الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990-طيارون ألمان في بغداد /15

نزار ياسر الحيدر

2011 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعتد البغداديون على مشاهدة رجال اجانب يرتدون زيا عسكريا ( بدلات طيارين ) ويحملون بايديهم اجهزة اللاسلكي اينما ذهبوا وهم يتجولون اما بسيارات رباعية الدفع مثبت عليها رمز الامم المتحدة (UN) بيضاء اللون ويثبتون على اعلى اذرعهم العلم الالماني وتحته شعارالامم المتحدة الدائري الازرق في دولة كانت تمنع ان تعلن على وسائل الاعلام حتى درجات الحرارة !! ومثقلة بالتوجسات الامنية والاستخبارية ، كان هذا في بغداد عام 1991 حيث كان مقر سكنهم وسط بغداد في فندق فلسطين ميريديان وكانت اعدادهم بالعشرات ، لقد كان واجب هؤلاء الطيارين قيادة طائرات الهليكوبتر التي تنقل مفتشي الاسلحة الدوليين الذين جاؤوا الى العراق بموجب قرارات مجلس الامن للبحث عن الاسلحة الكيمياوية والبايولوجية والنووية حيث كان يسكن هؤلاء المفتشون في فندق القناة الذي خصص ليكون مقرا لبعثة الامم المتحدة وسكنا للمفتشين الدوليين الذين كانوا يأتون على شكل مجموعات وحسب تخصصاتهم ومن جنسيات مختلفة وبشكل مفاجئ ليقوموا بزيارة المواقع المختلفة في العراق تلك التي يعتقدون انها منشآت لخزن او تصنيع هذه الاسلحة يرافقهم مسؤولون عراقيون لايعلمون الى اين يتجهون مع رتل المفتشين إذ لم يُسمح لهم أن يعلموا وجهتهم ليفاجئوا تلك المواقع ومن فيها فيفتشوها بحثا عن الاسلحة المحرمة التي قررت الامم المتحدة نزعها من العراق وكانت هذه الفرق تزور العراق متى تشاء وتبدأ بالتفتيش متى تشاء، وأينما تشاء، وتتكرر زيارة هذه الفرق وربما يصادف اكثر من فرقة تزور العراق ويمكن ان يستخدموا طائرات الهليكوبتر الخمس التي جيء بها من المانيا خصيصا الى العراق وهي مخصصة لمسح الاراضي العراقية من الجو بواسطة اجهزة متطورة مثبتة فيها للكشف عن مكان خزن هذه الاسلحة او الاستشعار بها او بمكوناتها، وكان هؤلاء الطيارون يتناوبون على قيادة الطائرات بالاضافة الى ما تقوم به طائرات الأواكس وعمليات التجسس؛ ليمسحوا العراق من الشمال الى الجنوب .
كل هذا عرفته عنهم لانهم كانوا يسكنون - كما قلت - في فندق فلسطين ميريديان وسط بغداد حيث كان محلي الثاني للصياغة والمجوهرات ضمن المحلات التجارية للفندق، اذ سرعان ما اصبح هؤلاء الطيارون زبائن لي وأخذوا يترددون على محلي ويشترون مني هدايا لعوائلهم واصدقائهم عندما يسافرون الى المانيا كل شهرين ليبقوا هناك لفترة ثم يعودون الى العراق وهكذا .
في اغلب الاحيان كان لي حديث معهم حول واجباتهم في بلدنا فيتحدثون عن امور تحصل في العراق وكأنهم اكثر من عراقيين فقد أدركتُ أنهم يعلمون كل تفاصيل جغرافية العراق وهذا امر طبيعي بحكم عملهم التجسسي كما انهم يتحدثون عن عمليات تكرار متعمد لكل المناطق المشتبه بها لانهم يعلمون ان النظام العراقي يناور ويتحايل بتحريك المواد والاسلحة التي قررت الامم المتحدة نزعها منه .
في احدى المرات وبعد اقل من ثلاثة اشهر على دخول هؤلاء الطيارين الى العراق دار حديث بيني وبين مجموعة منهم حول الوقت المتبقي لمهمتهم في العراق وعن عودتهم الى المانيا فاستغرقوا بالضحك وبدوا مندهشين لسؤالي عندها اجابوني ( ان الحد الادنى لمهمتهم هي ثلاث سنوات !!!) ،وبالفعل حصل ما قاله هؤلاء الطيارون .
اما فرق التفتيش فامتد عملها لاكثر من اثنى عشر عاما حتى الاجتياح الامريكي للعراق في عام 2003 واسقاط نظام صدام حسين ،وقد كانت علاقتهم بالحكومة بين مد وجزر فتارة كانت تتأزم العلاقة وتارة كانت تبدو مرنة بعض الشيء لم يتركوا دائرة حكومية الا وفتشوها ولا مخزنا او مزرعة او دورا حكومية على امتداد العراق الا وفتشوها بحثا عن الاسلحة المحضورة التي قررت الامم المتحدة نزعها من العراق فقد كانت تتأزم الامور وتصل حتى القطيعة وطرد المفتشين، وقد تم نصب كامرات في المصانع التي يعتقد انها تنتج اجزاء هذه الاسلحة مثل الصواريخ وتم هدم وتدمير المنشآت التي اعتبرت منشآت نووية وتأزمت الامور حتى قامت الولايات المتحدة بقصف اهداف منتخبة في العراق بواسطة صواريخ توما هوك من عرض البحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر وعرفت في العراق ( عدوان الرجعة الاولى والثانية) ثم بعد ذلك يجبر العراق بقبول قرارات مجلس الامن ويدخل تحت طائلة قرارات جديدة ومذلة بعد ان تعود على لعبة الاخلاء اي فك وتفريغ المعدات والمكائن الحساسة للتصنيع العسكري عند اي توتر او تهديد بضربة جديدة حتى اشيع ان العراق قد وضع الاسلحة المحضورة في شاحنات تدور طول اليوم بشوارع وطرق العراق لكي لاتقع بقبضة المفتشين الدوليين وهكذا استمرت لعبة القط والفأر طيلة الاثني عشر عاما وتحت ضغط حصار جائر لكل شيء ومفصل من مفاصل الحياة في العراق حتى وصلت فرق التفتيش الى القصور الرئاسية التي ادعت ان تحتها مخابئ سرية لهذه الاسلحة ولم تسلم من التفتيش غرف نوم صدام حسين بعد ازمة كبيرة وعاصفة حصلت حول هذا الموضوع بالذات!!، الملفت للانتباه انهم لم يجدوا في العراق اسلحة ذرية ( كما ادعوا بوجودها ) كذلك لم يجدوا اسلحة كيمياوية او اسلحة بايولوجية بالرغم من ورود قصص مفبركة سربت الى الاعلام تؤكد وجود هذه الاسلحة ولكنهم وجدوا مصانع لصنع الصواريخ ( سكود ) وبعد ان حصروا اعدادها امروا فرق التفتيش والكوادر العراقية بتحطيمها والتخلص منها .
في احد الايام استدعي أخ لي يعمل طبيبا اختصاصيا بالطب النووي في بغداد وبشكل سري الى القصر الجمهوري فوجد انه كان ضمن لجنة من جميع الاختصاصات عددها حوالي عشرة اشخاص تعرف عليهم هناك وامروا بعمل زيارة ميدانية الى موقع التويثة الذري القريب من سلمان باك وطلب منهم ان يجروا تقييما عاما وشاملا من قبل ديوان الرئاسة العراقي وبأمر من صدام شخصيا للبرامج التي يعمل بها المركز وبعد مدة من الوقت والذهاب والاياب والاطلاع العلمي قدموا تقريرا سريا مغلقا الى ديوان الرئاسة ليسلم الى صدام شخصيا ولم يكن أحد ليتجرأ على افشاء محتوى هذا التقرير الا بعد السقوط وكان اخي خارج العراق للعمل حينها علمت منه عند زيارتي له لاحقا ان التقرير الذي قدم لصدام يقول انه لاتوجد امكانية لعمل اي اسلحة نووية ولا اي اجزاء من هذه الاسلحة في الوقت الحاضر او السنوات القادمة ، اما البحوث والدراسات التي اوهم صدام بها بعض الأفاقين والدجالين من عصابات التصنيع العسكري فهي مشاريع وهمية غير قابلة للتطبيق او العمل عليها بسبب نواقص وضعف تكنولوجي وان غاية هؤلاء هي سحب المكرمات والحوافز المالية السخية التي كان يغدق عليهم بها صدام ومن الاموال التي يطبعها التصنيع العسكري بدون اي رصيد حتى تحول الدينار العراقي الى ان قيمة الورق والحبراغلى من قيمته كعملة!! .
لقد كانت فرق التفتيش التي احتلت العراق لاكثر من اثنى عشر عاما تتقاضى مرتبات خيالية وسكن ونقل نوع خمس نجوم ورفاهية لامثيل لها من اموال الشعب العراقي التي كان العراقيون محرومين منها وتغدق بسخاء عليهم وتستقطع من اموال النفط الذي كان يصدر على اساس مشروع النفط مقابل الغذاء والدواء فكانت هذه الاموال تعتبر ديونا ممتازة على الشعب العراقي تستقطع من اموال النفط قبل ان يصرف المتبقي منه لشراء الحاجات الاساسية للغذاء والدواء وقد قصدوا من ذلك إلغاء إنسانية الشعب العراقي إذ أرادوا له ان يعيش ليأكل ويسد رمقه فحسب.
لقد كانت قرارات جائرة ادمت ودمرت العراقيين واهانتهم واذلتهم ولم يمر على شعب بالعالم مامر على العراقيين من ظلم وجور اشترك فيه وسببه صدام ومن هم حوله من رداحين ومنافقين ليبنوا له مجدا زائفا كذلك فان المجتمع الدولي والدول العظمى التي تقود مجلس الامن اشتركت بهذه الاهانة والظلم على العراقيين واصبحت الامور كمن يضرب آخر ويؤذيه ويعود عليه ويطالبه بثمن جهد الضربة التي وجهها له !!!!؟ وها نحن حتى اليوم وبعد اكثر من ثماني سنوات نعاني من نتائج هذه السياسة الظالمة والعراق لايزال تحت البند السابع ما يعني ان العراق لايزال يهدد الامن والسلم العالمي !! فلكم ان تتصوروا ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجرد أقتراح
Hakim Amin ( 2011 / 9 / 27 - 06:32 )
ما المانع من نشر هدة المعايشة اليومية---لتلك الفترة --فى كتاب ؟
مجرد سؤال؟
لك منى ود

اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟