح عطاءها وحمايتها لأبناء بلدها.
بهذه البراءة والمشاعر الطيبة, قررت ان تُلبي الدعوة. في طريقها نحو بيت السفير, مرت ببالها اجمل الافكار ,عن اللقاء المرتقب بفتيات ونساء بلدها , عن الوقت الطيب الذي ستستمتع به معهن , وستسمع اخبار من بلدها. ما ان دخلت صالة الإستقبال حتى قامت زوجة السفير السيدة ( مِسعدة) من كرسي الرئاسة وغادرت الصالة تماشياً مع تقاليد البلد المضيف, إلا ان الفتاة استغربت سرعة خروجها من الصالة قبل تبادل التحية والسلام.ماان جلست الفتاة على الكرسي حتى القت نظرة سريعة على جميع الحاضرات لكثرة عددهن كأنهن يترقبن حدوث شيء ما.أهي مراسيم بدء الإحتفال واستغلال المناسبة على تأكيد وحدة ابناء الوطن في الخارج ؟ هذه الافكار مرت في بالها وهي تتأمل ازياء المدعوات بالألوان الجميلة مُعلنة ان الربيع قد ينبت من نفوس عامرة بالحب وإبتسامات صادقة, نابعة من وجوه تشع منها الصحة والعافية.فإذا بإحدى المدعوات تضحك بصورة متواصلة , وهي تنظر للفتاة في آنٍ واحد فاعتقدت الثانية بانها معجبة بجمالها, فبادلتها الضحك بإبتسامة لطيفة, مباشرةً سمعت تعليق لم تفهم مغزاه وهو "جحا"نظرت نحو جهة الصوت لتتبين صاحبته, إلا ان سراباً كامواج متذبذبة في الهواء وبإتجاه صاحبة الصوت منعها من التعرف على وجهها.
جلست سيدة محجبة بجانبها وعرفت نفسها بأنها زوجة القنصل, بعد مضي لحظات رجعت السيدة (مِسعدة) زوجة السفير الموقر, وهي تنظر بإتجاه الفتاة وبدأت برفع يديها نحو الاعلى , متصورة بأنه دعاء وتساءلت لو كان الأمر كذلك فلماذا لم تقله بصوت مسموع حتى تحل البركة على جميع المدعوات.
واذا بصينية وفيها فنجانين قهوة, طربت لهما الفتاة ,فلها محاولات يشهد لها بالنجاح في قراءة الفنجان ,.قُدم احدهما للفتاة وأخرى لزوجة القنصل. ماان انتهت من شربها لفنجان القهوة حتى قلبتهُ, تظاهرت زوجة القنصل بأنها تريد ان تحادثها وفي غضون ذلك جاءت شابتين وظهرهما باتجاه الفتاة, بحركة سريعة , استبدلتا الفنجانين بفنجانين آخرين متوهمتين ان لااحد من الحضور قد شاهدهما, استدارت الفتاة نحو الجهة اليُسرى حيث كان فنجانها المزعوم موضوعاً على الطاولة وانتبهت ان الفنجان الحالي ناشف وكأن قهوته قد شُربت منذ ساعات , بينما فنجان قهوتها المقلوب , سال عنه بعض من محتوى القهوة في صحن الفنجان . دفعها الفضول لأخذ الفنجان والنظر إلى محتواه وأول مارأت سماعة هاتف ملتصقة على اُذن فتاة بملامح مندهشة, ومشهد آخر , نفس الفتاة مُحاطة بجدران دائرية كأنها عربة من القرون الوسطى تمنحها الحماية, ونهاية سعيدة بعد طول معاناة ومشاكل بإنتظارها.بعد الإنتهاء من التمعن وقراءة الفنجان, ناولت زوجة القنصل فنجانها للفتاة , لقراءته فإذا بصقر في قمة الفنجان البيضاء رابض على طريق واسع وابيض , يوحي بالنصر والأمان لجميع الحاضرات , لقد كان صقر طيب قالت الفتاة لنفسها, اما المشهد الثاني فقد كان وجه نصفي لرجل بشعر طويل يصل إلى ماتحت الأُذن, شكله لايوحي بأنه عربي فالرجل العربي لا يدع شعرهُ يصل الى نهاية اُذنيه!!
بإشارة من زوجة السفير, فهمت الفتاة ان الاحتفال المزعوم قد إنتهى, غادرت والأسئلة لاتفارق بالها وعن سر الدعوة !؟
وهل كانت تلك سفارة ام قذارة ؟وهي التي كانت تعتقد بأن السفارة مرتبطة بالوطن , بالتراب, بالأهل و تقول دوماً بأن السفارة هي البيت خارج الوطن.بعد فترة ادركت بأن السفارة مرتبطة بالنظام قبل ارتباطها بالوطن,وان الشخص ان لم يُعجب به النظام الحاكم فلايكون مرحب في بلده وان كانت اسباب عدم الاعجاب مضحكة والاهم من كل هذا لااحد يقول لك سبب عدم الاعجاب بك او انك شخص غير مرغوب في بلدك .بعد فترة ليست بالطويلة تحققت نبوءات الفنجان المنقوشة بدقة,فهل كان القدر يحبك خيوطه المشؤومة بخيوط رواسب القهوة القاتمة حول حياة الفتاة ووقوعها في مشاكل ومتاعب لاحصر لها بعد ان كانت هي الأخرى مِسعدة اصبحت مِتعسة , ام ان الفتاة لم تتوخى الحيطة والحذر فوقعت فريسة نقوشات من صنع الانسان.
ألهذا تواجدت السفارة لخدمة ابناء البلد ونصحهم ام للسخرية منهم وهم كفوءٌ للبلد واهلٌ له
الساعة: 4:37 عصراً
2011-09-25








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خطأ غير مقصود
الشاعرة سميرة عباس التميمي ( 2011 / 9 / 25 - 17:24 )
ورد خطأ غير مقصود في عبارة
ستسمع اخبار من بلدها والأصح عن بلدها
وعبارة
مرت في بالها والأصح مرت ببالها
وعبارة قُدم احدهما للفتاة واخرى لزوجة القنصل والأصح قولنا والآخر لزوجة القنصل
وعبارة قالت الفتاة لنفسها والأصح قالت لنفسها الفتاة
وكلمة وهم كفوءٌ والاصح وهم كفأً للبلد واهلاً له

مع الشكر


2 - ملاحظة
الشاعرة سميرة عباس التميمي ( 2011 / 10 / 8 - 16:53 )
في السطر ماقبل الأخير وردت عبارة
بعد ان كانت هي الأخرى مِسعدة اصبحت مِتعسة
والأصح قولنا هذا على زوجة السفير لأنه من المفترض ان تكون مصدر إسعاد جاليتها المقيمة في الخارج لاإتعاسها فتكون العبارة الصحيحة كالآتي
ولماذا اصبحت السيدة مسعدة متعسة او لماذا تحولت السيدة مِسعدة الى السيدة مِتعسة

مع الشكر

اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض