الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صديقتي شيرين

أحمد بسمار

2011 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



صديقتي شيرين طالبة سورية تحضر دكتوراه في فرنسا. لها أخ متطوع في جمعية إسعافية سورية, تخفف ألم الجرحى والمرضى المعوزين في مدينة سورية, لا تبعد كثيرا عن الحدود اللبنانية, حيث تعرض عدد من رجال الجيش والأمن السوري لكمين أقامه عدد غير محدود من المسلحين الملثمين.. فقتل وجرح منهم عدة عشرات, مما أضطر أخا شيرين, لنقل بعض من القتلى والجرحى إلى أقرب المستشفيات لأقرب مدينة سورية.
أيقظتني صديقتي هذا الليل. إذ إنها تتصل عدة مرات بعائلتها في سوريا, بواسطة الهاتف أو الأنترنيت, قائلة لي وهي تشكي وتبكي, أخي يا أحمد.. أخي. لقد ذهب منذ أكثر من 24 ساعة لإسعاف الجرحى وليس عند أهلي وليس عندي منه أي خبر.
هذه هي سوريا اليوم. هذا البلد الطيب الأمين.. قلق وخوف وهلع في قلوب المواطنين الصابرين.. في قلوب الأهالي المنتظرين أبنائهم وأخواتهم وأزواجهم.. كأنما سوريا أصبحت حـفـرة الـمـوت ومرتع العصابات المأجورة التي تقتل وتروع على الهوية.. وحسب الهوية.. ويا ويل من يحمل اسما لا يرضي مزاج المهولين المروعين والقتلة والقناصة الملثمين المحترفين.
سوريا التي كان أمنها وأمانها أطيب وأصح من أية قرية سويسرية, أصبحت مع مزيد الخوف والألم والحزن الأكيد, غابة يرتع فيها ذئاب لا دين لهم ولا مبدأ, تصرخ هادرة الله أكبر وهي تنهش وهي تقتل, رافعة أعلام الله طالبة عونه وبركاته.. ولا أسمع صوت هذا الإله ولا الأمراء الذين يتكلمون باسمه يصرخون لعبيدهم : كــفــا!!! ولا يطلبون سوى المزيد من شظايا اللحم والدم والرؤوس المفصولة والأيادي المقطوعة والترويع والتهويل في سبيل الحرية والديمقراطية وإسقاط النظام.............

أتساءل أيها القتلة.. أتساءل يا أمراء القتلة.. هل تستحق سوريا كل هذا؟؟؟ هل تستحق الحرية كل هذا؟؟؟ وماذا تفيدكم الديمقراطية وأياديكم ملوثة بدماء أبناء وطنكم.. وسيوفكم تتكسر على رقاب بريئة, ما ذنبها سوى أنها تحمل اسما ليس من عشيرتكم. كأنما المواطنة لم يتبق منها سوى اسم حي ترابي في قرية مجهولة, أو عشيرة واحدة, أو مذهب لم يعد يقبل أي معتقد أو مذهب آخر.

أهذه هي سوريا اليوم.. وما آلت إليه. بعدما وزعت الحضارة والثقافة والإبداع إلى العالم كله.. أصبحت البلد الذي يروع أهالي حارة صديقتي شيرين.. وأهل صديقتي شيرين.. والسكان المسالمين. أصبحت بلد القتل والقنص والإرهاب والتهويل والترويع, والجار الذي لا يأمن لجاره. لأنه يحمل إسما لا يشبه اسم هويته!!!...
يا قوم بلدي استيقظوا من غيظكم البركاني المحموم.. وهل تستحق حريات العالم كله أن يقتتل سكان بلد واحد بين بعضهم البعض, ويتمزق آلاف الأبرياء؟؟؟ هل تقتتلون من أجل الحرية أم أجل اختلاف الرأي والشكل والفتوى والمعتقد؟
من يهيجون حيوانيتكم من فضائيات بعيدة, بكلمات معسولة, آمنون في مكاتبهم ومحطاتهم, هم آمنون بعيدون عن كل خطر.. قابضون ثمن أرواحكم الرخيصة مليارات ومليارات من براميل النفط الوسخ. والخطابات العرعورية وفتاويها بالقتل والذبح والقنص وسحل الجثث, كيف يرضى إلهكم بها إن كنتم تؤمنون...
كيف تقبلون قتل جاركم البريء, بعد أن عشتم معه خمسين سنة, وأنتم تحملون نفايات ضمائركم بكل طمأنينة, كأنما تذبحون خراف العيد؟؟؟... وكيف بعد كل هذا تستطيعون الركوع أمام إلهكم طالبين بركاته آمنين؟؟؟...
يا أهل بلدي.. يا قوم.. يا بشر..
ألا تستطيعون أن تفكروا لحظة واحدة أن أردوغان وحمد وأوباما وساركوزي وغيرهم, لا تهمهم لا حريتكم ولا هناءكم ولا سعادتكم ولا مستقبل أولادكم. لستم في نظرهم وتحليلاتهم أكثر قيمة من الحجارة التي ترمونها على أفراد جيشكم الذين هم أخوتكم وأبناء عمومتكم وجيرانكم. وعندما يصلون إلى مآربهم, ولست أدري إن كنتم تفهمون أو تحللون. عندما يصلون إلى مآربهم التي هي خرابه ومواته وتشتيتكم وتمزيقكم, ليعيش بلد إسـرائيل ومؤسساته العالمية التي يعملون لها منذ تكونوا ونشؤوا وحضنتهم هذه المؤسسات الإجرامية التخريبية التي يخدمونها وحدها بولاء كامل...وليعم تصحير كل البلاد التي تحيط بها, لتبقى صيانتها وديمومتها وأمانها إلى الأبد, ويصبح أبناؤكم عبيدها المنتجين...
استيقظوا.. تحاوروا.. تشاوروا.. اتفقوا وابنوا مصيركم ودفاعكم وحرياتكم ;ومستقبلكم معا.. بين بعضكم البعض قبل أن يفوت الأوان.. ويعم الحزن عليكم.. كما يسيطر اليوم على عائلة صديقتي شـيـريـن!!!...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2011 / 9 / 26 - 03:30 )
أخي احمد المحترم تحيةلك أتابع كافة كتاباتك وأقدر فيك حرصك على وطنك وصيانته. لكن لي ملاحظة عابرة وهي أن من أستخدم النار والرصاص أولاً كان النظام وليس المواطن . هذه التظاهرات المعارضة للنظام والمناهضه له لو كانت في بلد ديمقراطي لسقط منذ زمن طويل ,لكن الأنظمة الديكتاتورية لا تسقطها التظاهرات . بل يستأسد النظام دفاعاًعن مصالحة .لذا فمن يطلق النار على شعبة ليس فاقداً للشرعية بل أيضاً لأية قيم أخلاقية . هل شاهدت معركة النظام ضد الحمير ..؟حتى الحمير لم تسلم من الرصاص الحي . مع التحية لك


2 - مـلاحـظـة
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 9 / 26 - 06:42 )
هذا ما يرعب وما يخيف اليوم في بلدي. حتى إلى دعوة للسلام والتآخي بين الشعب السوري, هناك فئة من الأنتليجنسيا المفكرة, التي تعيش في الغرب آمنة مطمئنة, بعيدة عن كل خطر, مراقبة كلماتي وحيادي ودعواتي للبعد عن العنف والبطش, تعطي آراءها في المشكلة وتشحط كل ما أكتب..................
كم أرغب أن تناقشني.. من غربتنا, علنا نجد معا بعض الحلول البسيطة المعقولة لإبعاد العنف عن بلدنا وأهالينا.. وخاصة هنا بين أفراد جاليتنا والصداقات التي تتمزق...
وللجميع هناك وهنا...تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة


3 - رد إلى سيمون خوري
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 9 / 26 - 06:53 )
هل قرأت في كل ما كتبت, كلمة واحدة أدافع فيها عن النظام, أو أي نظام؟
كل ما يشغلني, يا سيمون الغالي, كل هذه الدماء التي تراق. وخاصة الناس العاديين والمجندين ـ بلا رتبة ـ الذين تراق دماؤهم بالمئات..بينما من يحرك ويـهـيـج كل هذا قابع في صالونات باريسية أو أمريكية أو اسطنبولية أو قطرية.....وحتى هنا تمزق الأصدقاء....
لا بد أن نجد حلا لكل هذا... ولو أنني متشائم يائس مما تبقى من الحلول...
ولك مني هذا الصباح أصدق تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة


4 - مشكل سوريا عويصة
فينوس صفوري ( 2011 / 9 / 26 - 08:04 )
مرحبا احمد
كلمة حق أنت رائع بقدر روعة سوريا ونهر الخابور والفيجي
لا استطيع القول أكثر من هذ فعنوان ردي واضح


5 - قناة الدنيا
monsef ( 2011 / 9 / 26 - 09:56 )
مقال يصلح لقناة الدنيا وبعيد عن التفسيرات لماذا لايسمح النظام السوري بالاعلام ليغطي ما يحدث على ارض الواقع ام نلقي اللوم على هذا وذاك


6 - رد إلى : فينوس صفوري
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 9 / 26 - 10:00 )
ماذا يـفـيـد صدق كلماتك وكلماتي المخنوقة الجريحة, إن لم تسمع على أرض الواقع.. ويبقى مستقبل البلد وشعبه وأرضه وميراثه وحضارته, ملغوما متفجرا مسدودا يائسا...ضائعا في وادي الغيبيات والتعصب والطرشــان .........
وحتى نجد حـلا مشتركا معقولا سليما مسالما...
لك مني أطيب تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة


7 - رد بسيط للسيد منصف
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 9 / 26 - 10:31 )
يا سيد منصف. يا طيب. يا شيخ الشباب. أنا لا يهمني لا قناة الدنيا ولا الجزيرة ولا
أو BBC
أو العربية FRANCE 24
ولا أصدق حتى هذه الساعة أية واحدة منها...
همي الأول هو هذا الاقتتال داخل الأسـرة السورية وما يجلب لها من مصائب لا حـصـر لها من الداخل والخارج ومن أولاد عمومنا ومن منتفخي الصالونات في باريس واسطنبول وواشنطن وقطر.. وغيرها... همي هم المواطنون البسطاء, على الأرض والذين سوف يحرمون من لقمة عيشهم وأبسط حرياتهم العادية الإنسانية, بسبب ديمومة هذه الأزمة المستوردة.
ألا يمكن أن نتفاهم ونجد حــلا مشتركا, بدلا من تراشق التهم وتوسيع الأزمة التي مهما كانت نهاياتها, سيبقى كل رابح فيها خـــاســر.. خـاسـر.. خاسر!!!................................
ولك مني تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة
.


8 - احم احم ..
درويش السيد ( 2011 / 9 / 26 - 13:46 )
تموت التمنيات والاحلام عندما تصبح القذارة تاجا و ... ع ن د م ا .... تمتنع الاذان عن سماع انين الضمير ... قلت لصاحبي ذات يوم هل رايت ما ارى ؟ .. ف أجاب لا ..الا تدري بأني ارى بعين واحدة , ..ثم سألته ثانية ... هل تسمع ما اسمع ؟ ... أجاب لا .. ألا تدري انني اسمع بأذن واحدة فقط . وكان ياما كان -- في بلاد هكذا زمان -- عميان وخصيان من كل الاجناس والمذاهب والاديان طرشان وعميان ... وبلاء على الناس والبلد والوجدان ... واهلا بك دائما عنوان لكل الهب ل ا ن.


9 - رد إلى : درويش السيد
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 9 / 26 - 15:15 )
أستاذ درويش السيد
شكرا لك ولهذا الموقع على تعليقك الإحــمـي.
مع تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة.

اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يطلب من سكان أحياء إضافية شرق رفح إخلاءها ر


.. في سابقة إسرائيلية.. رسالة تحذير من رئيس الأركان لنتنياهو| #




.. مجلس الأمة الكويتي.. لماذا حلّه أمير البلاد وماذا تعني هذه ا


.. قيس سعيد يا?مر بمحاسبة من غطى العلم التونسي بخرقة من القماش




.. وصف بالأقوى منذ عقدين.. الشفق القطبي يزين سماء عدة دول أوروب