الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطالباني وعباس على منبر هيئة الامم المتحدة

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2011 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


كانت لحظة سعيدة وتاريخية حينما قدّم الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس، وبكل شجاعة و ثقة بالنفس ، طلب شعبه الفلسطيني الى السيد بان كي مون الامين العام للامم المتحدة بقبول دولة فلسطين عضوا كاملا في المنظمة الدولية ، ومهما يكون نتيجة الطلب ومواقف اعضاء مجلس الامن ، فقد اراح محمود عباس ضميره وادّى واجبه بشرف تجاه شعبه ، انه توّج نضاله الطويل في سبيل حرية فلسطين بايصال صوت الفلسطينيين وحلمهم المشروع الى اكبر الهيئات الدولية واوقع فرحا عامرا في قلوب الباحثين عن الحرية في كل بقاع هذا العالم .
لم يركع السيد عباس لكل تهديدات الدولة الاسرائيلية المتغطرسة ، لم يثنيه عن عزمه في ترجمة الامال الفلسطينية كل وعود امريكا وضغوطاتها ووعيدها وترهيبها ، لم يفكر في المساعدات الامريكية التي يمكن ان تنقطع ، وبالتالي لن يتمكن حتى من تأمين مصاريف سفره او تسديد رواتب وزرائه ، المسألة هو مسألة مبدأ ، وعضوية فلسطين في الامم المتحدة حق مشروع ، والسيد عباس مقتنع ان الساكت عن الحق هو شيطان اخرس ، فقال كلمة حق وليكن بعدها الطوفان .
عندما اعتلى السيد جلال الطالباني المنبر نفسه الذي اعتلاه محمود عباس ومن قبلهما نيلسون مانديلا ، خالجتني احاسيس وعواطف بهيجة ، سحبت شهيقا عميقا وحسبت انفاسي ، ورددت بيني وبين نفسي ، انها اللحظة التاريخية المناسبة يا رجل ، عفوا يا فخامة الرئيس .
لم تمض غير دقائق حتى وقع نظري على الوفد المرافق للسيد الطالباني داخل اروقة الامم المتحدة وفي الجلسة الرسمية ، كان ضمن الوفد قياديان من حزب الرئيس لا يحملان اية صفة رسمية لا في السلطة الاتحادية ولا في حكومة اقليم كردستان ، احدهما اتهمته الصحافة قبل اقل من شهر بالوقوف وراء اعتداء آثم على صحفي في كردستان وضربه ضربا مبرحا حتى ادموا رأسه . صرفت توقعاتي لان القادة الذين يتحركون في الاطار الحزبي نادرا يترجمون طموحات شعوبهم ، ونادرا يعبرون عن هذه الطموحات حتى ان اتتهم الفرصة الذهبية ، وهم لا يصنعون التاريخ ابدا .
بدأ الرئيس الطالباني كلمته بلسان عربي فصيح ، وكنت اتمنى ان يلقي كلمته امام رؤساء العام بلغته الكردية وان يدعو الدول التي تمنع هذه اللغة الى رفع القيود عنها اسوة بالعراق ، لم يكن هناك اي قيد على تحدثه بلغته فالدستور الذي جعله رئيسا يقر برسمية اللغة الكردية واللغة العربية في الدولة العراقية الحديثة .
انتهى الطالباني من كلمته ، ولم اكن اتوقع ان تركز الصحافة العراقية على مسألة مخصصات سفره ، فالحقيقة انا لم يسبق لي زيارة امريكا والعيش فيها ولا اعلم ان كان مبلغ المليوني دينار مناسب لتغطية مصاريف السفر والاقامة لمدة تزيد عن الاسبوع ، او ان المبلغ مبالغ فيه . هذا الامر اصلا لا يعنيني ولا يجعلني اسوق المبررات او ارد على الاتهامات، لان الشعب الكردي ليس طرفا فيه ، ما يعنيني هو ادعاء بعض القوى السياسية ان الرئيس اختزل العراق في كلمته بالتحدث عن كردستان . والحقيقة ان الرئيس لم يولي اهمية لكثير من مشاكل العراق ولكنه خاب ظن اهالي كردستان بالمرة .
لا اقول كان يمكن لفخامة الطالباني ان يقتدي بالرئيس الفلسطيني ويطلب قبول كردستان عضوا في الهيئة الدولية ، ولكن كان يمكنه ان يؤكد على حق الكرد في امتلاكهم دولتهم الوطنية ، كان يمكنه الدعوة الى احترام حقوق الكرد والحوار معهم ونبذ العنف في التعامل مع قضية مشروعة، وكان حريا به ان يؤنب اولئك الذين يشنقون شباب الكرد بدل ان يوجه اليهم الشكر لاطلاق سراح اثنين من الامريكيين ، لا لان هذين المواطنين الامريكيين لا يستحقون الحرية انما لان دولة او عدد من الدول العظمى تقف معاضدة لهم ، بينما شباب الكرد لا ناصر لهم ولا نصير ، كان يمكن للطالباني ان يطلب وبقوة ايقاف قصف المناطق السكنية في كردستان وان يشخص المعتدي بجرأة ، لا ان يدعو لوقف القصف ثم يستقبل في اليوم الثاني القائم على عمليات قصف كردستان وكأنه يعد كلمته بروتوكولية او غير جدية وربما لذر الرماد في عيون الكرد والعودة الى مجاملة المحتل .
كانت فرصة ليتعرف العالم على القضية الكردية في الشرق الاوسط ، فرصة لم يستغلها الرئيس الطالباني لصالح شعبه مثلما فعلها الزعيم محمود عباس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24