الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شموع كهرمانة وشيزوفرينيا الشعر

رحمن خضير عباس

2011 / 9 / 27
الادب والفن


الشاعر الحقيقي هو الذي يتوهج بالهموم الأنسانية . يعبر عنها أو يتوهج على جمرها . الشعر ليس اتقان الكلمة وجمال الصورة . إنه كيمياء القدرة البلاغية معجونة بهموم الأنسان ومشاغله . بمعنى آخر فالشاعر لايُتقن الحقد ولايعرف الكراهية , لأنه ينبغي أن يجمع بين براءة طفل وحكمة فيلسوف . اعظم الشعراء ماتوا وهم في ريعان الشباب ( السياب , الشابي , لوركا ..الخ ) لقد منحوا العالم اجمل مالديهم قبل أن تنطفىء حياتهم . البعض الآخر يظل محافظا على العطاء , تصقله السنين والتجارب فيبقى متألقا وهو في خريف العمر , نيرودا مثلا .. لكن السنين تتحول الى عبىء لدى البعض من الشعراء , لأنهم ينساقون الى حضيض الخرف , بحيث أن محبيهم يتمنون لو أن الموت الجميل أطفأ فيهم شيخوخة الروح واورامها , سعدي يوسف مثال على ذالك .. والشاعر سعدي يوسف كبير في شعره وفي تجربته الحياتية . كانت اشعاره تتوهج في ليل الغربة . تتألق في لحظات الفرح ولحظات الحزن ايضا . كانت قصائده تُهرّب و تتسرب الى السجون , تُقرأ بين موائد الندمان , تُقدّم كباقة ورد بين العشاق . كم تغنينا بها ( ياسالم المرزوق ..خذني بالسفينة , بالسفينة ..) . كانت قصائد الأخضر بن يوسف ومشاغله بوصلة المغتربين والمهاجرين والمنفيين في ارض الله الواسعة . لقد هرم سعدي واصبح مستبدا ونرجسيا , متناسيا تأريخه الرائع , وشاعريته وانسانيته . لقد تلوث بداء الوهم . وظل يكيل التهم والشتائم ذات اليمين وذات الشمال . حتى أن الثورات في ربيعها ماهي الاّ مؤامرة استعمارية , وكأن القذافي وبن علي ومبارك ضحايا لمشروع صهيوني ! . لقد كان موقفه من هذه الثورات يدعو الى السخرية , فكيف يصدر هذا الموقف من شاعر وطني قضى اغلب حياته في المنافي ؟
لقد كتب مقالة عن اقتراح من قبل ألأستاذ عزيز سباهي موجه الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي . وبدلا من ان يناقش فحوى المقترح إنهال بالقدح مرة وبالشتم مرة اخرى على فقيد الثقافة العراقية كامل شياع , ووصفه بالعميل للأحتلال وبأنه تافه وغير جدير بان تضاء له الشموع في ساحة كهرمانة !
إن الأساءة للراحلين لاتنم عن حكمة , حتى وإن كانوا اعدائنا , فكيف بحالة كامل شياع , اضافة الى ان موروثنا الثقافي لايسمح لنا بمس الموتى , وان التطاول عليهم في هذه الحالة يعبر عن سلوك مشين ومعيب ولايعبر عن رجولة . فكيف إذا بدر من شاعر كسعدي يوسف . يستطيع ان يشتم – كعادته – الحزب الشيوعي , ففيه من الكتاب القادرين على الرد . كما يستطيع ان ينتقد الأخطاء او السياسات . فهذا حق طبيعي . لكنه يترك كل ذالك ويتعرض لشخص سقط شهيدا في سبيل الوطن , فإن هذا يدخل في باب الأستهتار بالقيم التي تدعونا الى احترام الأموات واجلالهم . وكم كان سعدي مؤثرا حينما رثى ابنه , وقد شاركناه الحزن – كقراء – حتى امتزجت دموع كثيرة . تلك التي جمعها الوجع الأنساني الذي يتسامى على الأحقاد . اتمنى على الشاعر سعدي يوسف ان يتجاوز عقده وان يتراجع عن اخطاءه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر